لا يمكن لحواء أن تدردش في هذه البلاد، دون أن تتحدث ولو يسيرا عن إحدى القضايا الاجتماعي الشائكة التي ما زالت تعيق تقدم عمل المرأة، وتقف حجر عثرة أمام تغير بعض المفاهيم التي لم تعد مسايرة لمقتضيات المدنية، وما يصاحبها من النمو الحضاري في هذه الربوع. فرغم ما حققته حواء هنا من تقدم وتميز في مختلف الأصعدة، وشتى المجالات شهد بها القاصي قبل الداني، إلا أن ذلك لا يلغي أبدا أن بعض السيدات ما زلن يعانين الأمرين من عدم تفهم الأزواج وعقيلة المجتمع لإمكانية الجمع بين متطلبات المنزل وما تقتضيه مسؤولية العائلة، ومتطلبات الوظيفة وما تتطلبه من انشغال خارج البيت، ففي حين أثبتت المرأة أن ذلك الجمع ممكن إن تمكنت من تنظيم وقتها، وترتيب أولوياتها، يصر بعض الرجال للأسف على عدم تقبل عمل المرأة، ويحسبه يشل أداء المرأة في البيت ويعرضه للضياع والفوضى، وهو تصور أثبتت الأيام والتجربة أنه عار من الصحة، ولا ينبني على أسس علمية. إنه من غير المقبول في هذا العصر، وفي مثل هذه الظرفية التي يمر بها العالم أن تبقى المرأة رهينة المنزل، بعيدا عن مجال التعليم أو الوظيفة، وأن تحشر نفسها بين جدران مطبخ أو تتبع للموضة، وبحث عن القيل والقال نتيجة الفراغ والخمول، وهو ما يؤثر سلبا من حيث لا تشعر على تربيتها لأبنائها، وخدمتها لمجتمعها إن نظرة المجتمع لعمل المرأة ما تزال أسيرة ثقافة بدوية تحتضن المرأة في زاوية من البيت ، للإنجاب والطبخ والثرثرة، وتعتبر خروجها وعملها غير ضروري وغير مقبول وفي هذا السياق ينبغي أن تعمل الجهات المعنية والمثقفون والمهتمون بالقضايا الاجتماعية على محاولة التغلب على هذه الظاهرة المزعجة إن المرأة كاملة المواطنة ويستحق عليها هذا الوطن الذي تربت فيه وترعرعت في أحضانه ، ووثرت جيناته، أن ترد له الجميل، وأن تساهم في بنائه وتطوره، وأن تقوم بأداء واجبها لخدمته في مختلف القطاعات وما هو عليها بعسير، ومن المستحيل أن ينهض هذا الوطن دون أن يساهم الجميع رجالا ونساء في ذلك البناء وتلك الجهود وليس فخرا بقدرما هو حقيقة أن المتميزات في أداء وظائفهن هن المتميزات في البيت ومن أشرفن على تربية أبنائهن تربية صالحة، وقدمن نماذج رائعة للمرأة الصالحة، والمواطنة المخلصة لوطنها وعائلتها. فمتى يفهم المجتمع هذه الحقيقة، ويضع الأمور في سياقها الصحيح؟