كاتب إسرائلى يكشف أسرار المملكة السعودية الداخلية المضطربة
الاثنين, 21 أبريل 2014 10:28

bandar.jpg77بقلم: تسفي برئيل  

      النبأ الرسمي الذي نشر هذا الاسبوع باسم عبدالله ملك السعودي اكتفى، كالمعتاد، بتقرير موجز عن “الاعفاء بناء على طلبه” لبندر بن سلطان، من منصب رئيس المخابرات واستبداله بالجنرال يوسف الادريسي. ظاهرا، هذا تغيير آخر في المناطق ينفذه الملك في السنتين الاخيرتين.

 كما أن التفسير هو الاخر عادي ظاهرا، وذلك لان الامير بندر ابن الـ 65 يعاني من عدة أمراض. وقد خضع في الاشهر الاخيرة لعلاج طبي في الولايات المتحدة وأمضى بعد ذلك فترة الشفاء في المغرب. ولكن بندر الذي عين قبل سنتين فقط في منصبه لم يتطوع للاستقالة ومشكوك أن يكون توقع البيان الملكي الذي أنهى، مؤقتا على الاقل، الدراما الجارية في البلاط الملكي منذ سنة.  

  في نهاية شهر اذار هبطت طائرة الرئيس اوباما في الرياض في محاولة لتحسين العلاقات مع المملكة التي بدأت تبرد منذ شهر تشرين الاول عندما كانت المفاوضات بين القوى العظمى الستة وايران في مسألة النووي على وشك الاختراق الذي أدى الى الاتفاق المرحلي. وقد هزت قصة الغرام الامريكية – الايرانية المملكة التي ترى في ايران خصما ومنافسا سياسيا، دينيا وايديولوجيا، ليس فقط في الشرق الاوسط بل وفي وسط آسيا ايضا.  

  الامير بندر، ابن من كان ولي العهد، سلطان (الذي كان لنحو نصف يوبيل وزير الدفاع في السعودية وقائد الجيش في فترة حرب الخليج الاولى) أصدر عندها بيانا غير مسبوق جاء فيه ان السعودية ستنظر في انعطافة في سياستها تجاه الادارة الامريكية. فتأهبت واشنطن، حيث أن اوباما على علم جيد بخيبة الامل السعودية من قراره عدم الهجوم في سوريا في أعقاب استخدام السلاح الكيميائي، كما أنه يعرف الاحباط السعودي من عجز الادارة في معالجة النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، الاحباط الذي نجح في أن يهدىء قليلا منه بفضل نشاط وزير الخارجية جون كيري. ولكنه تبين للادارة الامريكية أغلب الظن بان الامير بندر ينتقد سياستها بالذات على مسمع من الخصوم الجمهوريين، ويشجعهم على مهاجمة سياستها من على كل منصة ممكنة ولا سيما في الكونغرس.  

  وحسب تقارير في السعودية، فقد كان الرئيس اوباما هو الذي طلب من الملك احالة بندر من منصبه كي يهديء الالتهاب الذي اشتعل في علاقات الدولتين.     بندر، الذي خدم كسفير للسعودية في واشنطن على مدى 22 سنة، وعاد الى وطنه في العام 2005  كان دوما رجل بوش – الابن والابن. بل انه في واشنطن حظي بلقب “بندر بوش”.

وبين عائلة بوش والاسرة المالكة نسجت على مدى السنين علاقات تجارية واسعة ومنفعة متبادلة، شخصية وسياسية، جعلت السفير الملياردير وجه السعودية في الولايات المتحدة. وتمتعت السفارة السعودية في عهد ولايته بحماية دائمة من الجهاز السري، وكان لبندر قدرة وصول حرة في كل وقت الى الغرفة البيضوية.

وعندما وقعت عمليات 11 ايلول، كان بندر هو الذي نجح، بخلاف موقف الـ اف.بي.آي، في نيل إذن خاص لنقل الطلاب السعوديين الى السعودية في الوقت الذي حل فيه حظر طيران في كل الولايات المتحدة. زوجة بندر، الاميرة هيفاء، اشتبه بها في حينه بعلاقة مع الوسيط ورجل الاموال اللذين عملا في خدمة القاعدة، ولكن التحقيق توقف.  

  انتخاب اوباما لم يجمد العلاقات بين العائلتين، ولكن البيت الابيض أصبح غرضا مشبوها. ورغم أن التجارة بين الولايات المتحدة والسعودية تتطورت، والسعودية التي تحتفظ بأرصدة عملة صعبة بحجم نحو 650 مليار دولار، استثمرت مالا طائلا في سندات الدين الامريكية، أثارت سياسة اوباما في الشرق الاوسط قلقا بلغ ذروته في ثورة 25 يناير في مصر. واعتبر تأييد اوباما غير متحفظ لحركات الاحتجاج ودعوته مبارك الى ترك كرسيه، في نظر السعودية كخيانة سواء على المستوى الشخصي أم على المستوى الايديولوجي. ثورة محبي الديمقراطية التي من شأنها أن تنتقل الى دول الخليج، هي آخر ما يتمناه الملك.    

بعد أربعة ايام من بدء المظاهرات في مصر، حذر عبدالله اوباما من الضغط على مبارك للاعتزال، والسماح له بان يشرف على اجراءات التحول الديمقراطي في الدولة وان يعتزل بعد ذلك فقط.

وتعهد عبدالله ايضا بانه اذا ما اوقفت الولايات المتحدة مساعدتها لمصر فان السعودية ستملأ مكانها.

وتعاظم الضغط السعودي عندما حظي الاخوان المسلمون في الانتخابات الاولى للبرلمان المصري بعد الثورة باغلبية ساحقة بل واكثر من ذلك عندما فاز محمد مرسي بالسباق للرئاسة. وسمعت المدائح التي اطلقتها الادارة الامريكية في حينه عن المسيرة الديمقراطية في مصر مثابة الشتيمة في آذان السعودية.

ويعد التأييد الامريكي لحكم الاخوان المسلمين دعوة تشجيع للاسلاميين في المملكة والتي تدور ضدهم منذ بضع عشرات السنين معركة ضروس مضرجة  بالدماء والضحايا.     وتنفست السعودية الصعداء عندما عزل مرسي في حزيران 2013 واستولى الجيش على الحكم، ولكن التلوي الامريكي وموقف الكونغرس والادارة ضد ما اعتبر بشكل غير رسمي كانقلاب عسكري، وحررت كل كوابح الاعلام السعودي حين غمر هذا المجال العام العربي بانتقاد لاذع للرئيس الامريكي براك اوباما.  

  وبينما الخلاف مع واشنطن هو كالزيت في عظام بندر فان الجدال في البيت الابيض بدأ يكثف السحب من فوق رأسه. بندر، كرئيس المخابرات كان مسؤولا ايضا عن سياسة السعودية في سوريا. وكان هو الذي وجه المملكة نحو موقف حازم طالب بالتدخل العسكري، العربي والدولي.

ومارس ضغطا سعوديا على الاردن كي يكون ليس فقط قاعدة لتدريب الثوار بل ومنطلق لهجوم عسكري ضد نظام الاسد. ووجد بندر مصادر تسليح في اوكرانيا ودول اخرى، ونقل تمويلا سخيا لجماعات الثوار.    

ولكن في ذات المعركة شجع ايضا متطرفين سعوديين للخروج الى الجهاد ضد الاسد. وطور في سوريا بعضا من الميليشيات المتطرفة التي يرتبط بعضها بعلاقات طيبة مع القاعدة. ونال بندر بالفعل اسنادا من الملك، ولا سيما لانه وعده بان هزيمة الاسد قريبة.  

  أثارت رعاية الثوار السعوديين قلقا عميقا في قلب وزير الداخلية شديد القوة، الامير محمد بن نايف، الذي كان أبوه وزير الداخلية وقبل أن يموت كان ايضا بين المرشحين لخلافة الملك عبدالله. محمد، مثل أبيه، أدار صراعا لا هوادة فيه ضد المنظمات المتطرفة في السعودية بل ونجح بقدر واضح في تقليص الارهاب الاسلامي في الدولة لدرجة ان قيادة القاعدة السعودية اضطرت الى الهجرة واقامة قاعدة لها في اليمن.    

ويتمثل تخوف محمد بن نايف في أن يعود اولئك السعوديون الذين يقاتلون في سوريا الى وطنهم ليبثوا روح الحياة في الارهاب الاسلامي. وطالب بالكف عن ارسال المتطوعين بل واصدر أمرا يحظر على ابناء السعودية الخروج الى الحرب في سوريا.    

وهكذا فقد اصطدم جبهويا مع بند – وانتصر. في شهر شباط قرر الملك نقل “ملف سوريا” من يد بندر الى يد محمد الكفيل هو نفسه أن يكون المرشح لخلافة الملك. وفي نفس الوقت عين عبدالله الامير مقرن، الابن الاخير للملك عبدالعزيز، ولي عهد لولي العهد الامير سلمان المريض بـالزهايمر. وكان مقرن هو رئيس المخابرات الذي حل بندر محله في تموز 2012، التغيير الذي نبع ايضا من الاخفاق في ادارة السياسة السعودية في سوريا.      

يبدو مقرن في هذه اللحظة بانه المرشح المتصدر للخلافة، وابعاد بندر يأتي لتهدئة تراشق الضربات السياسية في البلاط الملكي. وسيكون الخلاف المتوقع التالي أغلب الظن بين الامير محمد وبين مقرن، والسؤال هو اذا كان الملك ابن التسعين ترك منذ الان وصية تضم اسم الملك التالي.      

ستكون هذه هي المرة الاخيرة التي يقرر فيها الملك خليفته. فالملك التالي سيضطر الى التشاور والى أن يحصل على تخويل لجنة الامناء التي تضم 35 عضوا، وكلهم من ابناء العائلة الملكية.    

  يمكن لواشنطن على الاقل ان تكون هادئة – فمعارضيها في البلاط الملكي قلوا، ويبدو أن الملك ايضا يفحص حلم اسقاط بشار الاسد بعينين مفتوحتين. وهي الان تنتظر ايضا الخليفة آملة بان يكون هذا هو الامير محمد، الذي ارتبط بعلاقات وثيقة بها واصبح رجل سر أوباما.  

  هآرتس   20/4/2014

نقلا عن صحيفة راي اليوم

فيديو 28 نوفمبر

البحث