لم يمزق المصحف الشريف/ حمزه ولد محفوظ المبارك. |
السبت, 15 مارس 2014 17:05 |
بداية أود تنبيه ثماثيل السياسة و فتيان المشاعر الملتهبة بالوهم الحارق و أضواء الصدقات و ألوان خطوط العتمة ممن لا يزالون متمسكين بخياطة أثواب الستر المهترئة و عبدة الشخوص الزائلة المؤلهة للصور و الأجساد , المرابطين في خندق العواطف العمياء , إلى أن تطريز المظالم و حياكة الوجع الشاعري الغوغائي , كلها تكتيكات مكشوفة على غرار التكتيكات السياسية التي ضربت بعرض الحائط كل القيم و نقضت كل العهود و المواثيق خوفا من الحرمان و طمعا في جلد الكراسي المحشي بإسفج الريبة , و التواطؤ على تمزيق أوصال وطن يئن بوقع الجوع و الحرمان و الحيف و المتاجرة.
لاشك أن أي فعل أو حدث مهما كان عابرا يظل مربوطا بسياقه و ظرفه الزماني و المكاني , فالأوضاع المهيأة أصلا من خلال تراكمات مسبقة هي أكثر من غيرها تأثرا بكل مستجد خاصة في مجتمع يشتغل على الشائعات و يعشق الخصومة السياسية , و يبحث في كل مكان عن وسائل التخوين و التسفيه , كوسيلة لجلد الخصوم و محاولة تسجيل نقاط هنا و هناك , و من الطبيعي جدا أن يقوم الطرف الضعيف بتلك الحركات البائسة لشغل الجماهير عن أخطائه و سقطاته ملقيا باللائمة على الطرف الاقوى متذرعا بالدفاع الحصري عن عامل مشترك لا يُسلمه أحد من الاطراف للآخر , و تلك فلسفة لا يتقن الخوض فيها إلا المتمرسين في فن التلون. المجالدة السياسية و للأسف تبدو ممارسة طبيعية للبعض حتى تخطت حدود المقدس و استباحت الغوص في المحظور , فلا أحد مطلقا في هذه الأرض الطيبة المباركة , يمكن أن يقف وراء فاعل لعملية كفر شنيعة و بشعة كتمزيق المصحف الشريف , حكومة كان أو هيأة سياسية أخرى , إلا أن ثقافة التوظيف قائمة جدا و واردة في كل شيء , لأن الجميع أصبح و بفعل حوادث مسبقة إضافة للحاسة المفرطة تجاه كل مقدس يعلو صوته لأبسط الأسباب الوهمية. إن من تابع الحدث الأخير حول شائعة تمزيق المصحف الشريف , قد يصاب للوهلة الأولى بصدمة كبيرة و يخرج عن طوره بردة فعل لا يحسن التحكم فيها , و قد يخرج إلى الشارع بصورة عفوية , لكنه لاشك أيضا سيلفت إنتباهه أن الرواية المتوفرة حول الحادثة ليست مكتملة , و لا ترقى إلى مستوى العبث بكل شيء , و هنا تبدأ ملامح الفعل المتعمد في الإستغلال و التجييش تلعب دورها في تعميق الفاجعة و تأصيلها و توظيفها , لتكون وسائل الإعلام آلة للنفخ في رماد الحوادث السابقة , و تسعير النيران بالمندفيعن نحو الفعل السياسي المشؤوم , و كأن أي فرصة لإسقاط كل شيء واردة الوقوع في أي زمان و مكان , رغم فشل تجربة إسقاط الدولة و محاولة إستجلاب الفوضى العارمة و ثورات الدم التي عصفت ببلدان و أزهقت أرواحا و قضت على الأخضر و اليابس و غيرت قوانين الإنسانية و هدمت هيبة المقدس و داست الرحمة في قلوب البشر. إشاعة تمزيق المصحف الشريف هي فعل عبثي غوغائي , غلب عليه طابع التسرع و ركبت موجته شخوص و تصاوير لا تقيم للتأني حرمة , و لا للمصلحة الوطنية قيمة , بل تتحين كل فعل من شأنه أن يقربها من السلطة و الكرسي الذي كان و لا يزال غاية تبيح كل الوسائل حتى و لو خرجت عن مباديء الدين الحنيف , حتى ولو تطلبت حمل السلاح في وجه نظام قائم , حتى و لو تطلبت إشاعة التصفية الطائفية و العرقية و المذهبية.......... من مزق المصحف ؟ نحمد الله سبحانه و تعالى أن هذه الزوبعة لم تنكشف عن فعل متعمد , و إنما هي رواية ضعيفة بدأت بطفل لم يعرف عنه شيء و إنتهت به , لم يمزق المصحف بالطريقة الغوغائية المراد لها أن تكون , لكن محاولات تمزيق الوطن تظل واردة مادام الوطن محمولا على أكف الشائعات , و التجاذبات السياسية المحضة التي لا ترحم الإنسان و لا تحترم المشاعر , و لا تتورع عن الفتنة . لم يمزق المصحف لغرض الإهانة و الفعل لم يكن مبيتا , و لو كان كذلك فهناك ألف طريقة و طريقة لذلك لا تضع صاحبها موضع المتابعة و الملاحقة و الكشف , فالوسائل التكنلوجية المتطورة تتيح بدائل متعددة و أكثر تخف , لكن و الحمد لله لم , و لن يمزق المصحف في بلاد الإسلام , و سنظل في منعة من كيد أعداء الدين والأمن الذين لا يحسنون التنفس في أجواء غير مسممة. الأستاذ : حمزه ولد محفوظ المبارك. |