محنة العمال المفصولين.. مشروع أزمة تضع البلد على مفترق طرق
الاثنين, 06 يناير 2014 03:12

altيشكل قرار تسريح شركتي "النحاس والذهب" الأجنبيتين العاملتين في موريتانيا لمئات العمال الموريتانيين في وقت متزامن إهانة للدولة الموريتانية أولا - وإن كانت متواطئة رسميا معهما-، قبل أن تكون بداية لمأساة ستعيشها مئات الأسر التي وجدت معيلها فجأة عاطل عن

العمل وبلا حقوق.

وبمبررات لم تقنع الرأي العام فضلا عن المعنيين، وخاصة أن هذا القرار تزامن مع اخبار سربتها بعض وسائل الاعلام الأجنبية تفيد بأن فرعا من فروع شركة "كينروس" في إحدى الدول الافريقية قرر تسريح بعض العمال هناك، وهو ما ردت عليه حكومتهم بالتهديد بأغلاق المنجم إن هي نفذت قرارها، مما دفع بهم لتحويلهم إلى موريتانيا، ليحلوا محل العمال الوطنيين الذين قررت فصلهم.

هذه المعلومات وغيرها مما ارتبط بفصل هؤلاء، لم يكلف الاعلام –المستقل- في موريتانيا نفسه متابعتها والبحث في تفاصيلها ومدى صحتها.، لا بل تجاهل أغلبه محنة المفصولين لعدة أيام حتى تعالت أصوات بعض الناشطين -الغير مصنفين- على شبكات التواصل الاجتماعي، لتكون بداية لشجب ذلك القرار من طرف الاحزاب السياسية.

لكن ما لا يدركه النظام الموريتاني بعد مرور ثلاثة أسابيع على فصل هؤلاء أن غالبيتهم من الشباب الذين لم يصدقوا قبل ثلاث سنوات أنهم حصلوا على فرص عمل في بعض المؤسسات القوية العاملة في ميدان التعدين في بلدهم وبرواتب مجزية..، وبجرة قلم أصبحوا في عداد البطالة ليحل محلهم أجانب، ولينضموا بذلك إلى عشرات الآلاف من الخرجين الذين ألقت بهم سفينة البطالة وراء حواسيب يسّطرون من خلالها معاناتهم لينشروها، تلك المعاناة التي دفعت البعض منهم إلى تجاوز الكثير مما كان محرما بالامس الخوض فيه.، وقادرون على المقاومة المشروعة بكل اصنافها حتى يستعيدوا حقوقهم.

هؤلاء الشباب عندما تستمع لأحدهم تجد في كلامه مايبرر أفعاله وما يخطط له وما هو مستعد للموت في سبيله.

على السلطات ان تدرك بأن شباب اليوم أقوى من شباب الستينيات والسبعينيات الذين أرغموا الدولة أنذلك على اتخاذ قرارات كان من الصعب عليها التفكير فيها أحرى أن تتخذ قرار بشأنها، تلك القرارات التي كان في مقدمتها إشراك الكفاءات الوطنية الشابة في الحكومة وتأميم أهم الشرائك الوطنية.

شباب اليوم ليسوا كشباب "الأحكام العسكرية" التي تشهدها البلاد منذ ثلاثة عقود ونصف الذين همشتهم وكممت أفواههم واستأصلت أظافرهم ومارست عليهم مختلف الضغوطات بما فيها العائلية.، ومن الأرجح أن تكون قضية العمال المفصولين هذه، هي الفرصة التي كانوا ينتظرون لينقلبوا على العسكر كما إنقلب هو عليهم نهاية سبعينيات القرن الماضي.

إن على السلطات أن تقرأ الواقع قراءة سليمة، إن هي حقا تخاف على مستقبل البلاد وصادقة مع نفسها فيما يخص الشباب والتسيير الشفاف للثروة الوطنية، قبل أن يستفحل المرض الذي لم تعد تطيقه، فلا يمكن لوطن أن ينهض بسواعد عجزة وفكر جهلة، فالشباب هو طاقة الأوطان التي لا تستغني عنها، وما دامت فعاليتها معطلة فلا يمكن لها ان تنهض.

إن مأساة عمال "كينروس"و"أم،س،أم" ليست أقل أهمية من مأساة "الحمالة" التي شهدناها العام الماضي،وليست إرادتهم أضعف ، وإنما هو الحرص على أن لا تخرج الأوضاع عن السيطرة. فيا حكام البلاد إنتبهوا وقفوا إلى جناب أبنائكم بدل الوقوف في وجوههم مساندة لقوة دولية، فمصلحتكم في أن تسمحوا لأبنائكم أن يعيشوا كرماء في وطنهم بدل أن ترميهم الحاجة في جلباب أنتم له كارهون.

إن قرارا بسيطا من رئيس الجمهورية بإعادة هؤلاء إلى عملهم.، ومراجعة الاتفاقيات مع كل الشرائك العاملة في الثروة الوطنية.،وخاصة المعدنية منها، وإعادة النظر فيها بما يسمح للمواطنين العمل فيها قبل الأجانب، سيسهل للدولة في الوقت القريب تأميم معظم هذه الشركات. وسيجد الشاب الموريتاني ما ينشغل به، غير عد الساعات والأيام والاشهر وراء حاسوب عاجز عن شراء خبز يسد به رمغه. ويساعد في الاستقرار السياسي الذي لا يمكن العمل في غيابه.

فلقد سبقكم لها المختار ولم يندم..

بقلم/ سليمان ولد ديدي

رئيس تحرير صحيفة الحقائق