وجهات نظر .. بوادر ظهور خارطة جيو سياسية جديدة في العالم | 28 نوفمبر

وجهات نظر .. بوادر ظهور خارطة جيو سياسية جديدة في العالم

اثنين, 10/31/2016 - 09:55

تعرف أغلب دول العالم اليوم العديد من التحولات بسب الأزمات و الأوضاع الصعبة التي تعيشها على شتى الأصعدة الإجتماعية منها و الإقتصادية و السياسية، أفرزتها الحروب المنتشرة في جل البلدان، و الإطاحة بأنظمة استبدادية نتيجة انتفاضة شعوبها، أو انهيار اقتصاداتها بسبب الأزمة المالية الخانقة، اضطر معها البعض إلى التأقلم مع الوضع رغم خطورته، في حين قررت فئات أخرى البحث عن أوطان آمنة تجد فيها موطأ قدم.

من هذا المنطلق، ارتأت “أنفوميديا” أن تسلط الضوء على أبرز التحولات التي تشهدها قارات العالم الخمس، من خلال تقديم دراسات حديثة و استعراض آراء محللين و خبراء في الميدان.

التحولات الإقليمية الجديدة في منطقة شمال إفريقيا:

نفتتحها بالتحول المفاجئ الذي تشهده العلاقات المغربية – الموريتانية، التي تعيش أسوأ مراحلها منذ سنوات رغم محاولة البلدين التعتيم على ذلك، فقد سحبت نواكشوط سفيرها من الرباط قبل خمس سنوات دون تقديم توضيح للأسباب الحقيقية وراء ذلك، و اكتفت الخارجية الموريتانية بالتأكيد أن هناك بعثة من الموظفين تقوم بتسيير شؤون السفارة الموريتانية في المغرب، و أن ذلك لا يعني وجود توتر في العلاقات الدبلوماسية.

و تتأرجح العلاقات الموريتانية – المغربية، بين الموقف الموريتاني من قضية “الصحراء المغربية” و علاقتها بالجزائر. فقد توجه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، خلال الفترة الماضية إلى إبداء دعمه لجبهة “البوليساريو”، و استضاف في نواكشوط عددا من مبعوثيها، بينما قامت السلطات بطرد عدد من الموظفين المغاربة كانوا يعملون في موريتانيا، في خطوة اعتبر محللون مغاربة أنها تمت بتحريض من الجزائر.

و ما زاد الطين بلة حين صوتت موريتانيا ضد ملتمس تقدم به المغرب للإنظمام لمنظمة “الإتحاد الإفريقي”، من أجل طرد الجمهورية “الوهمية” من الإتحاد تمهيدا لعودة المغرب للمنظمة الأفريقية، و هو ما أحدث تأزما دبلوماسيا غير معلن أثر على تمثيل المغرب في القمة العربية بنواكشوط. هذا فضلا عن الصراع الأزلي بين المغرب و “البوليساريو” المدعومة من الجزائر بسبب قضية الصحراء.

من جهتها، قامت المملكة بعملية أمنية وصفتها ب”التطهيرية”، مستعملة آليات ثقيلة و سلاح الجو، للحد من أنشطة التهريب و التبادل التجاري غير المشروع بمنطقة “الكركارات” المعروفة باسم “قندهار”، التي كانت تشتهر بمختلف أنواع التهريب، مما وتر الوضع أكثر على الحدود الفاصلة بين المغرب و موريتانيا.

و على صعيد آخر، باتت الجارة الشرقية للمملكة على شفير أزمة مالية حادة وشيكة نتيجة تداعيات انهيار أسعار النفط و مضاعفات تراجع إيرادات البلاد، مما انعكس سلبا على الشعب الذي بدأ يطالب بإيجاد حلول سريعة للخروج من الوضع الخانق.

و في هذا الإطار، دق صندوق النقد الدولي ناقوس الخطر، مؤكدا أن الجزائر مقبلة على “أزمة خانقة” ما لم تتغير السياسات المالية المتبعة حاليا التي أدت إلى عجز متواصل في الإقتصاد الكلي، و ميزان المدفوعات، و الميزان التجاري، مبرزا أن تراجع احتياطات البلد من النقد الأجنبي أصبح مصدر قلق، دعيا المسؤولين في الحكومة إلى تقليص حجم النفقات العامة، و اتباع سياسة تقشفية صارمة.

و إلى تونس و مصر، و رغم مرور أكثر من خمس سنوات على “الربيع العربي” 2011، و سقوط نظام البلدين و ظهور مشهد سياسي جديد، فإنه يمكننا الحديث عن مكونات ثابتة و أخرى متحولة في المعادلة السياسية، و لكننا أمام مشهد متحرك و متغير منه على سبيل المثال لا الحصر سياسة النظام المصري بقيادة السيسي، في حربه على جماعة “الإخوان المسلمين” التي يصفها ب”الإرهابية”، تسببت في زعزعة استقرار المنطقة بأكملها؛ ما أفرز مشهد سياسي في طور التشكل يتجه بموجب قوانين الجدل إلى التمحور حول نقيضين في مستوى البرامج و البدائل السياسية و الإقتصادية، تكون فيه مجموعة أحزاب و تكتلات وتنظيمات من اليسار الراديكالي إلى اليسار الإجتماعي و الديمقراطي، يقابلها التصور اليميني من اليمين الرأسمالي، إلى اليمين الإجتماعي الذي يعطي هامشا للتوازنات الإجتماعية.

أما ليبيا، فما زالت تعاني من توحش الجماعات الإرهابية و توغلها، و تحديدا تنظيم الدولة “داعش”، دون أن يتحرك أحد، الجميع يبدي الرهان على الحكومة الجديدة برئاسة “فايز السراج”، لكنه رهان منقوص، لأنهم غير مستعدين لتقوية الحكومة، و منحها القوة التي تحتاجها في وجه الإرهاب.

المشهد الإنتخابي في دول إفريقيا جنوب صحراء:

تشهد إفريقيا جنوب صحراء، تنظيم 52 مشهدا انتخابيا رئاسيا في 38 دولة خلال الفترة ما بين (مارس 2016 – دجنبر 2017).

و صنفت دراسة أوروبية حديثة الدول المقبلة على تنظيم الإنتخابات ما بين الفترة (2016 – 2017)، حسب أربع فئات وضعت فيها الدول الخالية من أعمال العنف ضمن الفئة الأولى و هي “كاب فيرد، ساو وتومي و برينسيبي و سيشيل”. أما الفئة الثانية، و التي تمثلها نسبة 38 % من الإنتخابات في إفريقيا تدخل ضمنها دول “الغابون، و غامبيا، و غانا”، قد شهدت حوادث عنف منخفضة الحدة كالتحرش و الاستفزاز. في حين شهدت الفئة الثالثة و التي تمثلها نسبة 11 % حالات من الترهيب و الاستفزاز أدت إلى وفاة (20 ضحية على الأقل)، و تندرج “الكاميرون و مدغشقر و السنغال” تحت هذه المجموعة المذكورة، و هي مقبلة على تنظيم الإنتخابات في فترة ما بين عامي (2016 – 2017)، و المجموعة الأخيرة حيث تتفاقم فيها أحداث العنف أثناء الإنتخابات و قد تؤدي إلى مقتل أكثر من 20 ضحية، و تدخل ضمن هذه المجموعة دول مثل “الكونغو الديمقراطية و كينيا”.

“الفوضى” تجتاح منطقة الشرق الأوسط:

تشير الدراسات الحديثة إلى أن ثمة متغيرات و مؤشرات عديدة في منطقة الشرق الأوسط بدأت في التبلور، و هي إن بدت سلبية في ظاهرها كاتجاهات متفرقة، فإن الجمع بينها وفق معادلات التوازنات الجيو – استراتيجية، يؤكد أن منطقة الشرق الأوسط بدأت تنتقل تدريجيا من “الفوضى غير المنضبطة”، بمعنى أنها قد تخرج عن نطاقات السيطرة، إلى فوضى يمكن احتوائها على المدى القصير.

فعلى الرغم من استمرار الصراعات الدموية في سوريا و العراق و اليمن، فإن بقية دول الإقليم تمكنت بأعلى تكلفة متصورة من الحفاظ على الحد الأدنى من التماسك، في ظل بيئات اجتماعية و اقتصادية ضاغطة. كما اتجهت الدول العربية إلى تشكيل “تحالف عربي” يمكن تسميته بمحور “الاستقرار”، و هو إن كان في طور النشأة حتى الآن، فإنه يمثل نقطة توازن أساسية لتأسيس “علاقات متعادلة” إقليميا”.

و قد اتسمت التفاعلات الإقليمية بتصاعد الإعتماد على القوة العسكرية، مع اتباع القوى الإقليمية نهج “الإستباق الوقائي” في مواجهة التهديدات، حيث تبرز عدة ملامح أساسية تؤكد هذا التوجه، و من أبرزها لجوء العديد من الدول من داخل الإقليم و من خارجه إلى استخدام القوة العسكرية لأسباب متباينة، و صعود الإنفاق العسكري و صفقات التسلح التقليدية و غير التقليدية إلى مستوى قياسي. كما شهدت التحالفات الإقليمية تحولات جوهرية من خلال تصاعد الاستقطاب بين المحاور الإقليمية على “أسس مذهبية”، في ظل انتشار التحالفات المرنة في الإقليم نتيجة الافتقاد للتوافق الكامل بين القوى الإقليمية و تناقضات المصالح في أغلب القضايا المعقدة. وتتمثل أهم المحاور المتقاطعة للتحالفات الإقليمية في: التحالف الدولي الإقليمي لمحاربة “داعش” و التصدي للتنظيمات الإرهابية، و التحالف العربي – السني لمواجهة المحور الإيراني في الإقليم، و التقارب المصري اليوناني – القبرصي في مواجهة تركيا.

 وفي السياق نفسه، أكد تقرير إسرائيلي أن الصراعات المذهبية الدائرة حاليا بالشرق الأوسط، ستحدد شكل و مستقبل المنطقة في الوقت القريب.

و أوضح التقرير الإسرائيلي، أن معركة كبيرة ستنشب قريبا ستؤدي لتقسيم العالم الإسلامي في الشرق الأوسط بسبب الصراع السياسي و الثقافي بين السنة و الشيعة في المنطقة، و أن نتائج تلك المعارك ستتحدد وفق الطابع السياسي و الثقافي لكل منطقة. مضيفا أن الصراع بين المذهبين يحدث على أرض الواقع، من خلال أذرع كل منهما في المنطقة لكن ساحات المعركة الرئيسية تدور في كل من سوريا و اليمن، مشيرا إلى أن الحلف الشيعي متمثل في إيران و نظام الرئيس السوري بشار الأسد و ذراعهما تنظيم حزب الله، فيما يقود الحلف المملكة العربية السعودية، مؤكدا أن المعارك بين الحلفين لا تزال قائمة في اليمن، بالإضافة لمشاهد القتال الثانوية في لبنان و البحرين و العراق.

و تابع التقرير ذاته، أن هناك تحديات كبيرة أمام الحلف السني منها أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تساند المملكة العربية السعودية منذ 80 عاما، بدأت في فتح علاقات مع إيران، بالإضافة إلى أن روسيا تؤيد طهران بشكل واضح، و كذلك بعكس إيران التي تعتبر الممثل الرئيسي للشيعة، فإن السعودية لا تعتبر الممثل الوحيد للقوة السنية في المنطقة، حيث تنافسها تركيا التي تسعى إلى أن يكون لها موقع قدم في الشرق الأوسط. لافتا إلى أن العالم الإسلامي في المنطقة ينقسم إلى قسمين، صراع “سني – شيعي”، و صراع “سني – سني”، و أن هذا الإنقسام الداخلي بين العالم السني المعتدل و المتطرفين من الجماعات الإرهابية مثل “القاعدة”، و “داعش” و غيرها، يضعفان الحلف مما يصب لصالح الحلف الشيعي المتماسك، كما أن الصراع الداخلي الذي يضعف السنة يصب لصالح المعسكر الشيعي في علاقته مع الغرب، و هو الأمر الذي ظهر بصورة كبيرة فيما يتعلق باجتماعات جنيف لحل الأزمة السورية، و التباين في الآراء داخل الحلف السني.

أوروبا و التوجس من خطر “الإرهاب”:

شهدت أوروبا العديد من التحولات و المستجدات أبرزها الأحداث الإرهابية، التي عرفت تزايدا كبيرا خلال آخر أربع سنوات، و بلغت ذروتها هذا العام مع تعاظم نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق و الشام المعروف اختصار ب”داعش”، الذي أعلنت العديد من الدول الحرب عليه بما فيها الأوروبية.

ففي 13 نونبر الماضي، استفاقت العاصمة الفرنسية “باريس” على سلسلة من التفجيرات و العمليات الإرهابية، استهدفت مناطق متفرقة بدأت بمطعمى “لو بيتيت كامبودج” و”لو كاريلون”، إضافة إلى تفجيرات في محيط ملعب “ستاد ذو فرانس”، الذي كان يشهد ودية فرنسا و ألمانيا بحضور الرئيس الفرنسي، فرانسوا أولاند، بعدها تفاقم الوضع في البلاد إلى حد احتجاز رهائن في مسرح “باتاكلان”، ما أسفر عن مقتل 137 قتيلا، فضلا عن وقوع العديد من المصابين. كما عاشت مدينة نيس يوم أسود في 14 يوليوز الماضي بالتزامن مع اليوم الوطني لفرنسا، بعد عملية دهس سائق شاحنة مجموعة من الناس كانوا يتجولون في شارع “متنزه الإنجليز” و قتل و جرح العشرات، ما استدعى تمديد حالة الطوارئ في البلاد.

من جهتها، اهتزت العاصمة البلجيكية يوم 22 مارس الماضي على سلسلة تفجيرات تبناها تنظيم الدولة “داعش”، اثنان منها في مطار بروكسيل، و ثالث في إحدى محطات المترو، و ذلك بعد يوم من إلقاء القبض على “صلاح عبد السلام”، المشتبه به الرئيسي في هجمات باريس؛ ما أسفر مقتل و إصابة العشرات.

هذه الحوادث الإرهابية التي هزت أوروبا، دفعت البعض إلى ربطها بالمهاجرين و اللاجئين المتوافدين على القارة العجوز من مناطق النزاع سوريا، العراق، و ليبيا، في حين دعا البعض الآخر و من بينهم “ألان رينولدز”، الصحفي بمجلة “نيوزويك” الأمريكية، إلى عدم الإنحاء باللائمة على هؤلاء بشأن العنف و الإرهاب الذي ينفذه مواطنون محليون.

و قال المتحدث ذاته، إنه بالرغم من أن أغلب العنف الجهادي داخلي و محلي النشأة و ينفذه مواطنون مقيمون في أوروبا و الغرب منذ عقود، فإن بعض الناس ينظر إلى أن السيطرة على الإرهاب، تأتي من خلال السيطرة على اللاجئين أو المهاجرين الجدد. مشيرا إلى أن الهجمات الإرهابية الدموية التي تعرضت لها الدول الأوروبية، كلها تقريبا تمت جراء تحريض داخلي من جانب إرهابيين محليين، و ليس من جانب اللاجئين أو المهاجرين. مؤكدا أن جميع مهاجمي فرنسا كانوا من مواطني فرنسا نفسها أو بلجيكا.

من جهة أخرى، صوتت بريطانيا لصالح الخروج من الإتحاد الأوروبي بنسبة 52 % في استفتاء تاريخي، تم إجرائه في 23 من شهر يونيو السابق، و هو ما تسبب في حالة واسعة من الإرتباك و أثار الكثير من التساؤلات حول عدة قضايا، فمثلا أدت نتائج الإستفتاء إلى ظهور احتمالية تقسيم المملكة المتحدة، و يتبين ذلك من خلال تصويت الغالبية العظمى في اسكتلندا لصالح البقاء في الاتحاد، و ذلك حسب ما جاء على لسان مسؤولة اسكتلندية أنه غير مقبول ديمقراطيا للبلاد أن تخرج من الإتحاد خلافا لإرادتها، كما أشارت استطلاعات رأي حديثة إلى أن حوالي 60 % من الإسكتلنديين، يفضلون الإنفصال عن بريطانيا من أجل البقاء في الاتحاد الأوروبي.

و ترجع فكرة خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي بشكل عام إلى الرغبة في استعادة السيادة الوطنية، فالمعسكر الموالي للخروج يعتقد أن في ترك الإتحاد استعادة للسيادة الوطنية لبريطانيا، حيث ستبقى صوتا مؤثرا و مصدرا للطاقة النووية بكونها عضوة لحلف شمال الأطلسي و مجلس الأمن للأمم المتحدة، إضافة إلى الرغبة في التخلص من التحديات الإقتصادية و الأزمة العالمية، حيث عاشت أوروبا بأكملها أزمة مالية و اقتصادية خلال العقد السابق، و لم تتمكن من خلال البنك المركزي الأوروبي التخلص من هذه الأزمة، دون إغفال مشكلتا اللاجئين و الإرهاب في أوروبا.

أمريكا على شفا “الربيع الأسود”:

تحول عنف الشرطة الأمريكية ضد المواطنين السود في الأشهر الأخيرة، إلى عنف مضاد من قبل المحتجين على عمليات إطلاق النار القاتلة.

و جاءت تلك الأحداث على خلفية قتل الشرطة الأمريكية لعدد من المواطنين السود، لتؤكد انتشار ظاهرة “العنصرية”، و ازدواجية تعامل السلطات مع المواطنين الأمريكيين، ما أثار حنق السود و غيرهم من سياسة التمييز العنصري، دفع دوائر الشرطة الأمريكية في جميع الولايات إلى إعلان حالة الطوارئ، خوفا من تكرار سيناريو دالاس، التي وقعت فيها حرب شوارع بين الشرطة و قناص إثر خروج مسيرات تندد بمقتل اثنين من الأمريكيين السود برصاص الشرطة.

و هذا ما ينذر باندلاع “الفتنة العنصرية” بين البيض و السود، و التي تطل برأسها في عدة ولايات، تجد معها الحكومة أمام تحد كبير  للحفاظ على وحدة المجتمع الأمريكي و منع الفتنة التي باتت سمة بارزة فيه، و لا سيما أن الفتنة العنصرية تلك تشكل احتقانا ظهرت نتائجه على الملأ في عدة ولايات، و الخشية الآن من أن تعم تلك الظاهرة بقية الولايات في وقت واحد، ما يعني ثورة شعبية داخلية. ما يؤكد أن “الحلم الأمريكي” ذاهب إلى الزوال، و مفهوم البوتفة المنصهرة، في إشارة إلى أن المجتمع الأمريكي من كافة الأصول، ما عادت تجدي نفعا في ظل العنصرية و التمييز الطبقي.

و حسب إ حصاءات جديدة أن نسبة البطالة بين أوساط السود هي أكثر من ضعفي نسبتها في أوساط البيض، و أن نسبة توظيف المتعلمين من السود مقارنة بالبيض هي 25 %، كذلك فإن السود يعاقبون بفترات حبس أطول من البيض لنفس الجريمة المرتكبة.

كما تشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن أكثر من 70 % من عائلات السود تعيش تحت خط الفقر، و أن الكثير من أبنائها يلجأون إلى تجارة السلاح و المخدرات و طرق الكسب غير المشروعة، علاوة على أن معظم حالات الإنتحار في الولايات المتحدة هي في أوساط السود.

وفي سياق آخر، لم تتضح بعد الرؤية حول من سيكون وريث الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أهو الجمهوري الملياردير دونالد ترامب؟ أم هيلاري كلينتون، عن الحزب الديموقراطي التي قد تحصد اللقب لتكون أول سيدة للبيت الأبيض؟.

لا بد من معرفة مؤهلات الرئاسة الأمريكية، و خاصة أن تلك المؤهلات تعتمد على السياسية و الكفاءة و الخطابة لاستقطاب الناخبين فضلا عن المال السياسي و التغطية الإعلامية. و يبدو أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2016، هي الأشرس في سباقات الرئاسة؛ إذ إن أي حدث أمريكي أو عالمي قد يقلب الموازين.

فقبل عدة أشهر، كان المرشح الجمهوري ترامب هو الأقوى من بين المرشحين، و اليوم باتت المرشحة كلينتون فرس الرهان مع توقع فوزها لدعم ساندرز لها، حيث وعدته كلينتون بتعيينه نائبا للرئيس حال فوزها. و على الرغم من أن البعض يرى أن الأخيرة تأخرت في دخول سباق الرئاسة ثماني سنوات، فضلا عن توالي مسلسل الفضائح و الهزات المتكررة لها، فإنها قوية تستند إلى دعم من الدول العربية الغنية، التي قيل إنها مولت حملتها الانتخابية.

و إذا فازت كلينتون في الإنتخابات الأمريكية، فإنها حتما ستقوم بشن حرب في إحدى بقاع المعمورة، و ذلك لإرضاء حلفائها التقليديين، و إخضاع الأوروبيين لسلطانها، و إحياء مشروع الهيمنة الأمريكية الجديدة، كقوة عالمية ليس لها منافس على الإطلاق.

أزمة فنزويلا تهدد بإسقاط “مادورو”:

يعود عمر الأزمة في دولة فنزويلا إلى عقود، إلا أنها تفاقمت بشكل كبير مع ازدهار الفساد بشكل لا يصدق في عهد الرئيس “نيكولاس مادورو”، فضلا عن الأزمة الإقتصادية و السياسية التي تعصف بالبلاد التي لم تؤدي إلا لزيادة التوترات الإجتماعية، و ذلك مع تقاعس الشرطة و الدولة عن القيام بواجباتهما، من فرض العدالة بأنفسهم.

لهذا يواجه نيكولاس مادورو البالغ من العمر 53 عاما، سائق الحافلة السابق الذي دخل الساحة السياسية من باب العمل النقابي، و تولى رئاسة فنزويلا خلفا لراعيه زعيم اليسار الراديكالي هوغو تشافيز، أزمة تهدد بإسقاطه و تعد واحدة من الأسوأ في تاريخه. و ذلك راجع إلى عدم تمتعه بقوة الشخصية و لا بالقدرات الخطابية التي كان يتصف بها راعيه الذي كانت شخصيته وحدها كافية لفوزه في الإنتخابات، و لو بفارق طفيف على رأس هذا البلد الغني بالنفط.

وفي هذا الصدد، قال عنه خبير سياسي ينتقد الحكومة الحالية: “إنه سياسي جيد لكنه ليس رجل دولة. يمتلك حسا تعلمه من الرئيس تشافيز، لكنه لم يطور قدرات قيادية خاصة به”.

و لم ينعم مادورو، بالإستقرار الذي يعيشه الرؤساء المنتخبون حديثا، فبعيد بدء ولايته الرئاسية، هوت أسعار النفط التي تؤمن 96 في المئة من القطع للبلاد، مما دفع بفنزويلا التي كانت من الدول الغنية المنتجة للذهب الأسود بفضل أكبر احتياطات تملكها في العالم، إلى أزمة اقتصادية خانقة.

و منذ ذلك الحين، أخذت شعبيته تتراجع إلى درجة أن 68 في المئة من الفنزويليين باتوا يأملون في تغيير في الحكومة، حسب استطلاع للرأي أجراه معهد “فينيبارو مترو”.

 وننتقل للبرازيل التي تعد من الدول الصاعدة، و ذات الإقتصاد الواعد، و هي واحدة من مجموعة دول ال”بريكس: الصين، روسيا، الهند، جنوب إفريقيا، البرازيل”، التي يعول عليها العديد من المفكرين الإقتصاديين للعب دور هام في مسار الإقتصاد المعولم، و المفترض به أن يكتسح العالم، و خاصة العالم الثالث بمنتجاته وإبداعاته.

إلا أنها عاشت وضعا يبدو أكثر حدة عنه في فنزويلا، حيث مرت البلاد بمرحلة حساسة و على صفيح ساخن، أكدت فيها رئيسة البلاد “ديلما روسيف”، التي أعيد انتخابها بصعوبة في سنة 2014، مجددا أنها لن تستقيل من منصبها، و ذلك عشية أسبوع حاسم لمستقبلها على رأس أكبر دولة في أمريكا اللاتينية، و هي تخوض سباقا ضد الزمن بعد انهيار تحالفها الحكومي لمحاولة الإحتفاظ بأصوات ثلث النواب على الأقل، بعد انسحاب حليفها الرئيسي “حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية”، وهو من أحزاب الوسط.

و جاء تصويت البرلمان البرازيلي الشهر الماضي، كخطوة أولية غير حاسمة لعزل رئيسة البلاد “ديلما روسيف”، حيث صوت 61 عضوا لصالح قرار العزل، فيما ساندها 21 عضوا فقط، لكنها عملية التصويت أظهرت مضامين سياسية شديدة الأهمية، أبرزها كشف الواقع الحزبي الداخلي في البرازيل، و الذي شهد إرباكا واضحا على إثر التقلبات السريعة للقيادات، التي أدت إلى تباينات في المواقف داخل الكتلة الواحدة. و كان ذلك حال حزب “الحركة الديمقراطية” الذي يرأسه نائب الرئيسة “ميشال تامر”، و أيضا الحزب التقدمي الذي أعلن فك الشراكة مع حزب العمال برئاسة “ديلما روسيف”، والذي يقود الإئتلاف الحاكم.

و قد استغلت أحزاب المعارضة حالة الركود الإقتصادي المستمرة للعام الثاني، و النسبة المرتفعة للتضخم، بالإضافة إلى الأزمة السياسية بسبب فضيحة الفساد في شركة النفط الحكومية “بتروبراس” التي تسببت في اتهام الرئيس السابق “لولا دا سيلفا”، بالفساد وسط مناخ سياسي و قضائي و أمني مضطرب معاد للرئيسة “روسيف”، و حزبها و اهتزاز تحالف وسط اليسار، و قيام شركة البناء البرازيلية العملاقة “أوديبرشت” بتمويل حملات أكثر من مئتي مرشح من ثمانية عشر حزبا، منهم من طالبوا بإقالة الرئيسة، حيث تجيز قوانين البلاد، المساهمات الخاصة للشركات في الحملات الإنتخابية، و دعم بعض المرشحين.

و بهذه الإطاحة برز اسم نائبها “ميشيل تامر” المزداد سنة 1940، السياسي البرازيلي ذو الأصول اللبنانية، للأضواء بسبب توليه منصب الرئاسة.

 فهد صديق

المصدر