صحفى يروى شهادته عن أول محاولة انقلابية هزت اركان حكم ولد هيدالة
الأربعاء, 25 سبتمبر 2013 10:50

  الندم علي تنفيذ الاعدام في المحاولات الانقلابية ولو بعدالة ... في سجل الانقلابات التي تعد مع ’’ مسالة العبودية’’ ضمن ميزات اشتهرت بها موريتانيا في العالم تتميز ثلاث محاولات انقلابية فاشلة بشهرتها في تاريخ

المحاكمات و قد كتب لي و لله الحمد ان اكون شاهدا عليها من مواقف مختلفة و سأحاول بسرعة ان ألخص في خواطر متتالية ما يتصدر ذهني من ذكريات تتعلق بها مع اقتناعي انها تتطلب سلسة من الكتب و المقالات و مسلسلا من الافلام و الحكايات ,,,,, يوم 16 مارس سنة 1981 كنت في الثانوية الوطنية و قد جرت العادة ان نأخذ في ساعات الفراغ قسطا من الراحة و كأسا من الشاي مع صوكٌ اخمس اوقيات من امبور ( لخبز قالوا اهل التل) و خمسة عشر اواق من بير (الزبده) في الحانة المعروفة ببيفت الاذاعة الوطنية المجاورة للثانوية ,, فاخبرنا بعض الزملاء ان احد المذيعين قال له ان المقدم احمد سالم ولد سيدي ( رحمه الله ) الذي كان حينها بالخارج متمردا علي النظام القائم وصل الي مباني الاذاعة فتأكد لنا ما سبق ان تم تداوله قبل ذ للك بقليل عن محاولة انقلابية او حسب اوردته وكالة الانباء الفرنسية في الليلة التي سبقت الحدث استنادا الي تصريحات جزائرية عن احتمال هجوم من جهة المغرب ,,,, تفرق الجميع و رأيت رفقة زملائي كتيبة من العسكر قادمة من الرئاسة و لكننا لم نفهم أي شيء عن مجريات الامور قبل الخطاب السريع الذي وجهه عبر الاذاعة الوزير الاول سيد احمد ولد ابنيجاره و تحدث فيه عن مجموعة ’’ من الخونة ’’ تم تسليحها من المملكة المغربية و ختم قوله واعدا بأن ’’ شعبنا سينتصر ’’ ,,,,, بالطبع قامت الدعاية الرسمية بدورها علي احسن وجه و تم تقديم الامر بانه مجرد هجوم علي موريتانيا و تهاطلت برقيا ت التأييد و المساندة ( و أتفو بعد ) للمتغلب ,,, و تمت محاكمة عسكرية للضباط المتورطين في شبه عدالة عمياء و عرجاء بعيدا عن الانظار و في جو من المزايدات الديماغوجية و قد نجحت الدعاية الرسمية الي حد ما في تجييش المشاعر الوطنية ضدهم , و في التعتيم المطلق علي دوافعهم و علي خلفيات الصراع الذي كان يدور حول السلطة مذ عدة اشهر ,,, الا نها فشلت في تحطيم الصورة الرائعة التي تركها ضباط متميزون لا يقبلون الندم علي فعلة قاموا بها حسب قناعتهم الثابتة من اجل موريتانيا ,,,, و ندمت موريتانيا علي تصفيتهم الجسدية ,,,,,,,, ( يتبع )

 

الندم علي تنفيذ الاعدام في المحاولات الانقلابية ولو بعدالة (الخاطرة 2)

في شهر اكتوبر من سنة 1987 قررت بعد سنتين من الغربة في فرنسا لمزاولة دراسات السلك الثالث في القانون ان التحق بمهنة المحاماة كمتدرب في مكتب مشترك للنقبين يعقوب اديالو و حمدي ولد محجوب ,,, كنت حينها أحمل في ذهني عالما من الاحلام الواعدة ساعدت حملات البلديات الممتعة التي شاهدتها في عطلة العام الذي سبق التحاقي بسلك المحاماة في توطديه ,,, و قد تزامنت فترة تدريبي مع اكبر محاكمة في تاريخ النظام العسكري الاستثنائي فحضرتها بعقلية الباحث و الطالب حديث التخرج المتعطش لمشاهدة القانون علي ارض الواقع ,,و الواقع انني فوجئت مع زملائي المتدربين الجدد من بمستوي النقاش الاجرائي و القانوني الذي ميز تلك المحاكمة بادراه محكمة و جد انسانية من العقيد الشيخ ولد بيده رحمه الله ,,,,,, صحيح ان المحاكمة جرت في ثكنة عسكرية و بالتحديد في قاعدة اجريده التي ظلت علي مر العقود مخبأ لمحاكمات العسكر ’’ الصامت الاكبر’’ ,,,, الا انها في تلك المناسبة فتحت ابوابها اما المحامين و الحقوقيين و الصحفيين و مختلف المراقبين كرابطة حقوق الانسان حديثة النشأة حينها و حتي امام كبار’’ اهل لغبي’’ و من بينهم اقتصادي متميز و صديق عزيز تم تعيينه مؤخر وزيرا للعدالة ,,, كان المحامون بقيادة النقيب يعقوب اديالو رائعون و كان المشهد درسا ثمينا من الوحدة الوطنية حيث عبر المتهمون عن اعجابهم بنوعية الدفاع الذي ميز مرافعات المحامين من فئة البيظان ,,و قد طلب النقيب من المحكمة باسم الدفاع ,, في بداية المحاكمة ان يتم تفكيك القيود التي تكبل المتهمين الامر الذي استجاب له رئيس المحكمة فورا و بإنسانية لافته ,,,,, كانت استراتيجية المتهمين تتلخص في النفي الي ان اتت ساعة المواجهات بينهم ,,,,حين قام احدهم بالاعتراف بكل ما قيل عنهم ساردا حكاية المحاولة الانقلابية بالتفاصيل ,,, ولما قال له كبر المتهمين النقيب صيدو ... هذا افتراء,,, اجاب : السيد النقيب لقد خسرت المعركة و الان عليك ان لا تخسر شرفك ,,,, تزلزل النقيب الفولاذي من تلك الكلمات و التفت الي المحكمة قائلا : أشهد من هذه اللحظة ان كل ما قيل من اتهامات صحيح الا اننا لسنا بالعنصريين ولم نكن ننوي اطلاقا ابادة اخوتنا البظان ,,,,, كان رحمه الله شجاعا و في كلمته الاخيرة اثني علي الدفاع و علي الجميع و قال و كأنه يخاطب التاريخ : اذا كان رأسي مفيدا للوحدة الوطنية فاقطعوه و الا فاني اطلب العفو ,,,,, عفي الله عن الرئيس السابق معاوية ,,,,لو انه رغم خيبة امله في ضباط كان يعدهم من المقربين ,,,وفق لاختيار سبيل العفو بدلا من صرامة القانون...و ان تعفوا اقرب للتقوي ,,,,,, لربما كان الصراع مع الزنوج الافريقيين الموريتانيين ( كم اكره هذه العبارة!) حول السلطة اقل حدة مما جري بعد تلك المحاكمة من امور فظيعة لا يعلم خلفياتها حتي الان الا العسكر ,,,,الذي ندم فيما بعد و ندمت معه موريتانيا,,, علي اعدام الضابط صيدو و رفاقه رحمهم الله ,,,,,,,,,,,,,,,,,,

 

 

الندم علي تنفيذ الاعدام في المحاولات الانقلابية ولو بعدالة (الخاطرة 3)

 

في وقت متأخر من ليلة الثامن من يونيو 2003 كنت اسبح في نوم عميق ربما بتأثير من متاعب وظيفة الامين العام لوزارة التعليم التي كنت اشغلها تلك الايام,,, فأيقظني سائق الوزارة بالهاتف قائلا انه في وسط المدينة و يسمع طلقات نارية في ناحية الرئاسة فما ان خرجت لمشاهدة ما يجري حتي شاهدت طائرة صغيره تحلق في الاجواء و سمعت اصواتا غريبة قالت لي الوالد ة التي اتصلت بها بعد صلاة الفجر انها كانت تحسبها رعدا و تسبح القدوس لسماعها ,,, تكاثرت علي الاتصالات و اكثرت منها لمعرفة ما يجري و سالت المضاربات و التكهنات و التخمينات ,,,, حول وضع اتسم بالغموض و بشحاحة الاخبار ,,,كانت ليلة فظيعة و كان اليوم الموالي لها يوم يفر الوزير من امينه العام و من كاتبه الخاص و من كاتبته الخصوصية ,, ولم يتنفس المسئولون في الدولة الصعداء الي بعد بث نشيد ال ذاك يوحل فكتابو ,,في الاذاعة الوطنية ,,,, و حين تأكد ت دوائر المصفقين ( التي ما زالت علي حالها) من فشل المحاولة قامت بالتحضير لمسيرة عظمي ضد الانقلابين و مناصرة للرئيس شغلت بها الرأي العام في اجواء من الكراهية و الاحقاد القبلية ,,,, عن صراع بين أجنحة عسكرية حول السلطة لا يعرف خلفياته الا الراسخون في المخابرات و في المغامرات الانقلابية ,, ,, في الاسابيع التي تلت الاحداث الفظيعة تابعت محاكمة واد الناقة و كنت حينها دخلت في الحكومة بعد التعديل الوزاري الذي تم فيه تعيين الاستاذ اصغير ولد امبارك كوزير اول خلفا للشيخ العافيه ولد محمد خونه ,,, بالطبع لم اعرف الكثير عن اجواء المحاكمة المدنية التي جرت في اجواء متوترة مليئة بضغوط الراي العام الوطني و الدولي المتعاطفة مع الانقلابين و المطالبة بعدم تنفيذ حكم الاعدام رغم فظاعة الاحداث التي شهدت استشهاد قائد اركان الجيش العقيد النزيه محمد لمين ولد اندجيان رحمه الله و عدة افراد من الجيش و المدنيين الا انني في اليوم الموالي لصدور الاحكام حضرت اعمال المجلس الوطني للحزب الجمهوري و في تلك المناسبة تدخل العديد من اعضاء المجلس مهنئين السيد الرئيس علي سيمات العفو الذي تميزت بها الاحكام الصادرة في حق الانقلابين ,,,, فتدخل العلامة محمد فاضل ولد محمد الامين مشيرا الي ان الاحكام من اختصاص العدالة و انه من غير المناسب ان يقول البعض انها من فعل الرئيس ,,, حينها علق الرئيس معاوية قائلا : هذا ال قال محمد فاضل حكٌ,,,,, يغير الشعب الموريتاني شعب عظيم! سيكون اعظم اذا نظر الي تاريخه السياسي بهدوء و بنية التصالح مع الذات و بالندم علي ما فات ,,,,,,,,,,,دمتم و دامت موريتانيا بسلام الي يوم الدين ,,,,,

------------------

من صحفة الصحفى الكبير عبد القادر ولد محمد