الشيخ والسُّلطان
الاثنين, 08 يونيو 2015 19:40

لا يوجد شيخٌ بلا سلطان. لا حلّ لهذه الأحجية. اضربوا رؤوسكم على الحائط وابكوا. وقد علِمَ خيارُ المتصوِّفة بهذا فهربوا إلى شعوب الجبال والجبال الحِرائية. ومنهم من صامَ يومه وقامَهُ على رجلٍ واحدة وأفطر يومَه

 على تمرة واحدة. وقد وجدَ اللهَ بعد لأي. وفقط بعدَ لأي.

أما من بقيّ بين كلِّ المنفعة فقد ركبته شياطين الإنس والجن وانتهى، رضيّ الله عنه، في جَراب السلطان. و

لا يملكُ الشيخ من أمرِه شيئاً. وإنّما هو رابضٌ بباب الملك، مستجديٌ لأفضاله، وحبيس حاجبه وقهرمانِه. ودعك، يابن ويا بنت أمي، من قصص محنة أحمد بن حنبل وتمنُّع القاضي شريح وجرأة سفيان الثوري. هذه حكايات الجدّات. ولن نبحث الآن من أين أتت أُعطيات هؤلاء وأينَ دُهِنَ خُبزهم. وقد جاء العصر الحديث باستقلال ظني، أكرِّرْ ظنِّي، للشيخ عن السُّلطان، وقد افتخرت بهذا الاعتذارية الدِّينيّة.

ولم تكن، وهي تفعلُ هذا، غيرَ مُستبطِنَة لأسطورة المجتمع المدني العلمانية، وسارِقةَ لخطابِها. ولكنّنا نعرِفُ الحقيقة: الشيخُ المستقلُّ عن السلطان المحلي هو تابِعٌ للسلطان الخارجي (الخليجي). ليس استقلاله غيرَ استقلال عوْلَمي. وليست مقاومته ونضاليّته غير تمتُّعِه بمصدر دخل لا يقدِرُ عليهِ السلطان المَحلي.

والآن ها هي المفاجأة: ليسَ استقلالُ الشيخ عن السلطانِ المحلي بقابلٍ للصمود دوماً، إذ يتحكّمُ الأخير في منافذ التوصيات والمصادرات وإغلاق المستودعات والتعرفات والرُّخص.

وعندما يسحبُ هذه فإن الشيخ لا يقدِرُ دوماً على الصُّمود. ولا يبقى له غير قرعِ بابِ السُّلطان وذكر جنابِه بخير ولعثمة الاعتذار عن ما بدا من تصلًّبه، فذلك للاستهلاك المحلي، وليس لتقوية الرّقبة.

وكما قال الشاعر ساخِراً من شاعِرٍ آخر فإن:

السجن [السلطان] مدرسة إذ أعدَدْتَها أعدَدْتَ شعباً طــــــــــــــــــيِّبَ الأعناق.

ولله الأمرُ من قبلُ ومن بعد.

------------------

من صفحة الأستاذ عباس ابرهام على الفيس بوك

فيديو 28 نوفمبر

البحث