ليلة ونصف من المتناقضات بين الريف والمدينة..
الخميس, 26 سبتمبر 2013 01:05

‏الشيخ سيدها‏قبل ليلة من الآن استوقفني دركي في مطار نواكشوط "الدولي" قائلا لي: "أنت شواعد" فقدمت له التذكر وجواز السفر الذي تبيعه الوكالة الوطنية في بلدي بسعر 30.000 أوقية، بعد كثير من التمعن سمح لي بالمرور، بعدها

دخلت في طابور غير منتظم غير مهذب، ليفضي بي إلى قاعة انتظار، غير مكيفة وكراسيها غير مريحة، أمضيت فيها ازيد من نصف ساعة من الانتظار والترقب، وكأني على طريق نواكشوط ـ روصو أنتظر "نيكابه" لتقلني، ودون أن أعرف متى تقلع الطائرة وكلما نظرت إلى تذكرة السفر ظننت أني تأخرت عن الطائرة وأنها اقلعت بدوني، فجأة شاهدت هرولة من كانوا جلوسا حولي دون أن اسمع نداء ولا غيره، وكان هدفهم سلم الطائرة، طبعا كنت آخر الواصلين لعوامل أهمها أني متبدئ. عندما ركبنا الطائر بدأت في البحث عن مقعدي تفاجأت أن لا مقعد محدد، كل يجلس حيث شاء، واصلت الرحلة التي دامت أزيد من أربع ساعات لتحط بي الطائرة في الجزائر، تحديدا مطار هواري بو مدين، شعرت لأول مرة أن شيئا تغير وأني دخلت الريف بعد أن أمضيت 26 سنة في المدينة، لم يدم ذلك الشعور طويلا وأنا في الطريق إلى "الشقق" للاستراحة، مررت بريف آخر مختلف قليلا عن الريف الذي تربيت فيه ولا زلت أمارس عملي، بعد وجبة الغداء عدت إلى نفس المطار من ناحية أخرى اكتشفت من خلالها مدى الفرق الشاسع بين بلدي وبين هذا البلد الشقيق، التقيت بالوجه الحقيقي الذي كان في مخيلتي للحضارة، مئات ـ إن لم يكن أكثر ـ من رجالة ونساء الشرطة، يباشرون إجراءاتهم على أجهزة الكومبيوتر وآخرون في نشاط منقطع النظير، كل شيء منتظم بالطابور لا غير. انطلقت بعدها على متن طائرة أخرى رفقة ركاب آخرين بدوِ أفارقة أبدو أحسن منهم حالا ومظهرا، إلى أن وصلت بعد أزيد من ست ساعات إلى مطار دبي الدولي، وهنا يصدق وصف "الدولي" بحق، تأكدت بعد أزيد من ساعة أمضيتها في هذا المطار أنه لا زال أمام بلدي 100 قرن كي يلحق بركب الدول، لا أقول المتحضرة بل كي يصدق علينا وصف دولة، فعوضا عن التطور التكنلوجي الفائق في هذه "الإمارة"، كل من يقابلك سواء من الشرطة أو من العاملين بالمطار أو غيرهم يبتسمون في وجهك وهم يقولون لك: مرحبا. وبعد أن أمضيت ليلة من النوم صبحني موقع 28 نوفمبر بمقال للسيد: ياسيين عدنان، فتذكر هذا المقطع من الطلاسم لأيليا ابو ماضي: أشبهت حالك حالي.

----------------------

من صفحة الأستاذ الشيخ سيدها