الجمعة, 11 أكتوبر 2013 23:50 |
قبل استباحة بغداد من قبل قوات التحالف الدولية عام 2003، وقف الرئيس الراحل صدام حسين وحذر من سماهم المنتحرون على أسوار بغداد من مغبة عدوانهم، وبشرهم بالهزيمة المؤكدة، ولن يحققوا مرادهم وسينقلب سحرهم عليهم. نبوءة صدام حسين تحققت بعد موته، ورأينا كيف خرجت قوات التحالف من العراق مطاطأة الرأس مهزومة مخذولة، بعد خسارة أكثر من خمسة آلاف جندي ومئات مليارات الدولارات، كما خلقت تلك القوات واقعا مريرا لا تزال تداعياته ماثلة إلى يومنا هذا، بفعل التفجيرات الدامية التي تضرب كافة أنحاء العراق صباح مساء، وتمزيق ارجاءه على اساس طائفي. عشر سنوات بالتمام والكمال مرت على غزو بغداد، لنجد أمريكا وأعوانها تهدد بضرب دمشق وشن عدوان تحت مسميات مختلفة ابرزها إزالة التهديد الكيماوي وحماية المدنيين. وبقراءة بسيطة تستخدم أمريكا نفس الذرائع التي استخدمت ضد بغداد رغم الفارق الزمني. والهدف بالنهاية هو حماية اسرائيل، وتحقيق رغبة اللوبي الصهيوني الذي يعمل على الاستئثار بامتلاك اسباب القوة والهيمنة العسكرية كقوة ردع لا يمكن التصدي لها. الفيتو الروسي والتفاهمات التي جرت في لقاء العشرين بسان بطرسبرغ وقرار مجلس لامن رقم 2118منعت الضربة بشرط إزالة الأسلحة الكيماوية بإشراف مفتشي الأمم المتحدة. ورغم الترحيب الدولي بالخطوة وتعاون سوريا وقيادتها، إلا أن أمريكا وحتى صيغة القرار، لا زالت تفتح الأبواب أمام ضربة محتملة خاصة وان إسرائيل ودول الخليج العربي لم يعجبهم الموقف الامريكي كونهم المحرضين الكبار على ضرب سوريا، وراهنوا مطولا على ضربة قاصمة للظهر تقلب موازين القوى راسا على عقب. التقارب الأمريكي الإيراني ومنهج الخطوة مقابل الخطوة أو بالاحرى الهرولة الامريكية، بدد ولو مؤقتا توجيه ضربة عسكرية وفتح باب التفاوض على الملف النووي الإيراني. فأمريكا تريد أن تحقق بالمفاوضات ما عجزت عنه بالتهديد بعكس إسرائيل التي تعد العدة لشن حرب بالمنطقة وتحاول الضغط على الرئيس الأمريكي لاتخاذ القرار وشن عدوان يجهز على ما تبقى من سوريا. ربما كانت الحرب على العراق وتداعياتها، عبارة عن نزهة إذا ما اندلعت حرب ضد سوريا، فموقع سوريا في عمق دائرة الصراع الشرق الأوسطية وحدودها مع إسرائيل وعدة دول يسودها التوتر أصلا، يجعلها مرشحةلاستلام الشعلة واتساع دائرة العنف، ويجعل الوضع أكثر تعقيدا في ظل وجود حزب الله الذي يمثل العقدة في المنشار. كما أن سوريا تشهد صراعا مسلحا يضم في تكوينه كافة أطياف اللون السياسي والديني وتمثل المعارضة المسلحة في سوريا مصالح متضاربة سياسيا وإيديولوجيا وكل له مشاربه واجندته، مما يجعلها لا تلتقي على ارضية واحدة، ورأينا المشهد الحاصل بعد موافقة الائتلاف السوري المعارض على المشاركة في مؤتمر جنيف2 كيف تحولت الخلافات إلى نزاع مسلح بين الفصائل العلمانية والفصائل الدينية المتشددة. صمود النظام السوري واتساع دائرة مراجعة الموقف الشعبي من الثورة المسلحة وادائها داخل سوريا وخارجها، وتراخي قبضة غالبية الدول المتحمسة لسقوط النظام، جعل أمريكا وحلفائها تعد إلى الألف قبل اتخاذ خطوة بتوجيه ضربة عسكرية، وربما كان الموقف الروسي مخرجا لأمريكا لترفع يدها عن الزناد باللحظة الاخيرة، وتخرج من ورطة لا يمكن التنبؤ بنتائجها إلا بعد سنوات كما حدث بالعراق. أسوار دمشق المنيعة رغم تكالب غالبية الدول العربية الغنية منها بقيت صامدة، وكشفت عن خبث النوايا الدولية ضد بلد جريمته الوحيدة بنظرهم احتضانه للمقاومة ويمثل الخط الواصل بين إيران وحزب الله (محور الشر بنظرهم)، ووجوده يمثل حجر عثرة أمام الاطماع التوسعية الاسرائيلية وفكرة الشرق الاوسط الجديد. القوى المعطلة لأي حل سياسي لا يعجبها منطق العقل، فهي تسعى لتحقيق مآرب خارج نطاق المصلحة العربية وتصب بصالح إسرائيل فقط. لذلك وفي كل محطة يتم فيها الحديث عن حل سياسي بالتوافق بين أبناء سوريا، نرى تسارع بتسليح المعارضة السورية ليس بهدف قلب النظام كما يتمنون، بل لاستدامة الحرب وإطالة أمدها وتخريب ما بقي سليما من مكونات سوريا الحضارة والتاريخ. الدعوة إلى نبذ العنف داخل سوريا والحوار تحت مظلة دولية تتمتع بالمصداقية، هو أقصر الطرق باتجاه سوريا جديدة ووقف نزيف أبناء الشعب السوري ومعاناته، وترك الحرية للشعب بان يقرر مصيره بنفسه، والى ذلك الحين نتمنى ونحن موقنون، أن تبقى أسوار دمشق صامدة.
|