من إنصاف العلماء
الجمعة, 12 يونيو 2015 18:57

الإنصاف خلقٌ حميد وسببٌ من أسباب الهداية والتوفيق. وهو من مميزات الاشراف كما يقال: " الإنصاف من شأن الأشراف" ، ذلك أنه تعبير عن قوة الشخصية، وسمو الأخلاق والثقة في النفس ( گلْتْ الاعْظامْ ) والتسليم لأمر الله ، والسلامة من الحسدوتوابعه ... إلى 

آخر تلك الشيم الفاضلة التي لا يمكن لمن حُرم منها أن يكونَ منصفا، ولو بلغ ما بلغ . ولأفاضل العلماء حكايات عجيبة في الانصاف والرجوع إلى الحق والاعتراف به، ولو جاء ممن هو دونهم في العلم والمرتبة. وقد ورد كثير من ذلك في كتب التراجم وغيرها فتجد في كتبهم هذه العبارة " وكان منصفا في البحث "، ومن أقدم من وصف بذلك الامام زُفَرُ بن الهُذَيْل العنبري (158) أحد أئمة أهل الرأي قال الذهبي في ترجمته:

" كان هذا الإمام منصفا في البحث متبعا . قال عبد الرحمن بن مهدي : حدثنا عبد الواحد بن زياد قال : لقيت زفر رحمه الله فقلت له : صرتم حديثا في الناس وضُحكة ، قال : وما ذاك ؟ قلت : تقولون ادرؤوا الحدود بالشبهات ، ثم جئتم إلى أعظم الحدود فقلتم تقام بالشبهات ، قال : وما هو ؟ قلت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يقتل مسلم بكافر " فقلتم : يقتل به -يعني بالذمي - قال : فإني اشهدك الساعة أني قد رجعت عنه . قلت : هكذا يكون العالم وقافا مع النص" ( سير أعلام النبلاء 8\40).

وقال الإسنوي في ترجمته لشيخ الإسلام علي بن عبد الكافي السبكي(ت 756هـ) : " كَانَ أَنْظَرَ مَنْ رَأَيْنَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمِنْ أَجْمَعِهِمْ لِلْعُلُومِ وَأَحْسَنِهِمْ كَلَامًا فِي الْأَشْيَاءِ الدَّقِيقَةِ وَأَجْلَدِهِمْ عَلَى ذَلِكَ ، وَكَانَ فِي غَايَةِ الْإِنْصَافِ وَالرُّجُوعِ إلَى الْحَقِّ فِي الْمَبَاحِثِ وَلَوْ عَلَى لِسَانِ آحَادِ الطَّلَبَةِ ا هـ . (فتاوي السبكي بتحقيق ). وقد ذكرني هذا بما وقع للشيخ آب بن اخطور مع تلميذه عطية محمد سالم وذلك أنه كان يكتب مسألة في تأليف له فراجعه فيها تلميذه المذكور فغير موقفه منها ورجع لرأي تلميذه !!!

وذكر الشيخ أحمد باب التنبكتي في ترجمته لشيخه " محمد بَغَيُغُ " أنه عرض عليه بعض تآليفه فقرظها وأثنى عليها، وأخذ منها بعض فوائده وعندياته فصار ينسبها إليه في الدرس ويقول: قال تلميذي أحمد باب كذا!...

وهذا باب موضوع تربوي واسع وممتع يطول تتبعه، ولعلنا نعود إليه لاحقا إن شاء الله تعلى .

--------------

من صفحة الأستاذ محمد يحي ولد احريمو على الفيس بوك

فيديو 28 نوفمبر

البحث