الشيخ .. والمسار المكشوف " الحلقة الرابعة" / عبد الله الراعي
الخميس, 15 مايو 2014 09:47

إن حالة الهوس السياسي التي يعيشها الدكتور الشيخ ولد حرمة باتت تتسع عمقا وتأخذ مداها في فكره السياسي الخاضع لحقن رفاقه في المنتدى والمنسقية هذه الأيام .. حيث الضجيج والصراخ وغياب العقل والحكمة السياسية.. إن رجل السياسة إذا كان يقذف بكل مايدور في جوف فكره فإنه يساوي البركان حين يغلي ويرمي حممه في كل إتجاه ، وهو بذلك يكون شيطانا يوزع اللعنة على عقول الناس . 

إن فكرا بحجم الفكر السياسي لا يمكن أن يتخذ من عقول الناس مسرحا لتنفيذ جرائمه وألاعيبه المكشوفة للرأي العام الوطني والدولي ، وذلك لسبب بسيط وهو أن السياسية التى يسمونها باللعبة، تتطلب قدرا كبيرا من المؤهلات الذهنية والصدق ورجاحة العقل والقدرة على الخروج من الزحمة والصراخ مثل ما تسل الشعرة من العجين. اصرخ أيها الشيخ كما تشاء لأن ما توده لن يتحقق، فرئيس الجمهورية لا يهمه صراخك المبحوح ولا يعنيه رأيك لأنه أدرى من الجميع بما تريده وما يريده من حقنوك بعقاقير الصراخ .

لقد انكشفت في هذه الحلقة من دُبر، حيث جاءت مقالتك على شكل مسرحية هزيلة الإخراج في مشهادها الثلاثة وصورها القاتمة ورسالتها السوداء. لقد ظلت الأغلبية الرئاسية طيلة مأمورية الرئيس الحالية، تطالب بحوار جدي وصريح مع مختلف تشكيلات الطيف السياسي ، ودخل جناح هام من المعارضة في حوار بناء مع الأغلبية خرج بنتائج كبيرة لعل من أبرزها: تشكيل لجنة مستقلة للإنتخابات تشرف على العملية الإنتخابية من بدايتها الى نهايتها دون تدخل من الحكومة ، كما نجح الحوار في وضع قوانين لتجريم العبودية والإنقلابات وتم إدماج ذلك في التعديلات الدستورية بشكل صريح. وقد أشفع ذلك الحوار بإنتخابات بلدية وتشريعية شارك فيها حزب من أبرز أحزاب المنسقية التى ظلت طيلة ثلاثة سنوات تحمل شعار رحيل النظام .

لقد أخطأت وأخطأ رفاقك الجدد حين رفعتم سقف مطالبكم عاليا وأنتم الأقزام في المشهد السياسي منذ سنوات عدة ، ولعل صدق نية رئيس الجمهورية في مواصلة الحوار مع مختلف الطيف السياسي، هي التي أدت الى فتح حوار جديد مع وجهكم الجديد: المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة ، إلا أن عدم جدية المنتدى في مواصلة الحوار بشكل جاد أدى الى توقفه خلال أيامه الأولى .

وبرغم من جهود المعارضة الرامية الى زعزعة إستقرار البلد وإلحاقه بركب الدول التي تعيش أزمات طاحنة أدت الى ذهاب بلدان عديدة في مهب الريح ، إلا أن حكمة رئيس الجمهورية وإرادته السياسية القوية حالت دون ذلك وأدت إلى نتائج كبيرة حققتها البلاد على طريق الديمقراطية والتنمية الإقتصادية الشاملة ، حيث استطاعت الحكومة تحقيق نسبة نمو قاربت 7% وتثبيث التضخم في حدود 5% مع إطلاق سياسة إجتماعية استفادت منها نسبة 30% من المواطنين وتم خلق آلاف فرص العمل للعاطلين ودمج الشباب في المشاريع التنوية.

وقد أسهمت السياسة النقدية والمالية للحكومة في تحقيق نتائج كبيرة حيث وصلت احتياطات البنك المركزي حدود مليار دولار في ظل الظروف الدولية الصعبة واستمرار آثار الأزمة المالية العالمية، لم تتوقف إنجازات الحكومة عند هذا الحد بل أطلقت آلاف المشاريع التنموية الهادفة الى تطوير البلد وتحسين بنيته التحتية من طرق ومستشفيات ومدارس وجامعات في مختلف التخصصات .

إن تنظيم إنتخابات رئاسية في آجالها الدستورية أمر تخشاه المعارضة في ظل كل هذه الإنجازات العملاقة ، وقرار المشاركة أو المقاطعة من وجهة نظري قرار شخصي ، إلا أن الأمر الوحيد الذي يمكن الجزم به هو أن نسبة المشاركة في الإستحقاقات القادمة ستعري المقاطعين وتكشف قواعدهم الشعبية على حقيقتها، كما حدث في الإستحقاقات البلدية والنيابية قبل أشهر . أعتقد أن الدعوة السوداء التى قدمها الشيخ ولد حرمة، بمقاطعة العملية الديمقراطية والجنوح نحو الفوضى وتفكيك المجتمع وتقويض أركان الدولة.. ماهي إلا حركة بائسة لملئ ذلك الفراغ الكبير والإفلاس السياسي الذي يعيشه الشيخ ورفاقه في المنسقية والمنتدى ولكن هيهات أن تتحقق أحلامهم الميؤوس منها.

إن حركة الشعوب والمجتمعات، لاتقوم إلا على الوعي الوازن والمسار الواضح، بعيدا عن صراخ المتشبثين بالمصالح الفردية الناظرين الى الوطن ومصالحه العليا من زاوية عين الأحول .. ولعل الأمر الوحيد الذي يجمع عليه أهل الممارسة السياسية هو التعاطي بإيجابية وموضوعية والإبتعاد عن إذكاء الفتنة وإحياء النعرات العرقية من خلال نبش الأعراق وسب الناس دون قرينة أو بينة .

إن الفرق بين الرجال محكوم بثنائية الإعتدال والكياسة في التعاطي مع القضايا الوطنية وإلا فإنهم يوضعون في خانة أشباه الرجال.

فيديو 28 نوفمبر

البحث