السياسي في واقعنا شخص غريب الأطوار، لا يخطئ، وهو فوق التهمة والظنة، مهما كان ضالعا في جرائم الإخفاقات، لا يراجع سلوكه، أو يحاسب نفسه، لذلك فهو سيزيفي الهوى والهوية، لا يكف عن دحرجة كرته كالجُعل في اتجاهات مختلفة يكره المُكث والسياسة كالحرب "وَالْحَرْبُ لا يُصْلِحُهَا إِلا الرَّجُلُ الْمَكِيثُ الَّذِي يَعْرِفُ الْفُرْصَةَ وَالْكَفَّ" كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، دوما يستعجل الثمرة، مغرم بحرق المراحل ويعشق المَراحَ الجديد مهما بعدت به الدار وشط المزار وغرد خارج السرب.
يصدق في الانتهازيين قول البعض:
يسوسون الأمور بغير عقل***فينفذُ أمرهم ويقال ساسة
فأف من حياتهم ثم أف *** من زمن قيادته خساسة
السياسي في زممننا متذمر باستمرار، متبرم بواقع هو ذاته أحد معالم بؤسه، لأنه أحد صناعه، أول ما يتهم رفاق الدرب، وأسس الموقف المبدئية، والمنهجية، أما تنجيم المسار فهو صداعه، يرحل باستمرار، يبدل المواقع والمقرات لأنه يبغضها يكرهها، ولو نطق المكان لأفنه، يبحر في لجة المواقف، وإن كانت يبسا، لا يخشى عواقب فعاله، التي في الغالب لا تتسم بالحسن في الأغلب الأعم، لذلك هو أول المبغضين لها معياره الأساس أنانيته، وحرصه على العاجل، أما الآجل عنده فمن أمر الآخرة "المستأخر"، (لاخرة مستاخرة) يزعجه استشراف المستقبل ويميل دائما لصرف الأنظار عنه.
تطارده لعنات ساسة اليمين واليسار والوسط، لا ينزل على موقف، ولا يستقر على خطة، يسوس الدهر، من غير أن يظفر بطائل، في أي شطر منه، فيحرم عقل التجارب وطول الدربة، والمران، يرحل من هنا اليوم مواليا، وينزل هناك مخالفا، لا يقر له قرار. كان الله في عون البلاد والعباد وهذا حال من يتنتظر منه التغيير والتطوير فالنهضة والبناء.
-----------------
من صفحة الأستاذ الحافظ الغابد على الفيس بوك