28 نوفمبر ينشر حلقات من رواية الكاتبة الصحراوية النانة راشيد |
الأربعاء, 28 مايو 2014 17:46 |
بدا لها أنيقا كعادته ,بدلته السوداء تضفي عليه وهجا لا يقاوم ,شعره الأشيب المجعد يشعرها بهيبته ، ووقاره يفرض عليها التزام السكينة بحضوره.. لا تدري كيف التقيا بعد فراق مر ووداع صعب جداً عقب لقاء مقتضب ،لكنها معه و هذا ما يهمها. كان بإحدى مهامه المهنية يرافق وفد رجال أعمال أجانب ، لا تدرك سبب انضمامها لمجلسه لكنها سعدت لتفوقها أمامه إذ خاطبت ضيوفه بلغتهم و لم تكلفه عناء ترجمه حوارها معهم. تبادلا النظرات الشغوفة و تطارحا بأحداقهما غراما محالا ولبرهة استطاعا الانفراد ,أمسك بيديها وخاطبها :مشتاق حبيبتي استيقظت على رنين المنبه المضبوط حسب توقيت صلاه الفجر ،كانت خلال ساعات نومها العميق معه !هو حلم ألذ من حقيقة غير متاحة ،سعادتها بلقائه وان حلما ستجعل يومها ممتعا. عندما حل مساء اليوم المستهل بحلمها العذب شعرت بمخارز الشوق تخز قلبها و الجوى يعصر جوانبه ،ركنت لزاوية بالبيت دامعة و كتبت رقم هاتفه على لوح هاتفها و ضغطت على زر الاتصال ،على الأقل تسمع صوته. هل كانت رؤيا ؟ توقيت حلمها الهزيع الأخير من الليل كما أن تفاصيل الحلم كلها ماثله أمامها ,لم تنسى أي منها . ليت الأمر يكون كذلك و يتحقق لقاء واقعي بينهما ،عساه قريب. أحست ان الزاوية التي ركنت إليها بالبيت تكاد تشتعل من فرط حرارة شوقها إليه ،شعرت أنها بحاجه لمكان رحب بحجم مشاعرها ،شساعته تحتمل فحيح شغفها به المتلاحق عبر أنفاسها. خرجت من البيت مهمومة ،توجهت لتله شرق مخيمها ،جلست قبالة الشمس المولية الأدبار و أدارت رقم هاتفه. تسارعت ضربات قلبها لسماع رنين هاتفه ،عند الرنة الثالثه أجاب : نعم ،الو ...مساء الخير ، إنتوما شحالكم ،إياك لباس ؟ أنت شحالك ؟ ثم أردفت :تبدو مضغوطا ،قل اي شى فأنا لن اسأل يكفيني سماع صوتك. أجاب بعد هنيهه صمت : آه ..وي وي .. سأراجع بعض الملفات و أخبركم لاحقا ،مرحباً ...تحياتي. ما كان يهمها من الاتصال الهاتفي تحقق ،فقط سماع صوته الذي تهوى ،تطلعت لقوله المعتاد :اهلًا حبيبتي ،لكن لا باس هي أفضل للحديث معه اي كان فحواه ،فالشوق الذي تكنه له بات لا يطاق. عندما انتصف الليل و صمت الجميع من حولها ،قررت الاستعداد لنوم مختلف ، عطرت عنقها و معصميها بعطر زهره اللوتس و رطبت يديها و ذراعيها و ساقيها بزيت ذات الزهره و مشطت خصلات شعرها الطويل ، ربما تلتقيه في الحلم الليله أيضاً ،فغرامهما ليس اكثر من حلم . قبل ان تستسلم لسبات عطر لم تراه فيه اختارت صورته لتتربع شاشه هاتفها. هو يعيش بداخلها يومياته متكامله ،تنسج له جوانحها المحبه حياه متجددة بحلوها و مرها،تتخيله صباحا و هو يستيقظ من نومه في مثل ساعه استيقاظها ،تتخيل ألوان "بيجامته " , تبتسم و هي تعتقد انها ترى عينيه الشبه مغمضتين بعد نوم عميق .يذهب تفكيرها معه لسيارته الفاخره ،كأنها بجانبه تراه يشغل محركها و يضع حقيبه وثاىقه على الكرسي المجاور لكرسيه ،في مكتبه تراه صارما و موظفيه دقيق في عمله. لماذا كل هذا الهيام ؟ تدرك انها تعلم القليل عنه ويزعم في حواراته القليلة معها انه اخبرها بكل شى يخصه و انه عليها ادراك حقيقه وضعهما و التعايش معه و الاستسلام لأقدار قد تجمعهما و قد لا تسخر لذلك. اخبرها يوما مغاضبا انه يعيش كما يمكنه لا كما يحب ،و ان حجم ضغوطه في العمل اكبر من طاقته التحمل ،هي لا تريد منه اكثر من بسطه أخباره لها و تفادي ما استطاع تباعد اتصالاته. اعتقدت لفتره قصيره ان الحلم الذي جمعها به قادر على تبديد وجع الشوق المستفحل بقلبها ،لكنها اخطأت على ما يبدو التقدير ،الحلم بصوره الدافىه جداً قربه اليها لكنه ضاعف شغفها ،و اتصالها به الذي زعمت انه لسماع صوته و الاستمتاع بعباراته التي تبعث أحلامها الطفوليه فيها من جديد لم ينهي هو أيضاً عذاب الوجد بل ضاعفه. عند كل مساء تداعب رقم هاتفه ،تتعامل مع الأرقام برقه لا متناهية ،صوت الضغط على الرقم فوق لوح هاتفها يشعرها بالأنس ،انه شى منه أكيد فآلارقام الثمانيه تدل عليه أكيد هي مسجله باسمه ،هي إذن تلامس أنامله اذا ماهي دللت شفرته و كتبتها بنعومه. لكنها لم تصل اليه كما السابق ، هاتفه مغلق ،هو في باريس إذن كما اخبرها سابقا ،تخيلته أيضاً يمشي في شوارع المدينه التي خلقت لمعاشره رجل أنيق و يتقن لغتها مثله تماماً .هل سيخبرها عنه من هناك ؟هل هو هناك أصلا ؟ تذكرت انه كتب لها اخر مره :تذكري انك أيقونتي و أني اعشقك ،،فاختارت الاستسلام لثقتها المطلقة به و لو الى حين هو يتقن لفت انتباهها ، و ان لم يسعى لذلك , كما عرفت اناقته على مسرح موعد متسارع مغاصب ، تجدها اليوم في صورته التي بعث بها اليها من باريس. كأنما لقائها به في الحلم يتحقق في صورته التي ارسلها ، هي ذاتها بدلته السوداء الانيقة و هو فريق رجال الاعمال نفسه ، لكنها ليست هناك معه, اناقته تشعرها بسحر اطلالته ، و تفسحه لاكتساح وجدانها مساحات ارحب و ارحب ، ما كانت لتضع يوما في ميزان تعاملها و لا محبتها و لا علاقاتها بالاخرين عامل الاناقة هذا ، ظلت قبل سيطرته على لبها كله تعتقد انها مجرد شكليات لا تعني الجوهر في شي . معه الامر مختلف تماما ، هي مهووسة بكل شئ فيه و باناقته تحديدا , ربما لتناغم الشروط لديه ، فمستواه التعلمي و المهني و الاجتماعي و اناقته و كارزمته شروط منسجمه تماما متناسقة في تكوين شخصه ، ام انه الحب فقط من يجعلنا نقيس الاشياء جميعها بمحرار الرضا و الاعجاب ؟ _ احمد ، ما كان لك ان ترسل لي صورة تجمعك بامرأة ، لكن بصدق تبدو مبهرا كتبت له و لهب الغيرة يحرق اناملها و الفرح برسالته المفاجئة يهدهد مشاعرها و يغرقها في يم التناقض الوجداني _ يا مجنونة تلك سيدة اعمال اوروبية ، لا يضرك امرها ، انا احبك انت وحدك اشعرتها كلماته بالزهو و السعادة ، هي رغم المسافات السحيقة التي تفصلها عنه لا تشك ابدا في اي كلمة يقولها لها ، هو عندها منزه ان يكتب لها عبثا و ان اختصر قوله و تباعدت مراسلاته, هي لا تعرف من امرها معه سوى انها تعشقه حد الوله. يتواصل......... |