روجت القنوات الفضائيّة السوريّة واللبنانية والإيرانية الموالية للأسد، في العام الجاري سلسلة من التقارير والبرامج والأفلام الوثائقية لما سمي بـ”جهاد النكاح”، ويعتبر الشريط الوثائقي “شريعة ضد الشرع – جهاد النكاح في سوريا”، أهم هذه الأفلام التي بثتها
فضائيات النظام، ومحطات (المنار والميادين والعالم).
منذ منتصف آب/أغسطس 2013 بدأت العشرات من الصفحات المؤيدة للنظام السوري على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بالترويج لهذا الشريط، الذي يكشف بكل تفاصيله عار إعلام النظام الأسدي لمَّا يتضمن من كذب وفبركات بحق السوريين عامة وبحق المرأة السوريّة على وجه الخصوص، وذلك باستهداف مباشر لشرفها وعفتها.
وقد أكدت أوساط المعارضة السورية، في أكثر من تصريح، أن هذه الشهادات التي جاءت في الشريط أخذت تحت تهديد السلاح والابتزاز اللا أخلاقي، ذلك أن قمع واستبداد النظام في الشوارع والساحات والأحياء والمدن، ينعكس باستمرار على المنظومة الإعلامية الرسميّة والمؤيدة للنظام سواء المحليّة أو العربيّة وتحديداً اللبنانيّة “الشيعيّة” و”القومجيّة”، التي تتشدق بخطابات الممانعة والمقاومة.
هكذا، كرس الإعلام الرسمي السوري وإعلام الممانعة الفضائي والمكتوب والإلكتروني، الصورة التي اختلقوها وهي أن “الثورة السوريّة لم تكن ثورة مطالب شعبية مشروعة”، وإنما هي “فورة جنسية”.
فورةٌ مبنيّة على الحاجات والرغبات الجنسيّة، وهو ما ترجم على أرض الواقع باختلاق وترويج قصص تلت مزاعم عن (صدور فتوى دينية من قبل شيوخ، أبرزهم السعودي الشيخ محمد العريفي، تدعو إلى وجوب “جهاد المناكحة في سوريا”).
وقد كانت فضائية “الميادين” – لبنانية، ممولة من إيران والنظام السوري، ويديرها التونسي غسان بن جدو – أول من اختلق وروج لهذه الدعاية الجنسيّة ضد الثورة، متجاهلّة نفي الشيخ “العريفي” وغيره من شيوخ الإسلام أن يكونوا خلف إصدار مثل هذه الفتوى التي “لا تمت للشريعة الإسلاميّة بصلة، وهي باطلة ومدسوسة”.
لا بل والأكثر غرابة أن بن جدو استخدم في دعايته الرخيصة – التي سرعان ما تلقفتها الصحف السوريّة وبعض الصحف التونسيّة واللبنانيّة الصفراء – بنات بلده! مفبركاً قصصاً وحكايات عن (تونسيات مجاهدات نكاح) دون الاكتراث للأذى الذي ألحقه بهن، بعد أن طعنهنَّ بشرفهنَّ وشوه صورتهنَّ.
وبالعودة إلى الشريط الوثائقي الذي حققّته الفضائيّة السوريّة، والذي روج له النظام السوري تحت عنوان “شهادات حيّة من مجاهدات النكاح في سوريا”.
نستمع – على لسان مجموعة من السوريّات – لقصص عن دورهن في الحراك الحاصل بالبلد كما يرغب النظام في تصويرها، (أي حصرهنَّ بدورٍ واحدٍ لا غير هو “مجاهدات نكاح”، مهمتهنَّ هي إشباع رغبات “الإرهابيين”).
ولعل أكثر ما أثار حفيظة مشاهدي الشريط هو إظهار طفلة تدعى “سارة العلاو” لا يتجاوز عمرها 13 عاماً، قدمت على أنها (أميرة جبهة النصرة في البوكمال)!!. ظهور كان بمثابة انتهاك إنساني وقانوني صارخ لحقوق طفلة بريئة ذنبها الوحيد أنها قالت للطغاة (لا).
بالمقابل وكما سعت الأطراف الموالية للأسد للترويج لهذا الشريط، فقد انبرى أشخاص وقوى مدنيّة ومجموعات ثوريّة افتراضيّة على موقع فيسبوك لمهاجمة الإعلام الأسدي وفضح أساليبه الرخيصة والوضيعة الساعيّة إلى تشويه الحراك الثوري السوري. وإلى إظهار أن كل المنخرطين في هذا الحراك من رجال ونساء وشباب وحتى أطفال إنما غايتهم الوحيدة “المتعة الجنسيّة وملذات الدنيا ومن ثم (الحور العين) في الجنة”.
وقد كانت أبرز مظاهر الاحتجاج الافتراضي على هذا “الشريط الإجرامي” حملة أطلقتها سوريّات من شتى أنحاء العالم، في شهر آب/ أغسطس الماضي – عبر صفحة “فيسبوكية” تحمل اسم (أحفاد الكواكبي) – هدفها كشف زيف “بروباغندا” النظام وحلفائه عن “جهاد النكاح” قصد تشويه الثورة والمرأة السوريّة.
“الدعاية الجنسية.. وسيلة النظام المتكررة لتشويه الثورة السوريّة”، تقول امرأة في إحدى لافتات الحملة المنددّة والداعمّة للثورة السوريّة، وتقول أخرى: “سارة العلاو.. البراءة في عينيك.. أَسقطتْ افتراءَهم”.
رأي اليوم اللندنية
|