لن أتحدث كثيرا عن الجو الذي نشرت فيه هذه التسجيلات و لا الطريقة التي تم بها الحصول عليها لأنه جو غير لائق و لأنها طريقة مخزية و هي أمور غير متماشية مع الأعراف, هذه حقيقة و الحقيقة الثانية هي انه في خضم هذه التسريبات تم التنازل عن شرف هيئة كانت محترمة لدي الموريتانيين و تم إسقاط الهيبة و الاحترام عن هيئات أخري تصغر نفسها لتتساوي مع شيخ أظهرت التسجيلات انه مصمم علي الوصول إلي هدفه الأوحد و هو الإضرار بابن عمه الرئيس الحالي .
و بقرار شخصي مني حجبت الطواري مضمون هذه التسجيلات عن متصفحيها حفاظا علي القدر الادني من الأخلاق و الاحترام في الحياة العامة و تجنبت شخصيا الخوض فيها حتى تمر اغلب التسجيلات لأنني اعرف أن أهمها هو ما سيتم نشره في الأخير.
أما و قد نشرت اغلب هذه التسجيلات و أمكن الخروج بصورة و لو أولية عن المضمون فان هذه التسجيلات أظهرت الشيخ المدافع عن الديمقراطية و القيم بأسلوب محترم في صورة مغايرة .
فقد ظهر ولد غده من خلال التسجيلات في صورة الشخص الذي يحتقر الجميع ("الأصدقاء" قبل الأعداء ) و يستغل "الأصدقاء" لمصالح وقتية فقط تتعلق بخلاف بينه مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز و لا يتورع في محاولة الحفاظ علي مموله بعيدا عن الجميع بحيل صبيانية واضحة في بعض الأحيان كما ظهرت الطبقة السياسية بصورة من الهشاشة يمكن معها لكل من هب و دب ان يكون هو صاحب الكلمة دون ان يكون قد دفع ثمنا معنويا و أخلاقيا لذلك .
التسجيلات لم تغير ما يعرفه الموريتانيون عن رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو من معارضة صادقة لهذا النظام في الوقت الحالي و من إقدام و سخاء و تصميم علي تحقيق الهدف الذي يتمثل من خلال التسجيلات في خلق المشاكل لأبن عمه و غريمه الرئيس الحالي و مساعدة كل من يسعي في ذلك و أولهم محمد ولد غده .
كما ظهر من خلال هذه التسجيلات أن هناك أشخاص أخرجهم ولد غده بحيله من دائرة التخطيط و الفعل و علي رأس هؤلاء الرئيس الأسبق المرحوم اعل ولد محمد فال الذي لم يكن علي ما يبدوا علي الاطلاع بهذه التفاصيل .
التسجيلات عكس ما يتصور البعض خدمت المعارضة حيث ظهرت هذه المعارضة باستثناء حالات قليلة في دور المحافظ علي استقرار البلد (تحفظ جميل علي العنف) و في حالة الرافض بدبلوماسية و قناعة للأموال السخية (حالة ولد مولود في مسيرة 29 اكتوبر مع الأموال المعروضة من ولد بوعماتو ) كما ظهر ذلك في رفض استغلال المسيرات لزعزعة النظام (تغيير مسار احدي المسيرات الي شارع رئاسة الجمهورية كما كان يريد ولد غده).
و أظهرت التسجيلات المسربة إلي حد الآن أن حيل ولد غده( إن صح هذا التعبير) لم تصل أمطارها و رعودها حزب التكتل و الرئيس المحترم احمد ولد داداه فولد غده لم يستطع ربط الصلة بهذا الحزب كما أظهرت التسجيلات ذلك .
لم تظهر من خلال التسجيلات أي علاقة بالمعارض الموريتاني البارز في الخارج المصطفي ولد الإمام الشافعي .
التسجيلات لم تنجح علي الأقل المسرب منها حتى الآن في أن تقنع بالرواية الرسمية حول رشوة الشيوخ فما تم تقديمه للشيخة المعلومة لا يدخل في إطار الرشوة و إنما المساعدة في جهد معارض للنظام .
هذه التسجيلات أظهرت هشاشة النظام ألاستخباراتي الموريتاني حيث انه لو لم تصادر هواتف ولد غده خلال حادث روصو لما اكتشفت السلطات هذه التحركات التي تستهدف بعضها استقرار النظام .
ولد غده ظهر في التسجيلات بصورة الجوكير فهو يخطط و هو ينفذ و هو يستلم التمويل و هو يدير هذا التمويل و هو يتنقل بين الجميع و هو يرفض أي علاقة بين الأطراف لا تمر عن طريقه كما أظهرت التسجيلات انه زعيم حركة سرية أكثر منه سياسي .
خلاصة الموضوع ان هناك خاسرين من هذه التسريبات أولهما هي الدولة الموريتانية التي تصخر اجهزتها من اجل النيل من شخص واحد سلاحه الوحيد هاتفه هو السناتور محمد غده أما الخاسر الثاني فهو ولد غده نفسه الذي سيحتفظ كل من ذكرهم في التسجيلات و من لم يذكرهم بضيق و لو داخلي منه و عدم ارتياح لمجالسته خوفا من تعليقاته الغير ودية عندما يشغل ميكرفون الوات ساب وحيدا و لن يصدق الكثيرون تودده و ابتساماته بعد اليوم .
أما الحقيقة الصادمة من خلال هذه التسجيلات فهي أننا كموريتانيين لسنا معنيين بما يدور في بلدنا فدائرة الصراع علي البلد هي في الحقيقة بين ثلاثة أو أربعة أشخاص من قبيلة واحدة أما نحن فمتفرجون و مهرجون فقط .