مرافعة السجين السابق سيدي محمد ولد احريمو أمام محكمة واد الناقة |
الجمعة, 12 يونيو 2015 19:03 |
بعد فشل المحاولة الإنقلابية 2003 التى استهدفت نظام الرئيس السابق معاوية ولد الطايع اطلق النظام حينها حملة واسعة الإعتقال كل الذين لهم صلة من قريب أوبعيد بأعضاء المجموعة الإنقلابية، وكان الأستاذ سيدي محمد ولد احريمو من بين المعتقليين الذين تم تقديمهم بعد التعذيب داخل السجون إلى المحاكمة بتهمة العضوية النشطة في الجناح المدنى للإنقلاب.. وفي أول إطلالة له امام محاكمة واد الناقة الشهير تقدم الأستاذ بمرافعة قوية وملزلة بلغة عربية أنيقة وبأسلوب جمع بين المتعة والإثارة، وكان لتلك المداخلة الكبيرة صدى في نفوس الحاضريين حيث أبكت العشرات وأثرت في القضاء الجالس قبل تأثيرها في النيابة.. 28 نوفمبر يعيد نص المرافعة نقلا عن موقع السراج الإلكترونى:
يكى علي الصدى واللحن والوتر ولم أزل لعذاب الشعر انتظر أومت إلي سواقيه فقلت لها مات الربيع ومات العطر والزهر إنا غريبان ساق الظلم أدمعنا إلى فجاج بها يستصرخ الصدر
أيها السادة لدي ملحوظتان يسيرتان بين يدي هذا الحديث: - أولاهما أن كلمة محكمة كلمة تملأ السمع ولها وقع قوي في النفس وتأثير بالغ بما تحمل من معاني الجد والقوة والصرامة والخطورة.
أقف أمامكم في مشهد من مشاهد المحن، وموقف من مواقف الابتلاء والتمحيص، سقت إليه سوقا وأرغمت عليه إرغاما. يجمعني وإياكم مشهد من مشاهد المحن، في زمن انقلبت فيه الموازين وتبدلت فيه القيم. يجمعني وإياكم موقف من مواقف الابتلاء، في زمن أصبح فيه الضحية مجرما، والجلاد بطلا، فاتحا يتوج ويوشح..! إني لأقف أمامكم في حيرة من أمري، حيرة مستحكمة تدفعني إلى الاستغراب والدهشة، ثم تقودني إلى الاضطراب والقلق. أقلب طرفي حول رحلي.. ثم أرجع البصر كرتين في سنوات عمري الماضيات، فأستدعي أيامها، وأستحضر مواقفها، وأستنطق أحداثها، بكل أمانة وتجرد، فإذا بي أعرف وأنكر لكني لا أرى فيها لحظة واحدة في مخفر من مخافر الشرطة، ولا أرى فيها وجه قاض في زيه الرسمي، ولا باب محكمة ولا وجه نائب ولا وكيل... حتى إذا كنت في منتصف العقد الرابع من عمري قالوا مجرم يجب سجنه مدى الحياة:. عجبت حتى غمني السكوت *** صرت كأني حائر مبهوت أنا أحفظ جيدا قول الإمام علي كرم الله وجهه: " إذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أَحَدٍ أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ وإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ". . وأرى أن أيامنا هذه تتنكر لنا ،وتشتد في تنكرها حتى إنها لتضن علينا بدورة مياه، وحتى تنغص علينا نومنا بالسلاسل والقيود وكأننا مجانين بطاشون، ومع أنني راض ومطمئن بكل ما تأتي به المقادير الإلهية من خير وشر وحلو ومر. اللهم إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي ولكن عافيتك هي أوسع لنا: فليتك تحلو والحياة مريرة == وليتك ترضى والأنام غضاب وليت الذي بيني وبينك عامر == وبيني وبين العالمين خراب إذا نلت منك الود فالكل هين== وكل الذي فوق التراب تراب إلا أنني ساخط كل السخط، وغاضب كل الغضب على كل ألوان الظلم وعلى جميع الظالمين وأتباعهم وأشياعهم (الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا).. أيها السادة رغم استفزاز المواقف، وقسوة الظروف، فإني أريد أن أضبط أعصابي، وأسيطر على عواطفي وأتحدث بالتي هي أحسن ما استطعت إلى ذلك سبيلا. ولكن سامحوني واعذروني إذا بدا في حديثي أثر من ندوب أو أثر من جراح القلب أو بقايا من دموع أو صدى ألم وحزن. فما أنا أتعبت نفسي بذا == ولا أنا أضرمت في القلب نارا إني وإنني والله أعشق الجمال بكل ألوانه وطيوفه، أعشق جمال التعبير والأداء كما أعشق جمال الوجوه والأخلاق: ولم أر كالمعروف أما مذاقه == فحلو وأما وجهه فجميل أعشق النعومة حتى في الرمال التائهة في الصحراء، ولكن سامحوني واعذروني أيها السادة، فإن هناك استفزازات وتحديات متتالية، قد لا يكون آخرها العيد الذي مر قبل أيام: كسيف البال متعثر الخطو شاحب الوجه واليد واللسان، وإن في النفس لشلالا من الألم المتدفق أو فيها كما عبر الشماخ رضي الله عنه: حزاز من الوجد حامز.... في القلب جراح ثخينة لا يراد لها أن تلتئم ولا أن تستقر لأنها تنكأ في كل يوم: فلم تنسيني أوفى المصيبات بعده*** ولكنن نكء بالقرح أوجع أيها السادة منذ أربعة أشهر وأنا أتعرض لألوان من التعذيب وضروب من التنكيل والإهانة يعجز عن وصفه اللسان ويقصر دونها البيان ويعوقني في الإفصاح عنها أمران: : أحدهما : أن الكلمة إنما تستمد مدلولها في ذهن السامع من خلال تجربته الذاتية كما يقول أحد المفكرين. - الثاني: أني لا أملك إلا كلمات محدودة مهما حملتها أو كررتها فلن تستطيع أن تنقل الصورة كما هي في حسي ولا هي كما تلقيتها أول مرة، لكنني أشير مجرد إشارات... إن المرء لا يدري أي ضروب العذاب أدهى وأمر، أهو العذاب نفسه( وكفى بجهنم سعيرا) ,أم أنين المعذبين الذي يخترق السمع فيدمي القلب ويبكي العين، أنين مبحوح لا تملك أن تدفعه ولا أن تخففه فيزيد ألما إلى ألمك وشقاء إلى شقائك، أم وقع أقدام الجلاد والإنسان في غمرات الموت أم وقع أقدام الجلاد وأنت تعلم أنه يحمل أسواط عذاب في يديه؟! -أم الأدهى والأمر هو انتظار العذاب وارتقاب الألم! وأفظع مما حل ما تتوقع.! - لست أدري ! إلا أنني أزعم أن ألم نزع القيود والأغلال بعد التعذيب أقسى من كل ألم وأمر من كل عذاب: وقع السهام ونزعن أليم! أيها السادة لقد صب علينا من العذاب ما يوهي الجبال الراسيات، ولا تقولوا إننا لم نمت ! فالأمر كما قال المعتمد ابن عباد: أَجَلِي تأخَّر لم يكُن ... بِهَواي ذُلّي والخُضُوعْ ما سِرتُ قط إلى القِتا ... لِ وكَان مِنْ أَمَلي الرّجُوعْ فليتنا متنا وليتنا خرجنا من دنيا الأوغاد فلو أنها نفس تموت سوية لكنها نفس تساقط أنفسا ولو كان سهماً واحداً لاتقيته ولكنه سهم وثان وثالث يدير رحاها ألف كسرى وقيصر وألف مدير للمدير مدير أسلوب التعذيب أسلوب ماكر ابتدعه أبناء العمومة الأذكياء يستهدف الأعصاب بالدرجة الأولى يبدأ التعذيب بشد القيد على السواعد حتى تسري النار في الأعصاب كما تسري الكهرباء في الجسم المصعوق، أو كما تسري النار في الهشيم، يتم تقنيع الضحية بثلاثة أقنعة سوداء نتنة... تربط إلى الخلف في وسط العنق وتشد حتى ليصعب معها التنفس إلى حد الاختناق يلي ذلك نزع الملابس ويتخذ التعذيب احدى الصورتين التاليتين: 1- الجكوار : وهي الأخف، يرمى المرء على وجه بعد تقييد الأيدي خلف الظهر ثم يتم ربط الرجلين بحبل أو سلك من أسلاك الكهرباء وتشد الأيدي إلى الأرجل والأرجل إلى الأيدي حتى توشك الأقدام أن تلامس الكتفين، فيرتفع الجسم من الأرض ما عدى البطن والأنف أو الجبهة ثم يبدأ الضرب بالعصا على بطون الأرجل فإذا تعب الجلاد أخذ في لي العظام وتمزيق الأطراف والصراخ ممنوع لأنه يؤذي الجلادين و لأن الفم مكمم ومملوء بالقطن فلا يبقى إلا الأنين المكبوت. 2- التعليق: يعلق المرء في باب أو عمود بواسطة القيد المشدود على السواعد والتعذيب في هذه الحالة لا يكاد يوصف فأعلن عجزي عن الحديث عنه فلكم أن تتخيلوا ما شئتم من ألوان الألم وصنوف العذاب. - في حالات الإغماء يتم التدخل الطبي لإعادة المرء إلى دائرة الإحساس والألم فيالها من رحمة. - بعد التعذيب يسحب المرء على وجهه كسقط المتاع 3- السب والشتم والتقريع أدبيات مصاحبة لكل من التحقيق والتعذيب على حد سواء: على ما قام يشتمني لئيم ** كخنزير تمرغ في الرماد - يقاد الضحية إلى التحقيق أو إلى المرحاض أو إلى التعذيب معصوب العينين مخنوق الأنفاس ويمنع أحيانا من لبس الأحذية رغم تورم الأقدام وألمها المفرط، يقاد الضحية بعنف ويظل يتأثر في الطريق يضربه حاجز أو يسقط في حفرة لا يهم أيها السادة لقد خرجنا من العاصمة كما يخرج الموتى من قبورهم لا ندري إلى أين ؟ ولا من أين ؟ إلى مقبرة جماعية أم إلى جحيم جديد؟ ففارقنا الحبيب بلا وداع وودعنا البلاد بلا سلام بلى قد ودعناها كما ودع المعري بغداد أودعكم يا أهل بغداد ....والحشا على زفرات ماينين من اللذع وداع ضنى لم تستقل وإنما تحامل من بعد العثار على ظلع لقد خرجنا بوجوه شاحبة ذابلة، ونفوس جريحة وقلوب مكلومة وأجساد مزقها العذاب وأضناها الألم. لقد خيل إلي أنا لو اخطأنا الطريق فهبطنا وادي تلابيب فإن اليهود سوف يرتاعون ويندهشون لمنظرنا بل سوف يبكون وينتحبون ألما للألم المرسوم على وجوهنا وحزنا للمأساة المكتوبة على شفاهنا ألما للإنسانية المحطمة وحزنا على الكرامة البشرية الممزقة، لقد كنا نحمل من دروب الألم والأسى ما كان يكفي ويغني ويرضي كل من لديه روح للتشفي والانتقام، كل من في قلبه حقد أو ضغينة، لقد كنا نعلم أن هذه الأرض لا تعرف نخوة مهلبية ولا كرما حاتميا، ولا جودا إياديا، فليس فيها كعب بن أمامة ولا حاتم، لكن ما توقعنا أن ينابيع الرحمة قد جفت إلى الحد، ولا أن القلوب والأكباد قد تبلدت إلى هذا الحد، ولا أن الأحاسيس والمشاعر قد تبلدت إلى هذا الحد، قد كنت سمعت في صغري حديثا مؤداه: أن بغيا من أبناء العمومة دخلت الجنة في كلب كان يلعق الثرى من شدة العطش فسقته فشكر الله لها فغفر لها، وأن الصحابة سألوا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وإن لنا في البهائم لأجرا قال: في كل كبد رطب أجر لقد علقنا جراحنا من فرط الألم فلم نجد بغيا واحدة يتألم قلبها أو تحرك يدها برحمة، سمعت الحديث إن الله كتب الإحسان على كل شيء ...إلخ، أما نستحق شيئا من هذه الرحمة الغامرة، وهذا الحنان المتدفق؟ أما نستحق حتى قتلة كريمة أو ذبحة كريمة؟ وسمعت أبا الطيب يقول: فإنْ كانَ يَبغي قَتْلَها يَكُ قاتِلاً *** بكَفّيهِ فالقَتْلُ الشّريفُ شريفُ وأردف قائلا: والأسر الكريم كريم، لكن لا هذا ولا هذا يتاح أمَا في هَذِهِ الدّنْيَا كَرِيم ** تَزُولُ بِهِ عنِ القَلبِ الهُمومُ أمَا في هَذِهِ الدّنْيَا مَكَانٌ** يُسَرّ بأهْلِهِ الجارُ المُقيمُ تشابهت البهائم والعبدّي *** علينا والموالي والصّميم وما أدري أذا داءٌ حديثٌ *** أصاب النّاس أم داءٌ قديم ؟؟! فلك الله أيتها الحرية الموءدة لك الله من مفجوعة بحبيبها لك الله أيتها الأمة المحزونة لك الله يوم تضعضعت عروش المجد وتهاوت صروح العزة والكبرياء لك الله يوم أن أخلصت عرى المجد لك الله أيتها المزملة يوم أن رضيت بدفع ضريبة الذل والهوان بل لنا الله جميعا أيها السادة ثم أنزلنا الوادي فسمعنا مؤذنا يؤذن: يا صاحبي ألا لا حي بالوادي*** إلا عبيد قعود بين أذوادي أتنظران قليلا ريث غفلتهم*** أم تعدوان فإن الريح للعادي فقلنا اللهم لا ضير إلا ضيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك ثم أمعنا النظر فرأينا ناسا صالحين فقلنا هذا أول الفرج فما كان إلا أن أدخلونا قبورا جهنمية وصفدونا بالسلاسل والأغلال وكان ذلك في مستهل رمضان شهر الرحمة والبر، ومنعنا من الهواء الطلق ومن المراحيض، فكنا كمن يأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ولكنه عذاب غليظ، وما زلنا في السلاسل حتى هذه اللحظة وما زالت المراحيض ممنوعة. فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، اللهم إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي ولكن عافيتك هي أوسع لنا ولكنما آثآرنا في محارب! أيها السادة هناك أمران يعمقان الجراح أما أولهما: فإن المرارة لتتضاعف وتزداد حيرة عندما يؤخذ الإنسان بجريرة غيره ويلبس تهمة لا علاقة له بها: لكلفتني ذنب امرئ وتركته *** كذي العر يكوى غيره وهو راتع لو كان لي فالأمر ناقة أو جمل لهان الخطب ولما تبرأت ولما اعتذرت، بل كان لي رأي آخر وموقف آخر وكلام آخر وأزعم أن عندي من الشجاعة الأدبية ما أستطيع أن أواجه به مثل ذلك الموقف بكل حزم وإصرار وثبات، وما يجعلني أتمثل بيت امرئ القيس في غير تردد ولا احجام:: بكى صاحبي لما رأى الدرب*** دونه وأيقن أنا لاحقان بقيصرا فقلت له: لا تبك عينك *** إنما نحاول ملكاً أو نموت فنـعـذر لوكان لي في الأمر ناقة أو جمل لقلت نعم بملء في كنت هناك كنت في ركب أبي تمام:: وَرَكبٍ كَأَطرافِ الأَسِنَّةِ عَرَّسوا ** عَلى مِثلِها وَاللَيلُ تَسطو غَياهِبُه لِأَمرٍ عَلَيهِم أَن تَتِمَّ صُدورُهُ **وَلَيسَ عَلَيهِم أَن تَتِمَّ عَواقِبُه وحسبي أن اثبت شرف المحاولة: وأما الثاني لقد كفتنا مؤنة التعبير عنه عاصمة البولانية أعاصي جودي بالدموع السواكب ** وبكى لك الويلات قتلى محارب فلو أن قومي قتلتهـم عـمـارة ** كرام سراة من رؤوس الذوائب صبرنا بما يأتي به الدهر عامدا** ولكنما آثارنا في محارب قبيل لئام إن ظهرنا عليهم ** وان يغلبونا يوجدوا شر غالب تهميشات على أحاديث النيابة أيها السادة سأل جرير ابنه يا أبت إنك لم تهج قوما إلا وضعتهم إلا ما كان من أمر تيم، فقال يا بني إني لم أجدا حسنا فأضعه ولا بنيانا فأهدمه، وأنا أشهد أن أحاديث النيابة هزيلة هزيلة لا تشبه في هزالها إلا ناقة غيلان: قد هزلت حتى بدى من هزالها ** كلاها وحتى سامها كل مفلس وأشهد أن أحاديثها كلام أينما توجه لا يأتي بخير وأن أصدق ما يقال فيها قول الحق جل وعلا "إن هو إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون" وأن أحاديثها فاحشة يحرم نشرها وسماعها. لقد قالت النيابة الموقرة وهي تبدو غاضبة ومتأثرة وتلك غضبة غير مضرية ولا تميمية، قالت إنني دبرت وتآمرت وهربت ثم صاغت ثلاثة براهين تحسبها قطعية الثبوت والدلالة: 1- أني كنت في انواكشوط ليلة الثامن والتاسع من يونيو اللهم فاشهد ولكن وبحساب النيابة فقد خرج ثلاثة ملايين من انواكشوط وكنت في المليون الذي سلك طريق الأمل فهل يحق أن أعاقب وحدي دون بقية المليون!؟ . 2 - أني صديق لمولاي بن ابراهيم اللهم فاشهد! ولكن إذا كانت هذه جريمة فهل لا عوقب جميع أقاربه وأصدقائه. 3- أني اعتقلت في المنزل الذي اعتقل فيه عبد الرحمن ولد ميني ولكن اللوم هنا على الأعراف والقوانين، فلم لم تلزم الناس بالبحث والتفتيش بالعمارات والأحياء التي يسكنونها؟. وهي أدلة إن جمعتها فلا تعدو أن تكون جمعت أصفارا، وإن فرقتها فقد فرقت أصفارا، وهو عبث لا يليق ولعله أخف الضررين: فلننظر فيها واحدا واحدا.... ثم قالت إني اعترفت أمام القاضي المزعوم وتلك مقولة أنثى جوابها ذكر لقد مثلت بنفس القيود التي كنت أعذب بها منذ تاريخ 24 سبتمبر، وكان القاضي محاطا بالجلادين وأعوانهم، وأحضرني عسكريان مسلحان عن اليمين وعن الشمال، وكنت قد تشربت من الآلام والمآسي من جراء التعذيب والتهديد، وهددت إن أنا تراجعت عن أي تصريح بأن أعاد إلى مدرسة الجحيم... وكنت قد حملت زفرات الضحى فأطقتها ***ومالي بزفرات العشي يدان وأعتقد أنني غني عن تذكيركم أيها السادة وتذكير النيابة الموقرة بما قرره الأصوليون بصيغ مختلفة ابتداء من الشافعي وليس انتهاء بسيد عبد الله بن الحاج ابراهيم، أن الأصل بقاء ما كان على ما كان ... الأصل براءة الذمة ... الأصل في الأشياء الإباحة. وأرجو ألا تكون ذهنية النيابة كذهنية مشركي مكة (لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا)" أو ذهنية أبناء العمومة ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة)." عزائي ان كان لي من عزاء... أيها السادة عزائي: باني بحمد لله لا ثوب غادر *** لبست ولا من خزية أتقنع وأني: ...ما أَهْوَيْتُ كَفِّي لرِيبَةٍ ... ولا حَمَلَتْنِي نَحْوَ فاحِشَةٍ رِجْلي وأَعْلَمُ أَنِّي لم تُصِبْنِي مُصِيبَةٌ ... مِن الدَّهْرِ إلاّ قد أَصابَتْ فَتىً قَبْلِي شارك هذه الأمة في دفع ضريبة التخلف والغربة عزائي أنني غريب من غرباء , غرباء الروح والهوى والاهتمام!: غرباء ولغير الله لا نحني الجباه غرباء وارتضيناها شعارا للحياة إن تسل عنا فإنا لا نبالي بالطغاة نحن جند الله دوما دربنا درب الأباة غرباء ..غرباء.. غرباء.. غرباء.. غرباء.. غرباء.. غرباء.. غرباء لن نبالي بالقيود بل سنمضي للخلود *** غرباء ضاقت بهمتنا الأرض *** وضجت واستثقل الناس منا غرباء نسير في كل درب ***والحنين المشوب في شفتينا عزائي أنه نكد لدنيا المولع بالأحرار: فيانكد الدنيا متى أنت مقصر *** عن الحر حى لا يكون له ضد يروح ويغدو كارها لوصاله *** وتضطره الأيام والزمن النكد
. فلما أن جاء البشير! جاء المحامون أيها السادة ... جاءوا يلملمون خيوط الفجر ويصنعون الفجر ويكتبون التاريخ بشظايا المروءات المهشمة. لقد رفعوا رأس الأمة وبيضوا وجوهها لقد مسحوا وجوهنا وضمدوا جراحنا، ورغم العقبات الكثيرة فإنهم أبوا أن يملونا لقد كانوا ملائكة رحمة... كانوا ريحا وريحانا... كانوا نسيما حانيا يحمل البشر والسرو: ورق نيم الريح حتى حسبته*** يجيئ بأنفاس الأحبة نعما. ** وما كان ياتي الصبر لولا رسائل*** تحمل لي سرا فتلهمني السلوى لقد أعادونا للحياة وأعادوا إلينا الحياة والأمل: فشكرا لهم شكران شكر على الهوى *** وشكر ا عل الشكر الذي فعلوا بعد . وكأنهم أنصار جدد يكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع.. ثم قاموا متشحين بالسواد حدادا على المكرومات .. يدافعون عن الحق والشرف والمروءة في موقف من مواقف البطولة والشهامة فذكرنا سوادهم بسواد العباسيين وأمجاد العباسيين وسيوف العباسيين وقصائد العباسيين فشكرا لكم ياحفادج العباسيين وياشعراء العباسيين : من القاسِمينَ الشُكْرَ بيني وبينهم ***لأنّهم يُسْدى إليهمْ بأنْ يُسْدوا فشكري لهم شُكران: شُكرٌ على الندى ** وشكرٌ على الشُكرِ الذي وهبوا بعْدُ وبعد وللتاريخ، ومعذرة إلى ربكم. والتاريخ هنا ليس صنما يعبد من دون الله ولاهو شبح، بل هو تحديدا ما سأل أب الأنبياء ربه {واجعل لي لسان صدق في الآخرين .. وتركنا عليه في الآخرين ...} إنه ما يقال ضحى الغد وأعني {إنا نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم}. التاريخ هو ما قال رب العالمين سبحانه عن جماعة من رسله : (وتركنا عليه في الآخرين ) وما قال الشاعر: إنا لنذكر والرماح تنوشنا *** يوم الكريهة ما يقال ضحى الغد وما قال الآخر: إذا ما صَنَعْتِ الزادَ فالتمسِي له *** أكِيلاً فإنِّي لستُ آكِلَهُ وَحْدِي أخاً طارقاً أو جارَ بيتٍ فإنَّني *** أخاف مَلاَماتِ الأحاديثِ مِنْ بَعْدِي
إننا نقرأ تاريخ العبيديين والقرامطة والباطنية ودويلات طوائف الأندلس ... فنلعن ونشتم ونقول إنها أمم لم تنظر يوما إلى الأفق.. وما كان لها طموح، ونجد أن أمثال {الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها..} كثيرة، ولكن أمثال العز بن عبد السلام قليل ونادر، وأمثال الحكم بن عمرو الغفاري قليل ونادر.. وأن جيلا من بعدنا سيقرأ ما كتبنا وما تركنا.. إن خيرا فخيرا وإن شرا فشر، وكل ينفق مما لديه. وللتاريخ أيها السادة؛ فإننا وإن صبرنا وتجملنا فإن ذلك لا يعفي من من المسؤولية التاريخية. وكم دهمتني من خطوب ملمة صبرت عليها لم اتخشع فادركت ثاري والذي قدفعلتم قلائد في اعناقكم لم تقطّع أيها السادة إنني أشهد الله وأشهدكم أنني بريئ بريئ ، وأن الزامي بتلك المحاضر اللقيطة هو من قبيل (ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا) فَلا تُلزِمَنّي ذُنوبَ الزَمانِ إِلَيَّ أَساءَ وَإِيّايَ ضارا إنني أطلب من هذه المحكمة الموقرة أن تمتلك الشجاعة الأدبية والأخلاقية في أن تتمثل قول زياد: يعجبني الرجل إذا سِيمَ خُطة ضَيْمٍ قال: لا. بملئ فيهِ وأطلب منها ثانيا وان كان من نكد الدنيا ... أن تعيد إلينا حريتنا المسلوبة .. فمتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا. |