صابر عارف
انعقاد المؤتمر الصحفي المصري الاسرائئلي المشترك قبل البدء بجولة المحادثات بينهما على عكس العادة والبروتوكول الدبلوماسي. يعكس حميمية الاجواء والعلاقات بين الطرفين ويؤشر لطبيعة النتائج المتوقعة سلفا التي لا يحتاج المراقب والمحلل للإعلان عنها، ومؤشر له دلالاته الشكلية التي تكمل وتؤكد الدلالات الكثيرة على عمق وصلابة العلاقة التي تجمع نظام السيسي مع الكيان الصهيوني وزعيمه البيبي نتنياهو الذي طالما تغنى عبد الفتاح السيسي بقدراته وطاقاته القيادية والابداعية التي تؤهله ليس لقيادة المنطقة فحسب، بل لما هو ابعد من ذلك، ويبدو ان السيسي خاف او خجل من اوباما وامريكا وأحجم عن ترشيحه لقيادة العالم ومن منا لا يحفظ عن ظهر قلب بحزن وألم شديدين ما ذكره موقع صحيفة “ميكور ريشون” الاسرائيلية قبل اسابيع عن أن السيسي، يتملق قادة التنظيمات اليهودية الأمريكية بكيله الثناء والمديح والتعبير عن إعجابه بشخصية نتنياهو وقدراته القيادية، عندما كتب مراسل الصحيفة، تسفيكا كلاين، إن قادة “لجنة رؤساء” المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة أبلغوا نتنياهو خلال لقائهم به بأن السيسي أبلغهم خلال لقائه بهم بأن “نتنياهو قائد ذو قدرات قيادية عظيمة، وهذه القدرات لا تؤهله فقط لقيادة دولته وشعبه، بل إنها كفيلة بأن تضمن تطور المنطقة وتقدم العالم بأسره” . لاحط التسليم المباشر والمبتذل بدور نتنياهو القيادي للسيسي نفسه الذي كمن يقف بالطابور مؤديا التحية العسكرية معلنا الولاء والطاعة لقائده وجنراله .فماذا يمكن ان ترجو أمة العرب من رئيس تخلى عن دور بلاده الريادي والقيادي وسلم امره وقيادته لعدوه .!!؟؟ .
تعمدت ان انقل النص الحرفي لما كتبته الصحيفة الاسرائيلية اليمينينة ، والذي لم يتم نفية من اي مصدر كان ، حتى لا يتهمني احد بالتجني والجنون ، واقسم بالله العظيم انني ورغم عراقتي بالسياسة وتقييمي اليقيني لشخص السيسي ودوره تجاه العلاقة مع اسرائيل منذ كان مديرا ومنسقا لهذه العلاقات ، الا انني ما زلت وبالرغم من مرور الاسابيع على هذا الخبر اشك بصحه ما قرأت وبسلامة عيوني ولا اصدق نفسي ، فالعقل البشري الذي يعرف عظمة وتاريخ مصر الفرعوني والعربي والافريقي حتى لا نقول الدولي لا يستطيع ان يستوعب او يصدق مواقف كهذه يمكن ان تصدر عن رئيس يمثل ما يزيد عن 90000000 مليون مصري ، ويدعوه العرب الذي ناهض عددهم ما يزيد عن 200000000 مليون لقيادتهم !! .
الأكيد ان المسالة والزيارة لا تتعلق باعادة شوية حديد سقطت من الطائرة المصرية المنكوبة في بحر طولكرم مدينتي ، فهذا ما يستطيع انجازه اي موظف في السفارة المصرية المشرعة الأبواب في تل ابيب منذ عشرات السنوات ، ولا تتعلق بالحصار على غزة ، فانه محكم باتفاق وتوافق اسرائيلي مصري تام ، ولا تتعلق بالعلاقات الثنائية فهي عال العال وبازدهار مضطرد ، حيث يصفها قادة العدو وساسته بانها ،، كنز استراتيجي ،،..وبالامس وبعد انتهاء المحادثات قال عنها ووصفها نتنياهو بانها ،، ذخرا امنيا وقوميا لاسرائيل ،، .
لهذه الزيارة ( التي تاجلت تسع سنوات وكان نظام حسني مبارك المقبور يماطل فيها ) أبعاد أهم وأعمق من ذلك بكثير ، وحسب ظني وتقديري انها تستهدف ::
■■ تستهدف البحث وتبادل الآراء في الرشوة التي ستقدم لمحمود عباس حتى يعود للمفاوضات المباشرة بقليل من بياض الوجه الذي لا يمكن أن تبيضه أو تجمله كل مساحيق الكرة الارضية .. للعودة للمفاوضات وما ادراك ما المفاوضات التي أصر عليها نتنياهو مجددا في المؤتمر الصحفي عندما طالب ودعا محمود عباس للاقتداء بالتجربتين المصرية والاردنية في المفاوضات المباشرة . ويبدو ان ،، ريالة ابو مازن بتشط ،،ويبحث عن مخرج ناقشه بالتاكيد مع شكري اثناء زيارته له في رام الله قبل اسبوعين . والطبخه على نار خفيفه !! .
■■ تستهدف التنسيق فيما بينهما لإستكمال نتائج جولة نتنياهو الافريقية التي ما كانت لتتم لولا غض النظر المصري ان لم يكن بدعمها وتسهيلاتها والتي شارك فيها سبع زعماء دول إفريقية يصل عدد سكانها حوالي 260 مليون نسمة. ووافقوا على العمل لتعزيز علاقاتهم باسرائيل. وانهم سيعملون من أجل قبولها كعضو مراقب في الاتحاد الإفريقي الذي يضم 54 دولة ، وتهدف زيارة شكري التنسيق معا للتغلب على العقبات التي ما زالت تقف حائلة دون ان تصبح اسرأئيل عضوا مراقبا في منظمة القارة الافريقية التي كانت مصر العروبة اول من طارد وجودها في القارة السوداء صديقة وحليفة العرب التاريخية ، فاكثر من نصف العالم العربي يقع في قلب هذه القارة ويعتبر احد ابرز مكوناتها . فيا للعار ، فأي منحدر وصلت اليه مصر في ظل نظام السيسي ،بعد ان كانت تعرف قديما بقاهرة المعز وكانت تعرف حديثا بقلب العروبة النابض .
■■ تستهدف الزيارة المشؤومة التغلب على التباينات المتعلقة بالمبادرة العربية ، فبعد ان استجابت الدول العربية ممثلة بمصر وبحكام السعودية والخليج للتعديلات الي اصر عليها نتنياهو وبعد ان جيء بأحد ابرز دعاة الاستسلام العرب احمد ابو الغيظ ليكون امينا عاما للجامعة العربية لا بد من استكمال هذه الحلقة والتفاهم بالضبط مع الاسرائيلي على النقاط التي يجب تعديلها حتى تكون مصر مسوقا وسمسارا لها في الأروقة العربية .
■■ تستهدف التنسيق لتعزيز العلاقات الاسرائيلية السعودية الخليجية بوساطة ورعاية مصرية للوصول بهذه العلاقات للعلنية والترسيم ولتصبح كالعلاقات مع الاردن ومصر ، وللبحث في كل ما له علاقة بالمثلث الاسرائيلي المصري السعودي ، كالجسر الرابط بين مصر والسعودية الذي ما كان ليكون لولا الموافقة والقبول الإسرائيلي وكقضية الجزيرتين الذي أصر الشعب المصري على مصريتهما ووجه بذلك لكمة قوية للسيسي وسياسته .
■■ لا تستغرب القول بان احد اهداف الزيارة تاكيد المؤكد والقول للجميع من مصريين وعرب وعجم بان موقع مصر السيسي في الصراع الذي انحصر ليصبح صراعا اسرائيليا فلسطينيا فحسب ، بعد الانسحاب العربي الذليل منه هو الحياد التام وعلى المصريين ان ينطلقوا نحو السلام الحار مع الجار الاسرائيلي وينهوا مرحلة السلام الفاتر ، وعلى الفلسطينيين والعرب ان لا يراهنوا على اي دور مصري لمصلحتهم ، والقول للعالم بان مصر بانكومية 100% في سياستها ، نسبة لبان كي مون الامين العام للامم المتحدة الذي يستنكر وبأشد العبارات بعذ سماعه لحادث سير فلسطيني جرح بسببه مستوطن صهيوني ويغض النظر عن الجرائم اليومية التي يرتكبها جيش الاحتلال ومستوطنيه التي تطال الشجر والحجر والبشر على حد سواء وكل شيء عندهم مستباح امام ناظري العالم اجمع .
كان شكري غير المشكور لا على زيارته ولا على جهده الذي يدعي بذله لتحقيق السلام ،،لبقا ،، ومتماسكا في التعبير عن سياسة رئيسه السيسي التي تؤكد يوميا وبالملموس حيادها التام والمطلق تجاه الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، فساوى بجدارة بين الضحية والجلاد وبين الظالم والمظلوم وبين المغتصب الفاعل والمغتصب المفعول به ، واعطى لكل ذي حق حقه !!! انها مهازل التاريخ !!! ، ومما يغيضك ويستفزك ان الزارة تأتي في توقيت سيء ومعادي جدا للشعب الفلسطيني الذي يعاني الأمرين مما ذكرنا ومن اتساع وشراسة الهجمة الجديدة التي تقودها حكومة نتنياهو الذي استقبل ضيفه الذليل بالإعلان عن ميزانية 50 مليون شيكل لدعم الاستيطان في الخليل وكريات أربع !! . وعجبي يا مسامح الذي لن يسامحك شعبنا ولا الشعب المصري على هذه السياسة التخاذلية الذليلة !! .
زيارة وزير الخارجية المصري إلى القدس “تشكل دليلا على التغيير الذي حدث في العلاقات الإسرائيلية المصرية”. في عهد الرئيس السيسي ووزيره الذي بدا بزيارته هذه حملته للترشح لرئاسة جامعة النفابات العربية أو لاحتلال منصب دولي ما ، وبدون ان تتضمن السي في زيارة ومباركة اسرائيل لن يحالفه الحظ ابدا لتولي المناصب التي يهيء لتوليها . وليس بعيدا ان يقوم النتن ياهو بزيارة وغزو جديد لمصر قد يمهد الطريق لرسم خارطة جديدة للشرق الأوسط وفق نبوءة السيسي لا وفقه الله .
الحذر الحذر من الخنوع لسياسة السيسي والحذر الحذر من العودة للمفاوضات حتى الممات . .