‘الجنون الروسي’… هل تشتعل حرب عالمية ثالثة؟ |
السبت, 26 أبريل 2014 00:20 |
أعلن وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير الجمعة ان الوقت يضغط لوضع حد لما اسماه بـ ‘الجنون’ في اوكرانيا، وطالب روسيا باحترام ‘سيادة الدول الاخرى كما هي متمسكة بسيادتها’، بينما تتهم كييف موسكو بالسعي الى اشعال ‘حرب عالمية ثالثة’ عبر دعم الانفصاليين في شرق اوكرانيا، فيما قال البيت الأبيض ان اوباما اتفق مع حلفائه اثر مؤتمر عبر الهاتف الى ‘أن الولايات المتحدة مستعدة لفرض عقوبات موجهة للرد على تحركات روسياالأخيرة’، في اشارة الى الحشود العسكرية الروسية على الحدود الشرقية لاوكرانيا، ورفض الانفصاليين لتطبيق الاتفاق بين موسكو والغرب في جنيف مؤخرا بالانسحاب من مدينة سلافيانسك التي يحاصرها الجيش الاوكراني. فهل نحن على ابواب حرب عالمية ثالثة حقا؟ ام ‘بعث جديد للتاريخ’ الذي زعم فرانسيس فوكوياما نهايته في كتابه الشهير بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في العام 1991؟ ام امام حقبة جديدة او نظام عالمي تصيغ ناموسها الخاص بالاستناد الى قوانين حقائق القوة، وليس ‘الاحلام المتكسرة’، سواء تلك التي وردت في كتاب ‘المادية التاريخية’ لكارل ماركس، بشأن، نهاية تاريخ الاضطهاد الانساني مع زوال الفوارق بين الطبقات، او التي روج لها هيغل ومن قبله استاذه الن بلوم، بانتهاء الظلم مع استقرار نظام السوق. لقد اختلفت المعطيات السياسية والايديولوجية للصراع، حتى تبدلت هويته، وليس طبيعته فقط، الى حد يجعل اكبر المدافعين في اوروبا عن روسيا اليوم هم رؤوس النظام الرأسمالي وشركاتهم المستفيدة من الفساد في النظام السياسي الذي يحكم في موسكو، ويمكنهم من تحقيق ارباح هائلة، وهم مستعدون من اجل استمرار تلك الارباح ان يستثمروا اموالا طائلة في اسقاط اي حكومة اوروبية ‘ديمقراطيا في الانتخابات’ اذا فرضت عقوبات اقتصادية حقيقية على روسيا. وهكذا يمكن فهم هذه ‘اللهجة الساخرة’ التي لا يحاول سيد الكلرملين اخفاءها، كلما اضطر للاجابة عن سؤال بشأن العقوبات الغربية. وكما انه ليس صراعا ايديولوجيا، فهو صراع لا يمكن ان يضع قناعا اخلاقيا، او يتمسح بالقانون الدولي الذي ‘طوعته’ الولايات المتحدة ليبرر غزوها الاجرامي للعراق، وقتل اكثر من مليون شخص، ثم اغلقت كلتا عينيها وهي ترى جرائم الحرب ترتكب يوميا ضد الفلسطينيين والسوريين وغيرهم. من جهته فان بوتين اصبح لا يكاد يخفي نواياه في ان يتدخل عسكريا في اوكرانيا للدفاع عن ‘التراث الروسي’ فيها، وهو ما تمثل بارساله الحشود العسكرية الى مسافة لاتزيد عن كيلو متر واحد من حدودها. بل انه لا يكاد يخفي احلامه الامبراطورية، وهو الذي كان صرح بأن ‘انهيار الاتحاد السوفييتي كان اكبر كارثة شهدها القرن العشرون’. اما تصريحات وزير الخارجية الامريكي جون كيري عن ان ‘المجتمع الدولي سيقدر اي تحرك روسي نحو التهدئة’، فهي اقرب الى الاستجداء واثارة الشفقة منها الى اجبار الدب الروسي على مراجعة موقفه. وهكذا تتجه الولايات المتحدة التي يزور رئيسها كوريا الجنوبية بعد اليابان والسعودية، في محاولة لترميم تحالفاته المتآكلة، ومن ورائها الاتحاد الاوروبي، المثقل بازمة اقتصادية لا تريد ان تنتهي، الى ‘لحظة الحقيقة’ التي سيتعين عليهم فيها الاختيار بين الانجرار الى مواجهة ‘الجنون الروسي’، لتبدأ فصول ‘اكبر كارثة في القرن الواحد والعشرين’، او الاستسلام للتعايش مع فقدان ما تبقى لهم من مصداقية، على انقاض نظام عالمي مهترئ، كانوا هم من اول من سخروه لخدمة القوة على حساب الحق. اما الذين يتحدثون عن حرب عالمية ثالثة، فلهم ان يسترخوا قليلا وان يتذكروا ما كان يعرف بـ ‘دبلوماسية حافة الهاوية’ التي منعت لنحو نصف قرن اندلاع حرب نووية تدمر العالم مئات المرات، وخلاصتها ان الطرفين يقومان بالتصعيد المتبادل حتى يظن العالم ان النهاية اقتربت حقا(راجع ازمة خليج الخنازير)، قبل ان يقدم احدهما تنازلا في اللحظة الاخيرة لتفادي الوقوع في الهاوية. وبينما لا يبدو ان ‘الدب الروسي’ الذي يحصد دعما شعبيا كلما زاد ضجيج ‘طبول الحرب’ قلقا من دفع ‘الثمن’ الذي لوح به البيت الابيض. اما الولايات المتحدة التي آثرت الهروب ولم تكمل الطريق مع حلفائها (كعادتها) لتترك العراقيين والليبيين والافغان يموتون يوميا على ايدي ‘القاعدة’، فقد لا تقبل او تتحمل ان يموت جنودها من اجل ‘حرية اوكرانيا’، وبالتالي سوف يكون عليها التفكير الف مرة، قبل مجرد الاقتراب من حافة الهاوية. رأي القدس |