كيمياء "التخمام" |
الجمعة, 10 أكتوبر 2014 09:17 |
المرة الأولى التي دخل فيها ذلك الموريتاني مختبر كيمياء، كانت عام 2009 في دولة أجنبية، دخله حزينا مثل صاحب حانوت ضاع دفتر دينه، وكان من حظه السيء أن اختارته فتاة حسناء ليشكل معها الثنائي المثالي في الدرس التطبيقي، ربما لأنها سمعت عن "ذكاء الموريتانيين وخبرتهم". وفي تلك اللحظة لم يكن يعرف عن الكيمياء سوى دروس الثانوية النظرية التي يشبه دخولها للدماغ دخول المعارضة للقصر الرئاسي. ولم يكن يقوم بتجارب كيميائية في موريتانيا سوى تجربة ضخ المسك على "بوجعران" في مختبر "لمراح"، أو تجربة نصف خبزة زائد صوص مسروق من المطبخ يساوي طعما لذيذا زائد "طرشة" من الوالدة، أو تجربة رجل بيظاني زائد عجلة سيارة يساوي رائحة بول كريهة. ولم يكن يعرف من الغازات النادرة سوى الغازات التي كان يتحفه بها أخوه في نوبات إسهاله. وكان يعتقد أن برمنغنات الصوديوم محلول يتولد عندما يخلط بيصام مع سليا، وكان يتصور أن كلوريد الهيدروجين غاز موجود في "لكراطه" على شكل إنجازات الحكومة. وفوق كل ذلك لم تكن تجمعه قرابة مع شيخ الكيمياء ديميتري مندلييف -سقى الله قبره بحمض البوتاسيوم-. وكل ما كان يعرفه من الكيمياء أنه قادم من بلد هو عبارة عن محلول كيميائي عجيب، يلعب فيه السياسيون دور البطولة، ويلعب فيه الشعب دور البطالة. أولى التجارب الكيميائية الحقيقية التي خاضها في الغربة كانت رؤية زميلته تلك، فقد كانت قواعد قلبه تتفاعل مع ماء عينيها فتعطي أيونات هيدروكسيد مسببة للأرق، وكانت أحماض جسمه تعطي في نفس الوقت ذرات هيدروجين تتراقص فرحا على كبده مثل لاعب موريتاني سجل هدفا. وكانت زميلته تخترق الاتفاقيات الدولية باستخدامها ابتسامات تحتوي على أسلحة كيميائية محرمة دوليا. وكانت في نفس الوقت تصب بحديثها في أحشائه حمض الهيدروكلوريك، فكان يدعو كل ليلة على جابر بن حيان لأنه اكتشف ذلك الحمض الذي أسماه روح الملح، بل هو روح "الدحسة". لقد كانت نظراتها العجيبة تشكل ثاني أكسيد كربون من الإثارة يصل إلى مستنقعات قلبه الذي لا يتوفر على صرف صحي، فيولد انفجارا من غاز بوتان "التخمام" لا يترك أخضر ولا يابس في مملكة المشاعر إلا أحرقه، ثم يدخل دماغه في اعتصام مفتوح مضربا عن النوم، لكن ما يلبث أن تقمعه شرطة الإرهاق والتعب و"تجنان الراص". عشتم طويلا. ========================= من صفحة الأستاذ محمد الأغظف ولد أحمد على الفيس بوك |