أين كان السعد ولد لوليد ولماذا لم يظهر قبل بيرام؟ |
السبت, 15 نوفمبر 2014 11:06 |
لا يختلف إثنان في هذا البلد على تجريم العبودية وإدانتها والدعوة إلى إنصاف من تم إستعبادهم في فترات سحيقة من تاريخ هذا البلد المتعرج. المشكلة التي تحول دون القضاء الحقيقي على الرق وأشياء أخرى، هي أن القانون في هذا البلد ظل في واد والناس في واد آخر. في موريتانيا فرق شاسع بين ما يُقال وما يُفعل وهذه خاصية يتميزون بها عن شعوب العال بحيث أنهم في الغالب يفعلون عكس ما يقولون والرئيس والحكومة يتساوون مع العامة في هذه الخاصية: الكل يُنكر وجود العبودية ومُمارسات أخرى لا تقل عنها بشاعة في الوقت الذي يعلمون بوجودها. من هذا المنطلق، فإن من يوصفون بالإنعتاقيين لا يمكن فصلهم عن هذا المجتمع الفضفاض وتنطبق عليهم نفس الخصائص ومالا يريدون الإعتراف به هو أن العبودية لم تعد موجودة في المدن نهائيا وأن ما يوجد منها يتركز أساسا في الأرياف والمناطق النائية. لا أحد منهم يعترف بهذه الحقيقة لكي تكون منطلقاته واضحة ولا لبس فيها. ما تبقى من العبودية في المدن الموريتانية اليوم هو مُخلفاتها فقط ويمكن القضاء عليها بطرق عديدة إذا توفرت الجهود والإرادة اللازمة لذلك وتم التوقف عن إستغلال موضوع العبودية كقضية للتكسب أو لخدمة أغراض شخصية من قبل البعض.
يرتكب الناشطون في المجال الحقوقي والإنعتاقي الكثير من الأخطاء الفادحة بقصد أو عن غير قصد وأولها عدم التمييز بين الأجيال. التهجم على الجيل الحالي والأجيال الصاعدة لا معنى له لأنهم نشؤوا في وسط مغاير تماما لبيئة الآباء والأجداد التقليدية التي يمكن وصفها بأنها كانت بئة إستعبادية بامتياز ولا يختلف اثنان على أنها كانت مُهيأة لذلك وكانت الظروف أيضا ملائمة، لكن من التعسف بمكان محاكمة شخص ما بجرم إقترفه أبوه أو جده أو أحد أفراد سلالته في العصور الغابرة. وقعت في هذا الخطأ الفادح كل الحركات الناشئة ذات الطابع الإنعتاقي في هذا البلد على اختلافها وأستثني في هذا السياق 'حركة الحر ' التي تأسست في السبعينات حين كان لهذا الإدعاء ما يُبرره. هناك مسألة أخرى تتجلى في الخطاب العدائي المُنفر الذي يعتمده بيرام في طبعة ايرا و بالمناسبة ليس جديدا ولا يختلف كثيرا عن خطابات الرئيس مسعود ولد بولخير في فترة معينة وقبل تقدمه في السن ومراجعة مساره النضالي وتصحيح كثير من مفاهيمه، ونفس الشيئ حدث مع مناضلين آخرين بما فيهم مُعلم بيرام الأول، الحقوقي الأستاذ الفاضل أبو بكر ولد مسعود. بيرام لم يكن بِدعا من كل هؤلاء ومن يُقارن خطاباته الأولى بعد إنفصاله مباشرة عن أستاذه أبوبكر ولد مسعود وخطابات في خرجات بعد ذلك، يرى أن خطابه قلت حدته لأنه ببساطة كان لابد له من إنطلاقة جامحة ليكسر قاعدة الخروج عن المألوف ويتجاوز مُعلمه. بعد كل ذلك الجموح والشطحات والسجن، لم يجد بيرام صعوبات تُذكر؛ فقد زكاه المجلس الدستوري وترشح لرئاسة الجمهورية ونافس 'أمير المؤمنين ' الذي سجنه وحصل على المركز الثاني في الاقتراع الرئاسي، وهذا كله بالإضافة إلى مكاسبه وسمعته في الخارج كمخلص ومناضل تسانده الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية. كل هذه الظروف التي توفرت لبيرام والتي لم تتوفر لغيره نظرا لوضعية دولية مواتية والتفاعل الحاسم مع حقوق الإنسان وركوبه لموجة العبودية المُربحة والتزامن مع تقرير السي أن أن الذي وصف موريتانيا بأنها 'آخر معقل للعبودية في العالم' كانت تصب في المصالح الشخصية لبيرام. غنائم بيرام بدأت تُسيل لُعاب آخرين من أمثال د. السعد ولد لوليد الذي بدأ في فترة وجيزة يتجاوز بيرام بنفس التكتيك والأساليب التي استخدم الأخير حين كان ظلا للأستاذ أبوبكر ولد مسعود رئيس منظمة: ''نجدةُ العبيدْ". على الرغم من تحسن وضعه المادي وإنتشار صيته في الخارج، ظل نضال بيرام مُوجه إلى الخارج. كان يذهب بزوجته للإستجمام في أوروبا والتقاط الصور التي ينشرها الزعيم لاحقا على صفحته في الفيسبوك، يستمتعون بوقتهم وينشرون بعض الشعارات التي تتلقفها منظمات وحكومات أجنبية ويحصل بيرام على دعم مادي ومعنوي على حساب قضية أبناء جِلدته. يعود إلى أنواكشوط ويتم استقباله كفاتح في المطار مُحاطا بشباب يتلذذون بلعب دور "الـــبادي كرد" على طريقة الممثل الصيني "جتلــــي" ثم لا يقدم شيئا يذكر. عندما يُحس زعيم إيرا ورفاقه بالفاقة، يبدؤون في إقتحام المنازل بحثا عن فتيات قادمات من الريف بحثا عن ظروف حياة أفضل يعملن في منازل بأجور مُحددة تساعدهن في كسب لقمة العيش ـ وهو عمل شريف يُمارس في كل أنحاء العالم ـ فيأتي بيرام الذي لا يرينه إلا في التلفاز، ويُفسد عليهن معاشهن ويجدن أنفسهن في نهاية المطاف عاطلات معزولات ويحصل هو على فتنة تكون وقودا لأصحاب المواقع والإعلام المحلي. لهذه الأسباب لم يتعاطف كثيرون مع منظمة إيرا بما في ذلك كثير من الأرقاء السابقين من من لم يرُق لهم هذا الأسلوب ويُسميهم بيرام نفسه: ''أعبيد البظانْ''. هذا الخطاب الذي يرى كثيرون بأنه عنصري وغير ناضج وإقصائي لمن يريد مد يد العون من أبناء الشرائح الأخرى، كان كارثِيا لأنه يثير الكثير من الشكوك حول الدوافع والأهداف الحقيقية لمنظمة إيرا. هذا الزخم الذي حصل عليه برام في الخارج كان مادة دسمة جذبت اليه كثيرين لا لرغبة في نضاله المزعوم بل لرغبة في كعكته والاستفادة من علاقاته ببعض الجهات في الخارج وأول هؤلاء كان فقيها يسمي نفسه "المهدي المنتظر" دافع عن بيرام بعد محرقة الكتب ولم تطل صحبتهما بعد ذلك وقد تابعت مقابلتين منفصلتين لكل واحد منهما حيث قال بيرام بأن المهدي كان يبحث عن المال وقال المهدي بأنه كان يساعد ايرا لوجه الله وكان يساعدالحركة بسيارته ولم يساعدوه حتى بالبنزين. الثاني هو السعد ولد لوليد الذي ظهر فجأة وكأنه قدم متعلقا بذيل مدنب من كوكب المشتري ليهبط على كوكب الأرض أسابيع قبل الحملة الرئاسية الأخيرة ويصبح القصبة الهوائية لبيرام. أين كان د. السعد ولد لوليد كل هذه السنين ولماذا لم يلتحق بقطار الإنعتاقيين إلا متأخرا جدا؟ - يتساءل كثيرين. وما جموح السعد ولد لوليد وهمجيته الغير مبررة بالمرة إلا ارهاصات لقرب انفصاله عن بيرام – كما فعل بيرام نفسه قبل انفصاله عن أبوبكر ولد مسعود – وقد جاء اعتقال السلطات له قبل يومين ليدعم مزاعم نضاله ويكمل الملف الذي يعمل عليه منذ فترة وسيتوجه به الى الخارج قريبا وسيدعي بأنه صاحب قضية ضحى وتم سجنه من أجلها. ايرا بالنسبة لولد لوليد مجرد منصة يقف عليها مؤقتا ليتبن معالم الطريق الأمم المتحدة وجائزة نوبل ثم يقفز وتصبح علاقته ببيرام بعد ذلك شيئ من الماضي. في بلد الأميبا هذا، تحدث يتسول الجميع وتحدث الانشطارات على مدار الساعة في الأحزاب السياسية والوزارات وحتى في الأسرة الواحدة والمنظمات ليست بدعا من كل ذلك لأن المخلوق الموريتاني بطبعه كائن أناني حربائي لا تهمه الا مصالحه الخاصة. كل هذا الضجيج والصراخ الذي تسمعون هذه الأيام هو مجرد جعجعة بلا طحين وذر للرماد في العيون. انها الارهاصات الأولى لانشطار ايرا وميلاد زعيم جديد نعرفه جميعا والشيء الوحيد المتبقي هو معرفة الاسم الذي سيطلق على منظمته أو حركته.
بقلم: الأستاذ الطالب ولد عبد الودودو باحث موريتانى |