قبل أربع سنوات من الآن ــ وتحديدا قبل انكشاف حقيقة الجحيم العربي الذي حاول البعض استنساخه محليا عبر دعوات الرحيل التي برهنت على فشل خيارات ذلك البعض الذي يعد غلام أحد أبرز منظريه ــ وصلتني رسالة على الإيميل من محمد غلام ولد الحاج الشيخ عبر فيها عن استياءه من دعمي لنظام محمد ولد عبد العزيز وموقفي المناهض لما أسماه "ثورة الشباب" ؛ ويدعوني فيها إلى التأني وعدم إحراق المراكب وقعر القرب .. وبالرغم من عدم وجود معرفة مسبقة بيننا لا في الحقيقة ولا حتى في العالم الإفتراضي إلا أنني لم أستغرب وصول تلك الرسالة إلى بريدي الخاص لعدة أسباب أهمها أنني كنت أرفق عنوان بريدي الإلكتروني بمقالاتي المناوئة لما يسمونه الربيع العربي ، أما السبب الثاني فمرده خطؤ فني في حسابات النائب محمد غلام .. تذكرت تلك الرسالة الليلة بعدما ساقتني الصدفة لمتابعة جزء من برنامج الرأي العام على قناة الوطنية والذي كان ضيفه النائب محمد غلام ولد الحاج الشيخ وقد استوقفني في حديث النائب عدة مغالطات أوجزها فيما يلي : ــ في مجال الصحة تجاهل غلام كل ما تحقق على أرض الواقع من إنشاء للمستشفيات وتجهيزها بأحدث التجهيزات واكتتاب جميع أبناء الوطن المختصين في المجال ؛ وحتى يتلاعب النائب المحترم بمشاعر ضعفاء العقول بدأ باجترار صورة مستوردة من الماضي حين كان العلاج من أبسط الأمراض مرتبط بالسفر للخارج ..
ــ الحديث عن التطبيع مع اسرائيل قاد صاحبنا لاستعراض عضلات التيار الذي ينتمي إليه متناسيا أن الشعب الموريتاني كله دفع فاتورة النضال ضد التطبيع سجنا وتعذيبا ونفيا ؛ ونسي غلام أو تناسى أنهم "تياره" حين قبلوا الدخول في حكومة مطبعة حاز ولد عبد العزيز المجد التاريخي كله بقطعه العلاقات مع الصهاينة ودك جرافاته لوكرهم؛ فكان هذا سببا كافيا لدعمي له رفقة أغلب الشعب الموريتاني الذي برهن على ذلك في الاستحقاقات الرئاسية ..
ــ محاولة غلام إنكار وطمس إنجازات نظام ولد عبد العزيز اصطدمت بصخرة الواقع المعاش لذلك لجأ النائب الموقر إلى القول بأن ما تحقق أنجز بأموال الشعب ومقدراته وعليه يضيف غلام ينبغي عدم إتباعه بالمن ؛ وأنا هنا أشاطر ولد الحاج الشيخ الرأي لكني أطالبه بالمثل حينما يتعلق الأمر ببناء مسجد أو حفر بئر أو تقسيم لحوم أضاحي تم منحها من طرف أفراد أو جمعيات خيرية خليجية لفقراء موريتانيا دون أن تكون موجهة لتيار بعينه يستخدمها لتوجيه بوصلة المقترعين ..
ــ حاول غلام جاهدا تبرير إشادته بمطار أم التونسي إلا أن كل ما قال لم يقنعني ببطلان مقولة أحدهم بأن تلك الإشادة جاءت تحت الطلب المقدم من طرف أحد المقربين اجتماعيا من رجل الأعمال المالك لشركة النزاهة المنفذة لبناء المطار ؛ ويشغل هذا الوسيط منصبا قياديا في التيار الإخواني ..
ــ حديث غلام عن المحاظر والمعاهد لم يخرج عن المألوف شيطنة الخصم ورميه بأبشع الأوصاف والنعوت محاولا بذلك كسب الرأي العام وهي خطوة لا يلجؤ إليها إخوان موريتانيا إلا إذا كان هناك منعرج خطير في مسار التيار .. إلا أنني كنت أهيب بالنائب غلام اختيار مفرداته بعناية حال حديثه عن العلماء والمفكرين الذين لا يشاطرونه التوجه الأيديولوجي ؛ إلا أن غلام فضل التعريض بهم في الوقت الذي لم يجد حرجا في تبرير أخطاء أمير قطر والدفاع عن فتاوى القرضاوي ..
ــ بالحديث عن الحوار اختتم غلام كلامه عنه بتمثيله برجل تقدم لخطبة امرأة فاشترط أهلها عدة شروط فبدأ الرجل بإعداد وليمة إعلان الزواج قبل تحقيق شروط أهل المرأة التي سيتم على أساس تحقيقها عقد القران ؛ فأردت تذكيره وصحبه بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : " .. إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج " وضرورة الإذعان للشرط القائل : " لا سابقة ولا لاحقة" .
كما أدعوه إلى الفضيلة من خلال اعترافه بحقيقة إنجاز الكثير على أرض الواقع في ظل النظام الحالي ؛ وإلى التأني وعدم إحراق المراكب وقعر القرب .. ملاحظة : لم أتابع الحلقة كاملة لذلك اكتفيت بالرد على الجزء الذي شاهدت من البرنامج.
احمد ولد الدوه- صحفى