الضيافة نسخ و لصق.
الأربعاء, 12 فبراير 2014 16:33

altيبدو موضوع إكرام الضيف ملهما مميزا هذه الايام للكتابة و التعبير و توجيه الرسائل الخالدة و رص الصفوف و تحريك البيادق و رمي أحجار النرد في فضاء السرد المطرز بالإقتباس و النسخ و اللصق , و إستعمال كلمات من قاموس التغذية من قبيل الشحم و اللحم و المرق و العرق.

  بالفعل كرم الضيافة شيء جمبل جدا توارثناه وكنا إلى الأمس القريب مضربا للمثل فيه , لكن بعض المستجدات تبدو قاهرة إلى حد يتطلب منا إستدعاء بعض الإستثناءات و تمثلها و تلميعها كي تخدم أغراضا من التغزل بمحاسن الأضداد بصور بديعية منقولة من نصوص متفرقة مستوحات من الجاهلية حيث الفروسية و العداوات و حروب الزمن الغابر , و من عصر الإسلام حيث تصان كرامة الإنسان و تحترم الرسل و يكرم نزل الضيف و يكف عنه الأذى بل و حتى يعطى ما بين جبلين من الغنائم و هو كافر.   لقد قضى المصريون من غير الإخوان سنة كاملة في ضيافة الإخوان بعد إنتخابات شهد القاصي و الداني بنزاهتها , لكنها و للأسف لم تكن من سنوات إكرام الضيف , فقد تلاقت جموع الإخوان مع جموع إخوة الدين و الوطن في أكثر من ميدان و سالت دماء كثيرة من الجانبين , و هوجمت المدينة الإعلامية حيث الفسوق و الفجور و السينما الخليعة و أذل الممثلون و الفنانون و الصحفيون أيما إذلال رغم مصريتهم التي لم يكن فجورهم على ما يبدو كافيا لإسقاط الجنسية عنهم و إلا لطهر الله البلاد و أراح العباد منهم في أول يوم من حكم الرجل العادل خليفة عمر بن عبد العزيز.

  و في نفس الضيافة سُحل مواطنون مصريون من منازلهم و جروا في الشوارع على مرأى و مسمع من الشرطة و الجيش و القنوات التي تناقلت تلك الفظائع دون أن يحرك أحد ساكنا فقط لأن مواطنا يدعا "شحاته" شيعيا فكان ذلك كافيا لضربه بجميع أنواع آلات القتل مع رفاقه و أهله و التمثيل بهم أيام الخليفة العادل , الذي حدث في زمنه أن أحرقت خيام المتظاهرين و هدمت منصاتهم على رؤوسهم ; و نكل بهم في ميدان التحرير و غيره فقط لأنهم إعترضوا على طريقة الحكم التي لم تستطع أن تتجاوز الإرتماء في حضن البنك الدولي و القروض المهينة , و لم تقدر على تنكيس العلم الصهيوني الذي ظل خفاقا معززا بمراسلات تحمل من شحنات الحميمية ما لم يقدر عليه العشاق في زمن الحياء و الحرمان , و لا وقف تدفق الغاز المصري الرخيص لإسرائيل التي تضرب غزة بالفسفور المنضب أيام الضيافة تلك , و لا حتى تحسين الخدمات العمومية و أحوال المعيشة التي زادت ترديا بفعل المهاترات على وقع القبلات الحارة بين الإمام العادل و موفدات البنك الدولي و منظمات الإتحاد الأروبي و الأمم و الولايات المتحدة ....................

  و على شاكلة ما سبق فقد كان المصريون بمن فيهم الإخوان على موعد مع الإستعباد حيث تكررت حادثة غريبة وقعت في بلدنا و زماننا هذا و كان من الحري بإمام  عادل أن لا يقوم بالنسخ و اللصق من أرشيف دويلة من القرن الثامن عشر كما يصفها أهل تلك الأرض العصية على الإستعباد على ما يبدو , بالأحرى أن يقوم بإستنساخ بشر بنفس المواصفات و بنفس الطريقة ( المديح , الترقية , التمكين)!!! وكأن العسكر وحده من المصريين من يستحق الإكرام في ضيافة حكم الإمام العادل!  

ثم إن الإنقلاب الذي قام به (رجالة زي الدهب) لم يكن سريا و لا في عتمة الليل و لا تحت جنح الظلام بل كان عن سابق إصرار و ترصد و في وضح النهار و أمام العالم الغربي "العادل" الذي يصون كرامة الإنسان و يحتضن الأحرار في العالم و يوفر لهم المال و السلاح في ليبيا و سورية و العراق و إسرائيل و يجادل بالتي هي أحسن عن حقوق الإنسان في مجلس الأمن , و من المؤكد أن الجيش المصري مغتصب السلطة  ليس جيشا وطنيا و لا ينتمي أفراده للشعب المصري بل هو عميل لإسرائيل تماما كالجيش السوري الذي تقاتله أمريكا من أجل سواد عيون الشعب السوري و حقوق الإنسان.!  

أما وقد حدث الإنقلاب بتدبير من الإمام العادل الذي مكن "السيسي" من رقاب المصريين فقد وقع الإخوان في ضيافة العملاء من جديد و كان حريا بالمضيف أن يكرم ضيفه لكن يبدو أن الضيافة كانت من جنس الضيافة , فسالت الدماء من جديد و أسرف الجيش في القتل , لكن أسرف الضيوف أيضا في الإستعراض و الإستدراج , و وقعوا من جديد في أخطاء قد لا تكون بحجم أخطاء العملاء المكرمين ( رجالة زي الدهب ) لكنها أخطاء ما كان بنبغي أن تقع و هي حشر النساء و الأطفال في صعيد واحد لمجرم قاتل سفاح و تمكينه من قتلهم و حرقهم , في حين لم يكن من بين الضحايا من قيادات التنظيم أحد و كأن الصبية و النسوة كباش فداء و قرابين! فكيف بحكيم ذو عقل راجح أن يجلب الأطفال و النساء لميدان إبادة لا رحمة فيه إلا إذا كان يملك من حقهم في الحياة حق الموت!

  هكذا تكون دروس إكرام الضيف و هكذا يعامل الضيوف في مصر اليوم , لكن و كما إستنسخ الإمام العادل بشرا سويا و تجربة حية للإنقلاب عليه , فكان من المهم أيضا أن نستنسخ نحن تجربة المصريين في إكرامهم للضيوف على أرضنا ,  ذلك و الحمد لله لأننا وصلنا مراحل متقدمة في صناعة الإستنساخ و النسخ و اللصق , و حتى في إبتلاع العلف الفكري و علب العواطف السردينية , و تفننا في التباكي و إختلاق التظلمات و عشنا في وهم العيش في فضاءات شعوب و أمم لا تعترف لنا بحق الحياة فجعلنا من أنفسنا نسخة رديئة تشوه حقيقة صاحب الحق.

  ثم إن فرعون مصر الذي فرعنه إمامها العادل عندما يشبهه أولئك بجنرال هذه الأرض على أنه من نفس الطينة فإنهم يدينون أنفسهم لأنهم و كما يعلمون هم أسرع الناس إلى بابه و أكثرهم تسكعا و مدا لأيديهم له و هم حلفاؤه و سنده و بابه الذي يخرج منه كلما ضاقت عليه الأرض بما رحبت .   فاقد الشيء لا يعطيه و دروس النسخ و اللصق لم تعد بتلك المنزلة , و اللعب بالشعارت الفارغة و إمتهان الصراخ و الكذب و التلفيق و التحريف و تنميق الحجج الواهية و حياكة المظالم الباطلة و تطريز الأوهام لم يعد يخفى على أحد و لا ينطلي إلا على الصبية و النساء من ضعفاء العقول الذين لا يترددون في إرتكاب الحماقات نزولا عند رغبة من بأيديهم آلهة التمر التحريضية.   الأستاذ : حمزه ولد محفوظ المبارك.