يعتنق مثقفو هذا البلد ثنائية معقدة تتراوح بين النقيضين ، لدرجة تجعل احدهم يعيب فعلا او سلوكا يتخلل ثنايا سطوره بشكل افظع وأبشع مما يعيب .
انها ازدواجية التفكير ، والعقل المصمم على التفكير بمنطقين ، وعمى الالوان الفكري .
من امثلة ذلك أنك تجد تقدميا يصم السلفي بثقافة وفقه وفكر النكاح ، بينما يغرق هو في قاموس حبه المفتون بالسكر والعهر والعري والقبلات والخمر .
وآخر يحدثك عن الدولة المدنية وهو يصول صولاته البكر لأنه وقع تحت طائلة القانون بغرامة من أمن الطرق كانت نتيجة لعدم ربطه لحزام الامان او انتهاء صلاحية الرخص .
ويتحفك اكاديمي متحرر بحديث عن احترام الرأي والتوجه بينما يتخذ من رفيقه بالأمس مادة للسخرية والاتهام والتخوين وبيع المبادئ لأنه اختار ان يوالي السلطة التي يعارضها .
ولا تندهش حين يسمعك احدهم خطبة عن الفساد تحاكي في بلاغتها ارتجالات قس بن ساعدة الايادي بينما يسابق الريح لدفع الرشى لإنفاذ مصالحه والتسريع من حصول مبتغاه .
وبالطبع سيكون مستساغا بحكم العادة ان يلعن احدهم بلدا لا يجد فيه الكريم طريقا لحقه غير الواسطة ، وهو الذي بذل ماتبقي من ماء حيائه في توصيات اقاربه ومعارفه بحثا عن وسيط يتلقفه من جحيم البطالة .
وهنا اتوقف لاستحالة الحصر ولأقول للذين انتكست ضمائرهم رعبا من صرير أمعائهم ، وللذين خالوا الأقنعة تشبه الوجوه ، ومن اسرجتهم الحاجة وأثارت بهم النقع على الموائد وأورت بهم قدحا على ظهور الجياع المتعففين .
لقد سئمناكم ولكم منا ما للقوم من حسان بن ثابت " عدمنا خيلنا إن لم تروها ... "
---------------
من صفحة الاستاذ محمد أفو على الفيس بوك