من النادر جدا أن تجد في كناش محظرة ما يشير إلى أن أهلها كانت لديهم اهتمامات خارجة عن المألوف من أعمالهم العلمية من تفاسير و شروح و أنظام في العلوم الشرعية و ما يعين عليها من الآداب المهذبة فكما هو معروف و مع أنه

لا وجود للبابوية في الإسلام كثيرا ما ينظر في المجتمع الأهلي غلطا إلى شيخ المحظرة أو لمرابط كقس و إلى طلبته كرهبان نسوا نصيبهم من الحياة .. صحيح أن الأصل في مثل هذا التصور يوجد في التورع عن الشبهات الذي يليق بمقام العلم لأن الورع كما يقال هو نور العلم لكنه من الخطأ الظن بأن الوسط المحظري كان "حافيا"بالمعنى المجوني للمفهوم فالناس كالناس بشر ... و إذا كان التورع المذكور سابقا قد قادهم إلى عدم تسجيل جوانب من حياتهم لا تصب في ما ينتظر منهم المجتمع فإن " أخبارهم اللورانية" اي تفاصيل حياتهم لا تؤخذ إلا بواسطة "الحنكية" أو من أفواه المدركين كما قال لي ذات مرة لمرابط محمد سالم ولد عدود رحمه الله ..

و بالرغم من صدور موسوعات وكتب ، في الآونة الأخيرة ، تتحدث أو تشير إلى تلك الجوانب غير المألوفة من حياة الطلبه فإن نبش الموروث الثقافي الشفهي و استنطاقه ما زال دون المطلوب ....لذلك ارتأيت من خلال هذا المنشور أن أطرح إشكالية العلاقة بين المقدس و " المدنس " أو بين المعهود و المحظور في الحياة المحظرية ..مستدلا بنموذج وقفت عليه في ما وصلنا من آثار محظرة العلامة محمد عبد القادر " اقا " بن حبيب الله بن محمد سالم المتوفي سنة 1955م الذي كان شيخا لمحظرة من أعظم محاظر عصره ... و يعد العلامة المختار بن حامد ضمن كبار العلماء الذين أخذوا عنه ..و قد قال هذا الأخير في إحدي بنات الشيخ التي تعرف بلقب "اوحيشية " حين سمع بخبر طلاقها :

"وحيشية " صيدت زمانا فطلقت -- فيا عجبا وحش يصاد فيطلق

فلم آر مثلي طلق اليوم مثلها -- ولا مثلها في غير حرم. يطلق

... وهي نفسها التي قال فيها محمد ( أبوك ) ولد محمد خوي :

هذا لفريكً ءان نبغيه -- يغير أغلا ذاك اعليً

بيً ذاك اوحيشيه فيه -- اهذا ما فيه اوحيشيه

----- وقال فيها ايضا :

علمني ملان يحد -- ما شاف اوحيشيه اعشيً

تتمشً شور الخيمه بعد -- عنو ما شاف. أجنبيً

....رحم الله السلف و بارك في الخلف ...و كأني بالذيب الذي يحتضر بالقرب من المخيم ( لفريكً ) و هو يقرأ هذا المنشور ثم يفتح إحدي عينيه مستغربا ويقول بالغمزية التي اكتسبت شهرة عند أهل لخيام :الطلبه يا الطلبه !!

----------------

من صفحة الأستاذ عبد القادر ولد احمدو على الفيس بوك