يقال أن لكل كاتب عُقدة .
لكننا معشر المتطفلين على الكتابة لنا عُقدنا أيضا .
وعقدة الكاتب هي لون تفكيره وحيثيات عن موقع تمركزه من الأحداث ، وزاوية رؤيته لها .
ورغم أنني لست متأكدا من عقدتي بعد إلا أنني أميل لقراءة الأحداث منطلقا من بواعث تشكلها ورحم نشأتها والطبيعة الوعي المنتج لها .
لندخل في صلب الموضوع ...
انقلاب عسكري
اسعار ترتفع
جريمة اغتصاب
فضيحة فساد
... الخ
بالطبع نحن نقيم الدنيا باستنكار الأحداث وشجبها ، وندبج من مدد المحابر و مكنون المحاجر ما يعبر بجلاء عن رفضنا وانزعاجنا وغضبنا ...الخ
لكن لا شيء يتغير
ننتخب الإنقلابي
ونشتري السلع
وننسى الضحايا
وندمغ ذاكرتنا بالشمع الأحمر لنخلع أبهة التقدير على هياكل المفسدين .
لماذا يحدث ذلك وكيف ؟
لأننا نعلق على الأحداث وننتمي لما بعدها
هناك فارق توقيت بين بين صوت المحتج وبواعث الحدث .
فالحدث لا يخرج للنور من فراغ ، بل ينمو ويتمخض وفق وعي وإرادة ما .
وريثما يتشكل وينمو يغط وعينا وإرادتنا في سبات بهيم .
وما يفيقنا من سباتنا ذلك هو صرخة ولادة الحدث وظهوره للنور .
نحدث مؤقتا بعض الضجيج ، تماما كالذي يحدثه " حد مُنقّس " ، لكن سرعان ما ينتابنا كسلنا ونمسح ذاكرة الإنزعاج لنغط من جديد في سبات وعينا .
إذا أردنا للوضع أن يستقيم فلابد أن ندخل معمل الأحداث .
ونؤثر في مدخلات المنتج ومواده الأولية بدل الإكتفاء بوصف ما يزعجنا منه .
علاقتنا مع الحدث.كعلاقة المعلق الرياضي بكرة القدم .
لا يدرب ولا يخطط ولا يمول ولا يفاوض ولا يبيع ولا يشتري .
هو فقط يرفع صوته معلقا على ما يحدث ولا يؤثر فيه .
مطبخ الأحداث هو الوعي المنتج للأحداث .
هو البيئة الثقافية والإجتماعية المصنعة والمستهلكة والراعية للحدث .
تحدثوا عن حرمة السرقة ما شئتم ، لكنكم لن تثنوا شابا فقد حقه وفرصته في الحياة عن السرقة .
قبل أن يسرق تنقل والده بين الأحضان باحثا عن المتعة .
قبل أن يسرق ركلته ضغوط الدراسة وتكاليفها خارج سياق الطفولة .
قبل أن يسرق كانت أمه تطوي تقويم العام ليلة ليلة بين الأعراس والسهرات و"الندويات" ، وتكرس نصف طاقتها لتحليل زواج او طلاق أو خلاف .
حدث السرقة كان عرضا متأخرا و هامشيا ضمن سلسلة أحداث قاتلة ورهيبة .
ما يصنع الأحداث هو منظومة قيمية متسلسلة تشكل خط إنتاج طبيعي وحيوي .
وإذا كنا نتجرع العصير حامضا ونتكفي بالانزعاج من طعمه ، فلا شي سيتغير مالم نخرج فاكهة الليمون من خط الإنتاج أو نضيف بعض السكر .
البنية القيمية للمجتمع وشكل وطبيعة وعيه هما رحم الأحداث .
ومالم نضع المنتج القيمي قيد التغيير فلن نكون أكثر تأثيرا على صناعة الأحداث وتحقيق المنجزات .أكثر من زميلنا المعلق الرياضي على صناعة الأهداف وكسب البطولات .
" المشروع الوطني "
----------------------
من صفحة الاستاذ محمد افو على الفيس بوك