العرب والصندوق الانتخابي
الخميس, 08 مايو 2014 19:23

missfer666 د . محمد صالح المسفر

  تتسابق الكثير من الانظمة العربية هذه الايام لاضفاء الشرعية على سلطاتها الحاكمة لتكون عبر “الصندوق” اي اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، والكل يعلم ان تلك الانتخابات في معظم الاحوال هي انتخابات صورية لا قيمة لها لان كل الامور رتبت من قبل من سيكون الفائز في تلك الانتخابات.

 

وقيل لنا ان “الصندوق” خير شاهد على تسلم مقاليد الامور وتداول السلطة. في العراق انتخابات برلمانية والناس ذهبوا في طوابير للادلاء باصواتهم لهذا الفريق او لذالك، الاحزاب / الافرقة المتنافسه على السلطة في العراق هم من نوع واحد لا ثاني له، واينما اتجه الناخب في النهاية ستكون المحصلة لتلك الطائفة المتنافس قادتها على السلطة ونهب خيرات العراق. سوف تتوزع أصوات الناخبين بين اطراف تلك الطائفة ثم يجتمع القوم ويشكلون اتلافا واحدا بينهم ليحكموا العراق تحت ذريعة ان “الصندوق” خير حكم. كلنا نعلم ان الامور مدبرة والاصوات محسومة لهذا الفريق او ذاك.   ان الانتخابات العراقية ليس هدفها الاتيان بافضل رجالات العراق علما وعملا وخلقا وتجربة ونزاهة وانما الاتيان بشخص يحمي اللصوص ويمعن في تكريس الطائفية بهدف تفتيت وحدة العراق، والا كيف تجري انتخابات في العراق والحرب الحكومية الطائفية على اكثر من نصف العراق مشتعلة، والعاصمة بغداد تنهشها التفجيرات والدماء تسيل في كل احياء بغداد رفضا لقطعان الاحتلال الامريكي الذين يحكمون العراق اليوم بقيادة المالكي وائتلافه الطائفي. انها انتخابات الزور والبهتان وجحافل اللصوص بهدف اضعاف العراق ونهب ثرواته والتنكيل برجاله الاوفياء. لكني اجزم بانهم لن يهنؤا بحكم بلاد الرافدين.

 

 

( 2 )

 

 

في الجزائر بلد المليون شهيد استشهدوا من اجل الحرية والاستقلال جرت فيها انتخابات رئاسية في الشهر الماضي وكانت النتيجة لصالح من رسم خطة الانتخابات وبقاء بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة.   ورغم حبي ومودتي وصداقتي الشخصية للرئيس بوتفليقة الا انني لم اكن سعيدا بترشيح نفسه وهو في هذه الحالة الصحية التي حالت بينه وبين الوصول الى صندوق الاقتراع الا جالسا على كرسي متحرك. صحيح ان الرئيس بوتفليقه من رجال الثورة الجزائرية ومن رموز قيادتها عبر سنوات الستينات وسبعينات القرن الماضي وقدم للقضية الفلسطينية واللغة العربية في الامم المتحدة مالم يقدمه غيره من القادة العرب ولا بد من الثناء عليه في ذلك الانجاز الذي جعل اللغة العربية لغة رسمية في الامم المتحدة اسوة بلغة المؤسسين اي الدول دائمة العضوية وادخال منظمة التحرير الفلسطينية عضو مراقب في الجمعية العامة ولجانها، ورغم ذلك لم اكن اود ان ارى الرئيس بوتفليقة يدلي بصوته لصالح نفسه وهو جالسا على كرسي متحرك.. لكن هكذا اراد من حوله ان يشوهوا سمعته في اخر حياته بان يقال: انتخب رجل مقعد ليقود الجزائر الثائرة وهو عليل ولا شك بان ذلك سيكون اضعافا للجزائر في وقت نحتاج فيه الى قيادات مكتملة الصحة والبناء لتعطي من جهدها ما ينفع الامة.

 

 

( 3 )

 

 

 في مصر تجري انتخابات صورية النتيجة فيها محسومة لصالح قائد الانقلاب المشير السيسي والاستاذ حمدين صباحي يمثل الزوج المحلل في هذه الحالة اي ان ترشيح صباحي للانتخابات كي يقال انها الديمقراطية الحقة، وان الصندوق قد حكم.

 

 

الغريب في الامر ان المشير السيسي الذي سيقود مصر في الحقبة القادمة لا يستطيع ان يخرج الى الجماهير ليبشر بمشروعه الانتخابي وذلك لدواعي امنية كما قال المتحدث باسمه عبر تلفزيون (بي . بي . سي ) يوم 3 / 5 الحالي. والسؤال المثار هنا: اذاكان المرشح لقيادة الامة المصرية لا يجرو ان يظهر لمخاطبة شعبة فهل سيبقى يحكمهم من وراء الجدر تحرسها جحافل من الجيش والامن؟

 

 

المشير السيسي يعلم جيدا اكثر من غيره انه اغتصب السلطة في مصر عن سبق اصرار وحتى لو جاء عبر صندوق ابو لمعه. انه يعلم ان الجبهة الداخلية في مصر ليست مستقرة، السجون لم تعد تتسع للمساجين لكثرتهم، والقضاء اصيب بحالة عصبية فلم يعد يميز بين الحق والباطل، احكام بالاعدام صدرت على الميئات من معارضي الانقلاب، فوج فوقه فوج اخر من الذين صدرت بحقهم اعدامات، واخرون احكام قضائية صدرت بسجنهم مع الاشغال لسنوات وسنوات، ومظاهرات ومسيرات تجتاح مدن وارياف مصر ضد الانقلاب، سؤالي كيف يستطيع المشير السيسي او حمدين صباحي حكم مصر في هذه الظروف الداخلية الصعبة، والاحتجاج العالمي على احكام القضاء المصري الغير عادلة لم تنقطع، ومديونية تجاوزت ترليوني جنيه وفساد منقطع النظير على كل الصعد واعلام لم يعد يشجع المشاهد / المستمع / القاريء لمتابعة الاعلام المصري لضحالة مادته وتغييب الحقيقة فاصبح اعلام الردح بلا منازع.

 

 

  (4 )

 

 

سورية الحبيبة تساق في نفس الطريق، اي طريق “الصندوق” رغم ما يدور على ارضها وفي محيطها من معارك حربية، وهذا بشار قدم نفسه مرشحا ليحكم سورية الحبيبة بعد ان الحق بها الدمار والخراب، انه سيقول الشعب عبر عن رغبته عبر صندوق الاقتراع في ان احكمهم. معلوم ان هناك الملايين من الشعب السوري لن يتمكنون من الادلاء باصواتهم اما لانهم لاجئين في دول الجوار واما انهم نازحون الى البراري والقفار والبعض لم يعد يصدق بنتائج الصندوق. وعلى ذلك سوف تزور القيادة السياسية في دمشق بطاقات المواطنه باسماء اللاجئين والنازحين خارج الحدود وتصوت نيابة عنهم لصالح الرئيس بشار الاسد وهنا تكون الكارثة.

 

 

جملة القول: ان الانتخابات “الصندوق” التي تجري في اي دولة وهي في حالة اضطراب اجتماعي وسياسي ليست الحل الامثل هذه مصر العزيزة مضطربة وغير مستقرة، وسورية ايضا والعراق فهل يمكن ان يكون “الصندوق” امين؟! ، اني اشك في ذلك.