مآلات الثورات في الأقطار العربية/ نبيــل عليان إسليــم |
الأحد, 25 مايو 2014 09:42 |
لقد عانت معظم البلدان العربية منذ ما يقارب قرنا من الزمن من الاحتلال الغربي، ولم يكتفي هذا المحتل باحتلال تلك البلدان بل قام أيضا بتقسيمها وفق رؤية صهيونية, مما أدى إلى نشوب حالة من العداء الدائم بين الترك والأكراد والسنة والشيعة , وأعطى وطنا لليهود ليكون لهم يد في المنطقة العربية, وبالرغم من طرد المحتل من معظم الدول العربية، إلا أن سياسته بقيت هي الموجه لكل الحكام العرب من الخليج شرقاً إلى موريتانيا غرباً. عاشت الشعوب العربية حالة من فساد الحكام، والاستبداد، وسرقة مقدرات الدولة, والعبث بمصير الشعوب, وبناء المنظومات الفاسدة داخل الدول والمتمثلة في السلطات القضائية والمؤسسة الأمنية بكافة مكوناتها, والقيام بإجراءات ظالمة وقاهرة من أجل الحفاظ على الكراسي. جاءت الثورات العربية لتشكيل طوق النجاة للشعوب العربية, كانت أولها الثورة التونسية تلتها المصرية والليبية واليمنية والسورية وغيرها من البلدان العربية التي كانت تتأهب لإشعال فتيل الثورة, ونجحت الثورة في تونس بهروب بن علي والبدء بإجراء انتخابات لمرحلة انتقالية, كما نجحت في مصر بتنصيب أول رئيس مدني و مجلس شعب منتخب ودستور مستفتى عليه, كما جرت تسوية سياسية في اليمن بخروج عبد الله صالح من الواجهة السياسية, وتولي الرئاسة لفترة مؤقتة, وليبيا إذ انتخب فيها مجلس وطني, وقد تأهبت الأردن والجزائر والبلدان لثورات تتخلص فيها من حكامها, أسوة بالأقطار العربية الأخرى. لكن ما حدث في مصر في يوليو 2013 هو سيناريو تم استخدامه في كافة الأقطار العربية مع الأحزاب والحركات الوطنية التي وصلت إلى سدة الحكم بطريقة ديمقراطية, ولعل هذه الطريقة في الوصول إلى الحكم (الانتخابات الديمقراطية) من صنع الغرب, لكنهم ينكرونها على من يصل للحكم في الشرق ولا ينسجم مع سياساتهم, فتم إجهاض التجربة الجزائرية عام 1991م, والتجربة الفلسطينية عام 2006، عندما خُبئت العصي في الدواليب, والتجربة المصرية عام 2013م, ومحاولة إجهاض التجربة التونسية, والليبية, واليمنية بنفس الطريقة; لكن ما حدث في غزة من حسم عسكري لمن أراد أن ينقلب على الشرعية أدى إلى ثبوت حكم حماس في قطاع غزة وتسبب في انقسام شامل لكافة المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد استطاعت تونس السيطرة على الحراك الذي كان يهدف إلى خلق حالة من الفوضى والتي كانت تهدف إلى إقناع الناخبين بأن اختياركم للنهضة لم يكن الاختيار الصائب، وبالتالي ينهي حكم من اختارهم الشعب. أما الحالة المصرية انتهت بانقلاب عسكري أطاح بالرئيس المنتخب ومجلس الشعب، وقد تمكن منفذو الانقلاب المبارك من الغرب من الوصول إلى مستوى تقدم عن الحالة التونسية والفلسطينية والليبية. إن الغرب لا يجهض هذه التجارب التي لو قدر لها النجاح لكان الحال العربي والإسلامي غير هذا الحال بشكل علني مباشر, لكنه يستغل أصحاب المصالح الخاصة, والطامعين في الحكم لتنفيذ سياساته, والإطاحة بتجارب الحكم التي جاءت بإرادة شعبية. هذه الحركات التي تسير عكس رغبة الشعوب الباحثة عن الحرية والعدالة, ومكافحة الفساد, آخذة في الضعف, ومما أدل على ذلك ما حصل في تونس من شراكة سياسية، وما حدث في فلسطين من مصالحة ألقت بمرتزقة الغرب جانباً وبدأت تشق طريقها نحو المشاريع الوطنية التي تخدم الوطن والوطن فقط. دنيا الوطن |