زائر أروقة "المستشفى الوطني" لا يجمع الأجر والعبرة وينشر المواساة فقط... وإنما يكتشف حالات وأشياء تنفطر لها الأكباد وتزهق الأنفس حسرة...
لا أعني قصة "اخصارت" جهاز الفحص بالرنين أو جهاز اسكانير... من حين لآخر، وكيف يرغم ذلك عشرات المرضى إلى التوجه إلى عيادات ومختبرات تجارية خاصة لا تتكلم بغير الأرقام التي تقتل باليأس قبل المرض...!
ولكن أعني شيئا قريبا من ذلك أو يلتقي معه هنالك:
عدة أشخاص، نساء ورجالا، يباكرون المستشفى الوطني على أمل مقابلة طبيب أخصائي مشهور، قيل إنه يعاين هذا اليوم تحديدا هنا بأسعار المستشفى "العمومي" والمكث ما شاء الله في طابوره الطويل.
قيل لهم: "مالُ لَعْدْ ابْذاك!". لا سبيل إليه إلا في عيادته الخاصة، وتلك سبيلها معروف؛ كم؟
الآن ثمانية آلاف أوقية (8000) فقط، لا غير!
كان الأطباء التجار المختصون ـ بـ"فضل" انهيار الطبابة العمومية ـ يعاينون المرضى بألفين، ثم بخمسة آلاف، ثم بثمانية...
إنهم يتدرجون حسب "قانون مور" الشهير (جوردن مور: أحد مؤسسي Intell) في تقنية المعلومات، القاضي بمضاعفة ترانزستور الشرائح الإلكترونية ضعفا فضعفه فضعف ضعفه... كل فترة (سنتين على الأكثر) من 2 إلى 4 إلى 8 إلى 16 إلى 32 إلى 64 إلى 128 إلى 256 إلى 512... وهلم جرا.
الطريف أن الأخصائي المسؤول عنه نائب محترم يتقاضى من أموال هذا الشعب الثري بالفال: 600 أو 700 ألف أوقية شهريا عن وظيفته النيابية لصالح الحكومة. ولا أدري ما يتقاضى عن وظيفته المهنية لصالح وزارة الصحة؟!
ولكنه، كسائر الأخصائيين عندنا، لا "ينزل البركة" إلا في ما يُدفع له عند عيادته الخاصة، حيث لا سبيل إليه بغير ذلك. وهناك يعتصر الفقيرُ من مشاعر بؤسه، وينحت من صخر عوزه ما يعيله عدة أيام (8000) ليلحق بالغني المختال؛ فيحظى ببضع دقائق من ذلك الطبيب الأخصائي الـ... !!
لكن هناك من يصرفون النظر ويركنون إلى الحقيقة، التي يستغلها بعض الأطباء الفاشلين أو المُهمِلين: "الأعمار بيد الله، والموت حق..."!
مَن يبالي بروح فقير، فضلا عن صحته، فضلا عن مشاعره؟؟!!
--------------
من صفحة الأستاذ محمد محفوظ احمد على الفيس بوك