في موريتانيا نولد ونحن نصفق تضعنا أمهاتنا هكذا، يحدث ذلك عادة في 31 دجمبر من كل سنة (الذي يصادف اليوم الوطني للتكاثر العشوائي)، هذا ما تشهد به وثائق حالتنا المدنية وإن كانت تلك الوثائق لا تخوض في ساعة ولادتنا، إلا أن المرجح أننا نولد دائما بعد منتصف الليل حتى نبدأ مع السنة المالية الجديدة!
المهم، حسب تلك النظرية العلمية التي تقول إن للإنسان قدرة على التكيف والتأقلم مع وسطه (الإنسان هو ابن بيئته)، يفترض أن اليدين هي أول ما ينمو لدينا وهي آخر ما يشيخ من جسمنا، لأننا سنكون بحاجة ماسة إليهما طوال عمرنا.
ولكن هذا لا يعني أن التصفيق عندنا يتم باليدين فقط، فمنا من يصفق بيديه ورجليه ولسانه وشفتيه، يعني دوام كامل 24/24، مصفقون محترفون، لدينا ريال مدريد وبارسا وأرسنال وباير ميونيخ ما شاء الله دوري أبطال كامل من المصفقين!!
التصفيق عندنا بدأ قبل أن تبدأ الدولة وحتى قبل أن يأتي الذين يفترض أننا سنصفق لهم، كانت تلك هي تمارين الإحماء الأولى التي قام بها الآباء المؤسسون، ثم بعد ذلك حدث ولا حرج، دخلنا مباشرة في مرحلة "التصفيقات المدوية"، ونظريه "صف له وإذا جاء غيره صفق له" وهناك مصفقون سجلوا أسماءهم بأحرف من ذهب، تاريخ مشرف بصراحة شيء يثلج القلب.
والمصفقون عندنا طبقات، أدناها الغوغاء وهم الذين يطبلون ويرقصون ويصرخون وتراهم يركضون وراء السيارات، وأعلاها المصفقون المثقفون أو التصفيق الناعم، بالمناسبة وأنت تقرأ كتابات هذه الجماعة عليك أن تضع بعض القطن في أذنيك حتى لا تتضرر حاسة السمع عندك!!!
ولأن التصفيق غير مضر بالبيئة ويجب أن يستمر، أصبح لدينا مصفقون بالنهار ومصفقون بالليل، بل ومصفقون مداومون يسهرون على التصفيق أيام عطلة الأسبوع والأعياد والإجازات الرسمية وفي شهر أغسطس فالتصفيق عندنا لا ينقطع.
مع أنه والله لا شيء يدعو للتصفيق.
----------------
من صفحة الأستاذ البشير عبد الرزاق على الفيس بوك