شكر الله سعي تواصل |
السبت, 21 سبتمبر 2013 01:38 |
"مجتمع لا يهمه الجائع إلا إذا كان ناخبا، ولا يهمه العاري إلا إذا كان امرأة" الكاتب المصري: جلال عامر يكاد يجمع أهل العلوم السياسية على أن الحزب السياسي جماعة منظمة تثقف الجمهور، وتهيئ الأفراد لتولي المناصب والمسئوليات في الحكم. وفي موريتانيا ـ بلدنا ـ حيث تختلط المفاهيم، وتتعايش مختلف الكيانات والمؤسسات من العصر الحجري إلى اليوم تتداخل مهام الهيئات والمؤسسات، فالدولة والقبيلة تتعايشان، والحزب والعشيرة يتسابقان في ميدان واحد..!! في هذا البلد لا يرعوي الشاعر عن تقديم تحليل اقتصادي بشكل رسمي متطاولا على دكاترة العلوم الاقتصادية، وتتجاسر الجدة الثمانينية على تخطيء بروفيسور في الطب..!! في هذا البلد يتحول رجل الدين إلى سياسي محنك، والتاجر إلى خبير عسكري، والقواد إلى ناقد أدبي لا يشق له غبار..!! في هذا البلد تستقيل الحكومة من مهامها ـ بشكل غير رسمي طبعا ـ وتنبري الأحزاب السياسية "المعارضة" لها إلى النيابة عنها في مهامها في طيبوبة منقطعة النظير..!! هل حزب تواصل حزب سياسي، أم منظمة خيرية، أم إدارة للصرف الصحي، أم إدارة للحماية المدنية؟! يبرر التواصليون مهامهم الجديدة بأنهم لن يقفوا متفرجين أمام الكارثة التي حلت بالمواطنين في نواكشوط جراء الأمطار..!! أود أن أوضح هنا أن الكارثة ليست في حجم الأمطار التي نزلت (40 ملم) فالكارثة لا تتجسد في المظاهر التي تجسدت، وإنما الكارثة الحقيقية في ثلاثة وجوه: أولها: عجز الحكومة بإداراتها المتهرئة وإرادتها الكاذبة في إصلاح حقيقي للمواطنين، وهذه لا يعالجها تصدي تواصل لحل المشكلة قطعا. ثانيها: فشل المجتمع الأهلي بمنظماته الكرتونية الحقائبية التي تأتي بالمئات والآلاف عندما يعلن عن مشروع أممي لدعم منظمات المجتمع المدني، وتختفي حين يتطلب الموقف ظهورها. ثالثها: تدخل حزب تواصل نفسه، حيث سيفهم هذا التدخل على أنه استغلال للأوضاع الإنسانية التي يعيشها المواطنون من أجل استدرار "عطفهم الانتخابي"، كما أنه تدخل يجانب فلسفة تأطير الأحزاب للجماهير، إذ سيختلط الأمر على المواطنين، ويؤدي إلى تشويه الوعي لديهم بالمسئول الحقيقي عن حل مشاكلهم (الحكومة)، وسيؤدي إلى تداخل وتشابك التخصصات في أذهانهم، فها هو حزب سياسي يقوم بأعمال إدارة حكومية، مما سيجعل المواطن في حيرة من أمره. من واجب حزب سياسي كتواصل يدعي إضفاء مسحة من الأخلاق على السياسة أن يبتعد عن استغلال معاناة الجماهير لأغراض انتخابية، ومن واجبه أن يساعد المواطنين أولا على تحديد الجهة المسئولة عن تردي أوضاع المواطنين وغياب الصرف الصحي لا أن يكون رِداً لها ومغطيا على عيوبها، ومن واجبه كحزب يسعى إلى التغيير وإلى دولة المؤسسات أن يحترم حدوده وتخصصه ويترك الناس ليضغطوا ويتحركوا من أجل البحث عن المؤسسة المعنية بشفط المياه لا أن يُلبِس على الناس. أخيرا أتوجه إلى المثقفين "الإيجابيين" وأدعوهم إلى التوقف عن ترويج ممارسات حزب تواصل هذه للدواعي التي شرحت، فمهمة المثقف لا تتوقف على تزكية النتيجة الحاصلة من أي فعل سياسي، بقدر ما ترتبط على المساءلة عن كيفية حصول هذه النتيجة "فالغاية لا تبررالوسيلة" فها هي الأموال تتكدس في الخزينة العامة في عهد الجنرال ولد عبد العزيز، فلم لا يمتدحونها؟ أليست نتيجة "إيجابية"؟ . نعم لدولة مؤسسات. نعم لأحزاب تثقف المواطنين وترشدهم لا ترشيهم بالخدمات أو الأموال. لا للنيابة عن الحكومة في حل مشاكل المواطنين. لا لتمييع المفاهيم. المجد للشعب. سيد ولد محمد الامين |