تسعى الكثير من الأسر للأسف في مجتمعنا إلى غرس العديد من الأفكار الرجعية في عقول بناتهم ، والعمل على تطبيقها ، أفكار و تقاليد كانت نتيجة ظروف معينة ، انتهت ولم يعد لها وجود
فقديما كان الأهل يفضلون تزويج البنت الصغيرة لعدة أسباب منها أن الخيمة سكن غير آمن نوعا ما لكونها مفتوحة من الجهات الأربع ، وكان الرجال دائما يغيبون بحثا عن لقمة العيش و في ظل عدم وجود أخ كبير أو عم يفضل الأب تزويج ابنته القاصر حتى يطمأن عليها و يستريح من هم حضانتها ، كما أن الحاجة الماسة لليد العاملة في الحقول و تربية المواشي جعلتهم يفضلون زواج الصغيرة لضمان إنجاب أكثر عدد ممكن من الأولاد
و من الظلم أن يظل المجتمع وفيا لعادة لا تتماشى مع متطلبات العصر و ضرها أكثر من نفعا ، ان كان لها نفع من الأساس
و من ضمن هذه التقاليد ، الزواج المبكر للفتيات
تتربى البنت منذ الصغر على أن الإنجاز الأكبر في الحياة هو الزواج و هناك العديد من الأمثلةالشعبية التي تشجع الظاهرة منها أن '' النيثي الا ذيك اللي تنحاص فالداروكة '' ، و هناك أيضا مقولة متداولة عند النساء وهي أن '' السن الأولى التي ولدت فيها المرأة تبقى عليها '' يعني أن الولادة في سن مبكر تضمن للمرأة النضارة و جمال البشرة و هي طبعا خرافة لا أساس طبي لها
تنظر النساء أيضا للفتاة التي تزوجت في سن صغيرة بإعجاب لكونها استطاعت ان تنال اعجاب عريس و الذي غالبا ما يختارها على أسس جمالية بحتة إلى جانب معيار قرابتها الأسرية معه و هو موضوع آخر سنتناوله لاحقا ...
يكون هذا الزواج عادة بين الرابعة عشر و العشرين ، و في هذا العمر يفترض أن تكون البنت على مقاعد الدراسة وفي حالة تزوجيها في هذا السن فإن مستقبلها الدراسي يضيع غالبا نتيجة الحمل و الرضاعة ، و المسؤوليات الجسيمة الأخرى المترتبة على الزواج من علاقات اجتماعية مع الأصهار إلى تربية الأبناء و توجيههم ....
يرى الأهل أن تزويج البنت في عمر صغير يضمن عدم دخولها في علاقات محرمة مع الجنس الآخر و يزيح عنهم حمل مراقبتها و حضانتها الصعبة في نظرهم
كما أن أغلب الرجال يفضلون الفتاة الصغيرة لضمان إنجاب أكثر عدد من الأولاد ( فترة الخصوبة تتراوح بين 15 _45 سنة ) من ناحية ومن ناحية أخرى يشكل صغر سنها وعدم تجربتها في الحياة أرضا خصبة لإعتناق أفكار الزوج و تقبل طريقته في الحياة بسهولة....
ظاهرة الزواج المبكر ظاهرة سيئة ولديها الكثير من التأثيرات السلبية على حياة البنت :
التأثير النفسي
نفسية المراهقة نفسية معقدة جدا لأن البنت تكون في مرحلة تحول من الطفولة إلى النضج ، و تمر بالكثير من الاضطرابات النفسية تظهر بشكل مباشر على سلوكها في التعامل مع الآخرين ، فتكون حياتها الزوجية غالبا غير مستقرة و علاقتها بالزوج مضطربة مما يؤدي دائما إلى الطلاق السريع والتشتت الأسري المنتشر في مجتمعنا
التأثير الصحي :
تشير الكثير من الدراسات إلى أن الزواج المبكر له أثر كبير على صحة المرأة، حيث أن النساء اللواتي تزوجن في سن مبكرة عانين من مشاكل صحية بعد الزواج، منها التعقيدات أثناء الحمل والولادة المبكرة، و الوفاة أثناء المخاض ، وعدم القدرة على استكمال فترة الحمل ، و اعتلال الحمل الذي يؤثر على الجنين؛ ما يعرض الطفل المولود إلى الإصابة بالمرض، أو الإعاقة ، أو الوفاة.
التأثير على الحياة الاجتماعية :
كما أشرت سابقا ان عدم نضج الفتاة يعرضها للكثير من المشاكل في حياتها الزوجية و عدم القدرة على التكيف و التفاهم مع أهل زوجها إلى جانب الصعوبة التي تواجهها في تربية و تنشئة أولادها ، كما أن سطحية التفكير وعدم إدراكها لأهمية الأسرة و جوها الصحي للطفل تجعل الطلاق اول حلولها .
التأثير على الحياة العلمية والعملية :
زواج البنت في عمر مبكر يؤثر على دراستها فنجدها دائما تضطر إلى قطعها اما بسبب أفكار بعض الأزواج الرجعيين الذي يرون أن بيت المرأة أولى بها ، أو بسبب عدم قدرتها على الموازنة بين واجباتها الزوجية و الدراسة ، فينتهي مشوارها الدراسي وهي في بداية الاعدادية
التأثيرات السلبية للزواج المبكر لا حصر لها ، فعلى الاهل أن يسعون للحد من الظاهرة الرجعية و يشجعون بناتهم على التحصيل العلمي و العمل و تأجيل مشروع الزواج بعد نيل الشهادات والعمل حتى يبدأن الحياة الزوجية فتيات ناضجات ، محصنات بالعلم والمعرفة ، قادرات على تحمل مسؤولياتها العظيمة و يربين أبناءهم في جو أسري صحي يسوده الاحترام و التفاهم و التكافؤ العلمي والعملي بين الزوجين فالأم هي المدرسة الأولى للطفل و معلمته و مثاله الأعلى الذي يقتدي به ، و تربيتها السليمة و الحرص على تعليمها ينعكس بشكل إيجابي على الأسرة التي هي نواة المجتمع
بقلم لالة بنت سيدي عالي
متخصصة اجتماعية
للتواصل مع الكاتبة
[email protected]