عبر الحقب والأزمان برزت نساء رائدات في كل أمة.. انتشر صيتهن لأبعد مدى وتتداوله الأجيال في امتنان بشري نادر لما قدمته المرأة النموذج في مجالات الحياة المختلفة. التاريخ الموريتاني المعاصر يحفظ في الوجدان وفي الذكرة الشعبية والرسمية أسماء لنساء رائدات تجاوز عطائهن الثقافي والمعرفي واشعاعهن السياسي وحضورهن المهني حدود الدولة ليمتد عبر السفح العربي والعمق الإفريقي والبعد الدولي ناشرا خلفه عبق التحدي وروح العزم لدى سيدات هذه الصحراء ومقدما دروسا عظيمة في الصبر والعطاء والتضحية ونكران الذات ... وعلى رأس تلك القائمة والعقد النسائي الفريد سيدة المجتمع و السياسة الأولى في موريتانيا والوزيرة النابهة الناهة منت حمدي ولد مكانس. قد لاينكر بعض المثقفين في بلدي وعالمنا العربي عموما من المبهورين بالثقافات الأجنبية الأدور الإستثنائية لنساء من قبيل روزا باركر الملقّبة بأم حركات المطالبة بالحقوق المدنية في التاريخ الحديث، والتي ألهمت أجيالاً عدة معنى الصمود أمام المطالبة بالحقوق المدنية للنساء...أو فكتوريا وودهال التي عاشت في عصر لم يكن يقر مواطنة المرأة وبالرغم من ذلك ترشحت لمنصب رئيس الولايات المتحدة حينها، أو هيلين كيلر وغيرهن.. لكنه من غير الإنصاف لدى نخبنا المبجلة أن تتجاوز الأدوار الكبيرة التي لعبتها الناها وغيرها من سيدات المجتمع الموريتاني وعدم ابرازها والإشادة بها كل حين على الأقل تشجيعا لها ولهن .. ومادام الحال كذلك فلا بأس بتذكير مختصر لسيرة سيدة حفرت بإرادتها مكانة استثنائية. فالناها خريجة الدراسات العليا المتخصصة شعبة تسيير الأعمال من المعهد العالي للتسيير في باريس شكلت المثال الحي لمثابرة المرأة الموريتانية و الدرس القوي لطموحها المشروع و البناء لتنال بستحقاق ثقة بلدها وشعبها وقيادته الرشيدة في ميادين حياتية مختلفة، فعدا كونها أول سيدة ترأس الدبوماسية في بلادها من بين كل البلدان العربية وحازت حينها على اهتمام الاعلام العربي بفعل الانتصارات الدبلوماسية التي حققتها في ظرف وجيز، تتولى الناها حاليا وزارة التجارة والصناعة والسياحة الوجه الخارجي للقطاع المالي و الحضاري لموريتانيا متولية بذلك إرثا مثقلا بالخيبات خلفه رجال تولوا المنصب ولم يقدموا أكثر من صور تذكارية في الخارج لتعيد الناها للتجارة مجدها والصناعة رونقها والسياحة ألقها عبر العمل على مقاربات بناءة تشرك الجميع في صناعة مستقبل وطني وضاء مليئ بالنجاح والأمل تحت قيادة الرئيس المؤسس محمد ولد عبد العزيز. تقود الناها أحد أبرز الأحزاب السياسية الوطنية وأكثرها حضورا وجماهيرية إنه الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم الذي واكب كل الأحداث السياسية وعرف بمواقفه الوطنية الصادقة و وقوفه بجانب خيارات الشعب الموريتاني الأصيل. كما نالت منت مكناس ثقة حزبها وشعبها لتدخل مرفوعة الرأس قبة البرلمان الموريتاني مرتين ممثلة لشتى أطياف المجتمع ومنافحة عن حقوق الضعفاء و مسمعة صوت المواطنين وتطلعاتم لغد أفضل.
لم تعول الناها يوما على إرث والدها المشرف ولم تستغل أسمه وسمعته النظيفة رحمه الله بل ظلت سيدة عصامية مجدة رغم فخرها وفخر موريتانيا كلها بما قدم لوطنه وأمته إذا لاننسى جميعا أن المرحوم حمدي ولد مكناس هو أب الدبلوماسية الموريتانية فقد قاد في وقت صعب جدا حملة مقاطعة إسرائيل من طرف الدول الافريقية ومناصرة القضية الفلسطينية ولاننسى اصراراه على العودة إلى الوطن بعد الإنقلاب رغم ماينتظره من مخاطر ليسلم أماناته للحكومة الموريتانية حينها.