آراء الكتاب
نحن والمسار الحانوتيّ (الحلقة الأولى) بقلم الدكتور/ الشيخ المختار ولد حرمة ولد ببان
الأحد, 03 نوفمبر 2013 12:37

altبسم الله الرحمن الرحيم"و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين. فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين. فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن

التفاصيل
ملاحظات حول ترشيحات الاتحاد من أجل الجمهورية/ شيخنا ولد إدوم
الخميس, 31 أكتوبر 2013 01:34
أثارت ترشيحات حزب الاتحاد من أجل الجمهورية  ردود أفعال متباينة، زاد، من تسخينها، أجواء الترقب والتوثب التي أعقبت التشاور الذي اعتمده الحزب كأسلوب غير مسبوق  في
التفاصيل
السياسة في الحج
الخميس, 17 أكتوبر 2013 22:14
السياسة في الحج   JPG - 31.9 كيلوبايت الحاج ولد المصطفي(رأي حر)

حج البيت - لمن استطاع - فريضة وركن من أركان الإسلام قال تعالي:((وأذن في الناس بالحج ياتوك رجالا وعلي كل ضامر ياتين من كل فج عميق ))صدق الله العظيم( سورة الحج الآية 25) وللحج نكهة خاصة عند المسلمين قديما وحديثا فهو أكبر تجمع إسلامي في العالم وأكثر المواسم صفاء، وبهاء ، وإشراقا . إنه المناسبة الربانية العظيمة التي يلتقي فيها الأغنياء بالفقراء ،الرجال ،والنساء ،الأصدقاء والأعداء .الرؤساء والبسطاء. الجميع يسير علي هدي سيد المرسلين ويقتفي أثره في تأدية المناسك خطوة بخطوة .

وقد شهد الحج هذا العام مشاركة رئيس الدولة إلي جانب مؤيديه ومعارضيه . فهل كان دافع الرئيس تلبية الدعوة والإستجابة لأوامر الله ؟أم أراد أن يبدأ عهدا جديدا بهذه الخطوة العظيمة ؟وهل هو خلط للسياسة بالدين علي طريقة القادة العرب ومنهم آل سعود؟ وأخيرا هل يستفيد الرؤساء العرب من رحلة الحج الإيمانية ؟وهل يتدبرون المواقف الرهيبة والمشاهد العظيمة؟

لعل الرحلة إلي المملكة العربية السعودية تثير لدي ولد عبد العزيز هاجسا دفينا يذكر بالإنقلاب علي ولد الطايع عندما زار المملكة للمشاركة في تأبين العاهل السعودي وتقديم واجب العزاء وقد أصبحت تلك الزيارات مدعاة للتوجس والقلق .لكن تأدية واجب الحج أمر آخر قد يجلب الإطمئنان ويكسب الرحلة جوا من التعاطف والشفقة والرحمة .

كل حاج إلي بيت الله الحرام يستلهم من الرحلة العبر الكثيرة ويستعد للقاء ربه في أظهر بقاع الأرض وأكثرها قداسة ورهبة ولعل مدرسة الحج بأيامها القليلة وأجرها العظيم ومتعة سفرها الرباني وأجوائها الإيمانية وعلومها الغزيرة وفرصتها السانحة للتوقف مع النفس والتطهر من الذنوب والإرتقاء إلي رحاب الصالحين من المؤمنين الصادقين كلها أمور تجعل من يحظي بدخولها بنية صادقة ، يخرج منها بعزيمة قوية وقدرة كبيرة علي الإستقامة والسير في رحاب الله وعلي هدي نبيه صلي الله عليه وسلم.

لكن ما شاهدناه في رحلات حج الرؤساء العرب لا يعدو أن يكون مناسبة لإلتقاط الصور والفيديوهات الدعائية في مواقع مقدسة ،ما تلبث آلة الدعاية الخاصة بالرؤساء أن توظيفها في حملات انتخابية أو دعائية تسعي للتلاعب بعقول وقلوب ملايين المواطنين الطيبين .

ما شاهدناه أيضا في "تلك الرحلة" للزعماء العرب هو لقاءات مع آل سعود ماتلبث أن تكشف عن نفسها في شكل تحالفات معادية لإرادة الشعوب ومتحدية لكل ممارسة ديمقراطية ومكرسة للإستبداد والرجعية العربية ، لقد اهتز عرش آل سعود تحت تأثير ثورات الربيع العربي وسقط حلفاء الإستبداد والطغيان والرجعية العربية في أكبر وأعرق أوكارها (مصر وتونس) وكاد ملك السعودية أن يفقد صوابه بعدما هبت علي أرضه رياح التغير قادمة من الجار القريب (اليمن ) والبحرين فأرسل الجيوش لإنقاذ ملك البحرين ووزع الأموال علي العملاء لإسقاط نظام الحكم الشرعي في مصر وتونس وكادت مخططاته تفشل لولا معاونة قوية من جيوش الرجعية في مصر واليمن. وقد بدأ نظام السعودية منذ بعض الوقت يلتقط أنفاسه إثر سيطرة السيسي في مصر وتصاعد الخلاف في تونس وتراجع المد الثوري في الدول العربية الأخري ومنها موريتانيا .

وظف آل سعود مناسبة الحج سياسيا في أكثر من موقف ووقفوا بحزم أمام أرادة المسلمين في جعل هذه المناسبة الكبيرة مؤتمرا إسلاميا تناقش فيه هموم الأمة وتستمد منه وحدتها وتماسكها وتتخذ فيه القرارات الشعبية الضرورية لتوجيه الأمة نحو جادة الطريق من خلال علمائها الربانين والصادقين .

لقد ظل آل سعود يحمون نظامهم المتهالك والمتخلف من خلال دعم الأنظمة العسكرية في الدول العربية من أجل منع التحولات الديمقراطية في المنطقة لأنها ستهدد كيانهم الهش وتطردهم من مقاليد حكم نصبهم فيهم الإستعمار.

إن هذا التوظيف هو ما جعل آل سعود يكرهون الإسلاميين ويعملون علي منعهم من الوصول إلي السلطة في البلدان العربية ، لأنهم يدركون أن الفهم الصحيح لنظام الحكم في الإسلام من شأنه أن يخرجهم من دائرته ويلقي بهم في سلة عملاء الأمريكان وكل الخونة الذين نالوا من شرف هذه الأمة وكرامتها ومشروعها العظيم .

لا نقول إن ولد عبد العزيز مثل السيسي تماما في تعاطي العربية السعودية معه لكننا ندرك أن استقبالها له وترحيبها به لن يكون مقابله سوي أن يسلك طريق السيسي في التصدي للديمقراطية وإرادة الشعوب الحرة وتشجيع الإستبداد والضغط علي المعارضين ..فأي الدروس يستوعب الرئيس؟:

درس موعظة الحج وهو الذي أشرف علي الموت في حادث "الرصاص الصديق" لولا أن أنقذه الله ومد له في العمر حتي يؤدي هذه الفريضة العظيمة ؟ أم درس نظام حكم آل سعود المتخلف والمحتمي بالأمريكان وعائدات النفط وأنظمة الرجعية ؟

هل يعود الرئيس من رحلة الحج وقد امتلأ قلبه بالإيمان والإشراق والترفع والطهر ويتجه إلي العمل بما جاء في سورة الحج عند قوله تعالي:(( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمورا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ))صدق الله العظيم (سورة الحج الآية 39 ).

الحاج ولد المصطفي 

 

زهاد العصر.. ذكرياتي مع الشيخ محمد الجزائري
الثلاثاء, 15 أكتوبر 2013 20:56

زهَّادُ العصر.. ذكرياتي مع الشيخ محمد الجزائري الثلاثاء 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2013   alt الدكتور عبدالله بيَّانَلا شك أن السيطرة المادية على حياة المجتمعات الحديثة و تشيؤ القيم و الأخلاق الإنسانية، تجعل الكلام عن

التفاصيل
الحج رابعة !
الثلاثاء, 15 أكتوبر 2013 20:50

الحج رابعة!     alt سيدي محمد ولد ابه [email protected]

دأب الإخوان، قمة وقاعدة، على إنكار انتساب ولد الددو إلى منظمتهم. وربما صدقهم غير العارفين بهم حتى رأوا الشيخ يتوسط اثنين ويبتسم، وصاحبيه، للمصور كما تقتضي صور الإعلانات التجارية، ويرفع شارة رابعة العدوية يوم الحج الأكبر على جبل الرحمة حيث وقف صلى الله عليه وسلم يعلم الناس مناسكهم...

يقول تعالى: " الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج"(البقرة 197) قال، في تفسير الفسوق:" الفسوق هاهنا السباب... التنابز بالألقاب." وقال في تفسير الجدال:" المراء في الحج...المخاصمة... تماري صاحبك حتى تغضبه... المراء والملاحاة، حتى تغضب أخاك وصاحبك... السباب والمنازعة... المراء والخصومات... أن تغضب عليك مسلما."(أنظر تفسير الطبري).

تترجم شارة رابعة هذه المعاني مجتمعة؛ فهي عنوان الخصومة بين المسلمين، وتغضب جمعا غفيرا منهم، وهي شعار لفئة من المسلمين تنازع فئة أخرى على السلطة، وجبل الرحمة ليس مكانا للخصومات والتحزب السياسي. ماذا يكون شعور الشيخ لو سمع، في ذلك الموقف من يردد "تسلم الأيادي"؟ ماذا كان سيقول لله لو هاجمه وصاحبيه بعض أنصار السيسي فكانت فتنة في عرفة؟ وما هو موقفه يوم الدين، لو قبضت روحه وهو يبتسم للمصور، ويرفع شارة رابعة!

لقد انشغل الشيخ وصاحبيه بأمور الدنيا في موقف يتجه فيه الناس إلى الله، وقد قال تعالى:" وأتموا الحج والعمرة لله"(البقرة 169). قال:" المراد بإتمام الحج والعمرة الاتيان بهما تامين ظاهرا بأداء المناسك على وجهها، وباطنا بالاخلاص لله تعالى وحده دون قصد الكسب والتجارة أو الرياء والسمعة فيهما، ولا ينافي الاخلاص البيع والشراء في أثناء الحج إذا لم تكن التجارة هي المقصودة في الأصل" (أنظر تفسير المنار). وقال:"أن تخرج من أهلك لا تريد غيرهما. عن سفيان قال:هو يعني تمامهما أن تخرج من أهلك لا تريد إلا الحج والعمرة... ليس أن تخرج لتجارة ولا حاجة..."(أنظر تفسير الطبري).

تدعونا هذه النصوص إلى التساؤل عن موقع شارة رابعة من المناسك. فهي زيادة لا أصل لها تفسد تمام الحج لأن الزيادة والنقصان في العبادة باطلة، وتمام الحج والعمرة الذي أمر به الله سبحانه يقتضي الإخلاص فيهما بألا يراد معهما غيرهما. وفعل الشيخ وصاحبيه يظهر فيه التواطؤ والنية المبيتة؛ فقد اجتمعوا في مكان معلوم، في وقت محدد، واتفقوا مع مصور حمل معه آلة تصوير، وجهازا موصولا بالشبكة وهو ما يفيد استصحاب النية من عرفات إلى عرفة.

يدلنا على ذلك ما نشره أحد نشطاء الاخوان عن تواطؤ الجماعة على هذا الفعل، والتنسيق له يقول:" الحج هو أكبر مؤتمر إسلامي على وجه الأرض لمناقشة هموم المسلمين والتكاتف فيما بينهم... فسنستغل شعارات رمز الصمود والعزة بعد صلاة العصر ليوم عرفة وحتى قبيل المغرب."

والخشية، كل الخشية من أن يدخل هذا التآمر في قوله تعالى:" ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم." (الحج 25) فالالحاد في اللغة هو الميل، ولا شك أن رفع شعارات سياسية على جبل الرحمة يوم الحج الأكبر ميل عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. استدل بعض السلف بهذه الآية على أن من همّ بالمعصية في الحرم كتبت عليه سيئة. قال ابن مسعود:" لو أن رجلا أراد بإلحاد فيه بظلم وهو بعدن أبين لأذاقه الله من العذاب الأليم." وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإلحاد في الحرم بقوله:"احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه"، كما رواه أبو داود عن يعلي بن أمية، وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فما بالك بفعل قد يؤدي إلى فتنة على عرفة يوم الحج الأكبر...

تلك هي فلسفة المقاصد التي تنتهي إلى علمنة الإسلام ليصبح برنامجا سياسيا مفرغا من جانبه التعبدي. فليناقش المسلمون وهم وقوف على عرفة كيفية استرداد الشرعية في مصر، وأسعار النفط، ومعدلات البطالة... وليضعوا منصة رابعة في مزدلفة يتناوب عليها الخطباء، حتى إذا ظهر الأمن المركزي هتف كبراؤهم: أنج سعد، فقد هلك سعيد... ولطالما جاهدوا في سبيل الديمقراطية، وحثوا الأغرار على طلب الشهادة بإسقاط النظام...

يقول صلى الله عليه وسلم:"خذوا عني مناسككم"(رواه مسلم، وأحمد، والنسائي). قال في شرحه:" هذا كلام جامع استدل به أهل العلم على مشروعية جميع ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وما قاله في حجه وجوبا في الواجبات، ومستحبا في المستحبات، وهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، "صلوا كما رأيتموني أصلي"، فكما أن ذلك يشمل جزئيات الصلاة كلها، فهذا يشمل جزئيات المناسك كلها." فمن أجاز الزيادة في الحج، أجاز الزيادة في الصلاة. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.

إن ما يزيد هذا الفعل شناعة صدوره ممن ينتسب لأهل العلم لاحتمال اقتداء العوام به فيصبح فعله حجة لأصحاب الأهواء والبدع. ولا نعلم للشيخ سلفا في هذا الفعل سوى حجيج إيران أيام الخميني الذين هتفوا بالموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، واستنكر أهل السنة جميعا، بما فيهم الإخوان، أيام الود مع السعودية، ذاك الفعل وعدوه خروجا بالمنسك عن مقصده الصحيح، وتوظيفا سياسيا له. وقد برر الشيعة فعلهم بالانتصار للمسلمين من الكفار، كما يبرر الإخوان اليوم فعلهم بالانتصار للمظلومين الذين أريقت دماؤهم في رابعة.

ونسي الإخوان أن دماء المسلمين تتكافأ وقد أباحوها في ليبيا وسوريا وساهموا بقسط وافر في إراقتها. فقد أباح شيخهم القرضاوي دم القذافي وبشار، وأفتى بمعاملة أسرى الجيش السوري معاملة المجرمين. ووصف مفكرهم الشنقيطي اغتيال البوطي وهو في بيت الله يعلم الناس دينهم، بأنه "قطف لعمامة سوء..." وتألّى على الله فأرسله إلى النار.."إلى النار فليذهب..."، حتى إذا أصابهم نصيبهم من الفتنة التي أشعلوها عظموا إراقة دم الإخوان، وأعادوا الإعتبار إلى أحاديث طاعة ولي الأمر (أنظر بيان القرضاوي)، " و إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون، وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين."(النور 48-49).

طاعة ولي الأمر التي أقرها ولد الددو في بعض القنوات لبعض الملوك، ونقضها في الجزيرة في حق بلدان الربيع، كان أحرى به التقيد بها في السعودية التي أصدرت بيانين تشدد فيهما على منع الشعارات السياسية في موسم الحج، وقد أفتى من قبل بوجوب طاعة خادم الحرمين!

وصل التأويل السياسي الإخواني للدين إلى حدوده القصوى حين طال العبادات؛ فقد يقال لنا غدا: لا صلاة لمن لم يقنت لصالح الإخوان، ومن لم يسب السيسي وزمرته فلا حاجة لله في أن يدع طعامه وشرابه... والحج رابعة...

 

 

زهاد العصر .. ذكىيات مع الشيخ محمد الجزائري
الثلاثاء, 15 أكتوبر 2013 19:37

زُهَّادُ العصر.. ذكرياتي مع الشيخ محمد الجزائري الدكتور عبد الله ولد بيان

alt

لا شك أن السيطرة المادية على حياة المجتمعات الحديثة و تشيؤ القيم و الأخلاق الإنسانية، تجعل الكلام عن الزهد أقرب إلى قصص الخيال، (التي تُروى و تُتداول بين الناس، و لكنها تظل بعيدة عن الواقع المعيش). لكنني، و رغم "الزهد" في أهمية هذا النوع من الحديث عند الكثيرين، أريد أن أسجل هنا جانباً من تجربتي مع من أظنه علماً من أعلام الزهد في هذا العصر؛ و قد أمضى معي الأشهر الستة الماضية في زيارة كان لها الأثر البالغ في حياتي (رغم أنني عرفته أخا و صديقاً - عن بعد - قبل ذلك بسنوات).

أولا، أريد أن أوضح أن الشخصية التي أحدثكم عنها ليست من من يرى البعض أن زهدهم في "الدنيا" ناتج عن عجزهم عن تحصيلها و بالتالي يتجهون إلى الآخرة! فشيخنا حاصل على شهادة الدكتوراه PhD NIH في البيولوجيا الدقيقة من جامعة جورج واشنطن و أحد الباحثين السابقين في المعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة (أهم هيئة بحثية عالمية في هذا المجال) و باحث بارز في جامعة جورجيا الأمريكية، و له براءة اختراع مسجلة لدى وزارة التجارة الأمريكية في مجال الهندسة البيولوجية (هندسة البروتينات)، و لكنك مع ذلك عندما تناديه ب "الدكتور" يرد عليك مباشرة: "محمد، محمد" وستعلم من نبرته أنك لم تناده بأحب الأسماء إليه، وعندما تستفسره عن السبب، يقول لك: "أتاني هذا الرسول الكريم بكثير من الأخلاق و الهدي الذي لم أتمسك به، فإسمه هذا الذي تسميت به - على الأقل - لن أسمح بتغييره أو التفريط فيه ما حييت"!

شيخي محمد طبعا لا يهتم بكسب المال و لا يكنزه (و هو من فُتحت له أبواب ذلك مشرَعة)، لا يهتم بأن يمتلك سيارة و لا تلفونا نقالا (و ربما استعمله نادراً للضرورة القصوى)، ليس من مشاهدي التلفزيون و لا تستهويه مجالس الحديث العام ولا نقاشات السياسة، متواضعٌ لين، يخدم الصغير بيده قبل الكبير، يقضي أغلب وقته منتبِذاً زاوية من المنزل ذاكرا و داعيا و مستغفرا (كثرة استغفاره لا تكاد تُتصور). و مع ذلك عندما تحدثه قليلا عن أمر من أمور الدنيا، "يجاملك" في البداية و بعد ذلك يضرب كفه على كفه، و يقول لك "يا فلان، شغلتنا الدنيا عن الآخرة، حسبنا الله و نعم الوكيل".

في السنوات الأخيرة أصبح يقضي جل وقته في خدمة أمه في ضاحية من ضواحي بشار بالجزائر و كما يقول: "لا يطيق أن يعيش في مكان لا يسمع فيه الآذان، بعد أن أمضى قرابة ثلاثين سنة في هذه البلاد". و لن يخفى على عارفي الشيخ أهمية الأذان في حياته، فهو إما أن تحضره الصلاة في مكان يُرفع فيه الآذان، و إلا فستمعه منه مع دخول كل وقت (في البيوت و في المكاتب و في الحدائق، و في أماكن ربما لا يخطر لك سماع الآذان بها على بال).

بعد إلحاح الكثيرين على الشيخ (و كنت أحد هؤلاء، و أرجو أن لا أؤاخذ بذلك) بتدريس علمه للطلاب و خاصة في بلاد المسلمين، قطع "خَلوته" في صحراء الجزائر للقدوم هنا لإجراء الترتيبات اللازمة لذلك، و هو ما أعطاني - لله الحمد - فرصة التعرف عليه و على هدْيِه و سمْتِه و سلوكه عن قرب.

و يبدو أن حظ التعاقد معه سيكون من نصيب إحدى الجامعات الخليجية، و لكنني لا أتوقع منه أن يُطيل المقام هناك في أوساطنا "الأكاديمية" ذات الطابع المادي، علماً بأنه تمتع في الوظائف الأمريكية التي عمل بها باحترام يصعب تصديقه، و من ذلك أن رئيس قِسمه في جامعة جورج واشنطن قرر يوما من الأيام (قبل الحادي عشر من سبتمبر طبعا) أن يطلب من زملائه تجنيب الخمر لإحدى "الحفلات" الجامعية للقسم و أن يكون للرجال مكانٌ منفصل عن النساء، حرصا على حضور الشيخ. والحقيقة أن للشيخ جِدا و بذلاً و أخلاقاً لو تحلينا بها لكان لذلك الأثر البالغ في نفوس غير المسلمين، و هذا ما أشار إليه أحد أصدقائه الأمريكيين (الذي أصبح دبلوماسيا فيما بعد) عندما كلمه مؤخراً (وقد كان قريباً من الإسلام) فقال له: سمحت لي الوظيفة الدبلوماسية الجديدة أن أزور و أتعرف على الكثير من بلاد المسلمين و وجدت أن الإسلام الذي يَدِينون به ليس هو دين محمد الجزائري!

قد أعود إلى هذا المضوع بشكل أعمق في المستقبل و أكثر تفصيلاً، و لكن خلاصة الأمر هي أن لشيخي حياةً لو تعرفتم على تفاصيلها - مع أخذ الفارق الزمكاني بعين الإعتبار - لوجدتم أنكم تعيشون مع سيرة أحد رجالات "الزهد" لابن المبارك، أو تقرأون من خلال يومياته تراجم الزهاد في طبقات ابن سعد..

غادرني في الأسابيع الماضية، و عاش بعده هذا المنزل وحشة عظيمة، بعد أن أناره و عمَره. غادره بعمق تأملاته و علمه و ورعه و تهجده؛ و هو الذي كان النائم في المنزل يحسبه ليلاً أحد أعمدة المكان من طول قيامه.

 

خطري ولد اج يكتب : ورقة توضيحية حول اتحاد الرماية التقليدية
الأحد, 13 أكتوبر 2013 11:49

altنشأ اتحاد الرماية التقليدية منذ حوالي20عاما (وقد مر بعدة تسميات بطبيعة الحال)، كرياضة هواة، تدار بتقاليد تنظيمية لا تتماشى مع الزمن و طرق توافقية تتنكر للقوانين التنظيمية و تتعارض مع فلسفة الإدارة و روح

التفاصيل
التسول السياسي ... / حدامي محمد يحي
السبت, 12 أكتوبر 2013 18:11

التسول ظاهرة سيكولوجية وسيسيولوجية، يعاني منها المجتمع، وذمها الإسلام، فحث على العمل والإكتساب، والتعفف عن الناس، وسؤال رب الناس، حتى بايع صلى الله عليه وسلم أصحابه ثم قال: ولاتسألوا أحدا، فكان

التفاصيل
<< البداية < السابق 101 102 103 104 105 106 107 108 109 التالي > النهاية >>

فيديو 28 نوفمبر

البحث