معارضة نظام أم معارضة وطن !؟ ... قراءة في المشهد السياسي |
الثلاثاء, 06 مايو 2014 11:17 |
تتسارع وتيرة الأحداث السياسية في بلادنا هذه الأيام مع حلول الآجال الدستورية للانتخابات الرئاسية التي يبدو أن الأطراف المعنية لم تتفق على حيثياتها حتى الآن. و توازيا مع هذه الوضعية تجتاح الساحة الوطنية امواج احتجاجات و تظاهرات (مسيسة الأهداف) تساندها جهات سياسية معارضة، و قد ظلت تلك الأمواج من حين لآخر تثير جدلية (معارضة النظام و معارضة الوطن). في الديمقراطيات المعاصرة تعتبر المعارضة الجهة المراقبة لعمل النظام، و هي فعلا تطمح الى السلطة و لكن عبر صناديق الاقتراع كوسيلة وحيدة لتحقيق ذلك الهدف في قاموس الديمقراطية. و في بلادنا هناك معارضة من شقين متفقين في هدف السعي الى سدة الحكم كهدف مشروع و مختلفين في السلوك السياسي و مناهج السعي الى تغيير النظام. فهناك معارضة (ملتزمة) تختلف مع النظام في طريقة تسيير البلد و تسعى الى الوصول الى الحكم لتطبيق استراتيجياتها، و تحترم في ذلك كله مبادئ الديمقراطية و ثوابت الامة و المصالح العليا للوطن باعتبارها نقاط توافق بين كل اطياف المجتمع. و هناك في المقابل معارضة (متشددة) تختلط عليها مفاهيم معارضة النظام و معارضة الوطن، فمعارضة النظام حق سياسي طبيعي لكن معارضة الوطن شيء آخر، و تتميز هذه المعارضة بترحيبها الدائم بكل نشاط يعين في الوصول الى الحكم او التشويش على النظام، مهما كانت تبعات ذلك النشاط و خلفياته. و خير دليل على ذلك مساندة تلك المعارضة للتظاهرات الفوضوية التي سببت في اكثر من مرة في تخريب ممتلكات الناس و هتك اعراضهم و تعطيل عمل المرافق العمومية، تماليا مع (منتهزين للفرص) هدفهم النيل من امن و استقرار البلد ... لا افهم بأي وجه يشرع البعض هدم الممتلكات العامة و افشاء الخوف بين صفوف الأبرياء و يقوم بكل هذا العمل الاجرامي المتخلف تحت غطاء الحرية و الدفاع عن حقوق المظلومين و مساندة المحرومين .... ! أي تناقض هذا؟ و أي سذاجة هذه؟ اعتقد انه بات من الواضح ان هذه المعارضة افلست لدرجة مساندة كل فوضى (بحجة بغض النظام) ... لكن ما دخلنا نحن البسطاء في صراع النظام و المعارضة؟ و هل ستقاطع المعارضة العمل المشروع للوصول الى الأهداف النبيلة و هو (الانتخابات) و تركب في المقابل امواج (المسيرات و التظاهرات) الغير شرعية لكي تنال رضى البعض و تهدم مكاسب البعض الآخر؟ لا ارى أي مبرر لما حدث و اخاف (إن تواصل هذا النوع من التصرفات) أن يصل الامر الى اخلال بتوازن مجتمعنا الضعيف (لا قدر الله). منطقيا تعكس الممارسة الديمقراطية و السلوك الناضج داخل كل معارضة حجم مسؤولية تلك المعارضة و عمق تجربتها، و اذا اردنا تطبيق هذه النظرية على معارضتنا الموقرة فسنقصيها للأسف (الا من رحم ربك) حيث ان اعرق احزابنا السياسية عاجز عن تطبيق التشاركية و التناوب في محيطه الضيق و يطالب جاهدا بتغيير نظام دولة ... ! فبأي حجة تتكلم تلك المعارضة؟ و كيف نستوعب هذا التناقض الواضح؟. هناك احزاب تمارس فيها الدكتاتورية و الفساد بشكل جلي ( لا تغير قيادتها ... تسمى بين العامية باسم قائدها الموقر ... يسيرها شخص واحد ... احزاب اشخاص، و قبائل، و جهات ... الخ). وفي ممارساتنا السياسية محليا نلاحظ ظاهرة غريبة و هي ظاهرة (الانتماء الأزلي) للموالاة او للمعارضة ... انتماء (توارثي، جهوي، قبلي، مصالحي ... الخ) و هي عقليات ترسخها شخصيات وطنية مرموقة بدافع اغراض شخصية بحته، و هو امر بعيد كل البعد عن التسيس الواعي، فالانتماء للمعارضة او للموالاة ليس هدفا في حد ذاته و ليس حتمية بل هو موقف تمليه الظروف و المصالح العامة و يجب ان يبقى بعيدا عن المحاكاة او ارضاء الغير بأمور لا تشكل قناعة للفاعل و لا ترضي الضمير السليم و لا تبحث عن هدف شريف. يبدو لي ان الممارسة السياسية في بلادنا حتى الآن لم تنضج بالشكل الكافي، و تنمو مخاوفنا من انها (لن تنضج ابدا) ما دام اغلب ساستنا يختزل كل الامور في الوصول الى الحكم و الحكم فقط، تاركا كل القضايا الأخرى المناطة به اصلا كفاعل سياسي يفترض فيه ان يسعى لأمن و استقرار و رخاء المواطن، لا ان يستغل اخفاقات النظام و سطحية تفكير المواطنين و عفوية عواطفهم لأغراض شخصية يمكن ان تتاح له الوسائل الانجع لتحقيقها بطرق اكثر سلاسة و تحضر. هذه وجهة نظري المتواضعة و احترم للجميع آرائهم، لكم كامل ودي. عبدي ولد البشير ولد امحيحم قانوني و خبير في قضايا التنمية المحلية 46907260
|