أطار على موعد مع التاريخ /محمد سدينة ولد دحي |
الأربعاء, 23 يوليو 2014 13:41 |
مواعيد أطار مع التاريخ مشهودة، لايخلف أطار موعدا للتاريخ، ولايتأخر التاريخ عن التدوين عن أطار في مساحات مزركشة بالعزة والشموخ ، وأي محاولة للحديث عن مواعيد أطار مع التاريخ محاولة قاصرة لن يتسنى لها سبر غور كل هذه العلاقة. موعد أطار الأول مع التاريخ كان يوم خرج رجلان مع أمهم بعد ضيم نالهم من إخوة التراب، فبنو مدينة تفترش اليوم سبعة قرون من العزة والأنفة .. من يومها واللقاء مع التاريخ فعل يومي يمارسه أطار دون أن يشعر ودون أن ينتبه. من يومها ولقاءات أطار بالتاريخ لقاءات خالدة تتجاوز الوطن بتعريفه الدستوري لتعانق كل تاريخ المنطقة وكل الأحداث الكبرى التي شهدتها المنطقة عبر تاريخها الضارب في القدم. فيوم تداعت هذه المنطقة بفعل مشروع إصلاحي أخر سقوط الأندلس أربعة قرون ، ألتقى أطار بالتاريخ واستضاف قاضي المرابطين الإمام الحضرمي ، وتواصل شيوخ أطار وفقهاء أطار مع قضاة فاس وعلماء القيروان وشيوخ تلمسان وأمراء مراكش .. ليخبروهم أن الهم واحد وأن الدم واحد وأن الجغرافيا لاتلغي التاريخ ولاتلغي الروابط الحضارية. ويوم أمتدت الكولنيالية الفرنسية لتستعمر هذه الأرض ، ألتقى أطار بالتاريخ مجددا فكان سيفا أصيلا ، وموقفا رافضا ، وقلعة من الصمود والمقاومة ، ورجالا يبيتون على الطوى ، ولايتنازلون عن حرية الأرض وسيادة الموقف ونبل الشهادة. وألتقى أطار بالتاريخ يوم سالت دماء أميره بوديان الخروب شهيدا يصنع الحرية ويصنع الحياة ، وألتقى بالتاريخ يوم أرسى أميره الآخر نموذجا للحاكم العادل ، فكانت عافية أحمد ولد محمد مضرب المثل في العدل والمساواة ، وخيطا للصلة بالماضي الإسلامي الزاهر وبرجل أموي عادل اسمه عمر بن عبد العزيز. وألتقى أطار بالتاريخ يوم قرر سكان هذه الأرض الحياة تحت قرص الشمس ، وبناء دولة فرفض سكان أطار البقاء في الإطار الديكولي ، وصوتوا لإستقلال وطنهم ، واستقبلت المدينة يومها ابن موريتانيا المؤسس المختار ولد داداه ليكون أطار شريكا في صياغة الحلم وصناعة مشروع الوطن. لقاءات أطار بالتاريخ بدأت من يوم حفر رجاله الصخر وغرسوا الوديان نخلا باسقا يعانق السماء ، ويوم غزلت نسائه الصوف ووبر الجمال وسعف النخيل ، ويوم أرغمن اللبن أن يكون طويل المدة فكان "الكارص" ، وأرغمن التمر أن يكون طويل المدة فكان "المفصص" ، وأرغمن اللحم أن يكون طويل المدة فكان "مقفو"، وأرغمن كل شيئ أن يكون قرى لضيف قد يأتي على حين غرة ليشهد مع التاريخ أن أطار أرض قرى وجود .. من هذه اللحظة بدأت اللقاءات ولايمكن أن تتوقف أبدا. اليوم يلتقي اطار مجددا بالتاريخ ، يلتقيه بنفس أصالة وعبق الماضي ، وبقدرة فريدة على مسايرة العصر هذه المرة عبر مهرجان التمور في نسخته الخامسة ، هذا المهرجان الذي ولد في تكانت وترعرع بين بطاح الرشيد ومسايل انبيكة مرغم بحكم حنين النخل وإنتماء التمر أن يمر بأطار ليأخذ من لحظة وصوله لأطار بصمة أطار وينطبع بطابع أطار وعجاج أطار. مهرجان التمور في نسخته هذه سيكون فرصة لمن لايعرف اطار ليعرف أطار ، وليكتشف معطيات مختلفة ستزلزل بعض المسلمات لديه ، سيكتشف أن الجبل ليس مجرد تضاريس بقدر ماهو ظهر للإنسان ورمز للتحدي وعنوان للمقاومة والصمود ، سيكتشف ان النخل ليس مجرد ظل وفير ورطبا جنيا بقدر ماهو وطن وانتماء وشعور. سيكتشف ان المديح النبوي ليس مجرد توسل ديني بقدر ماهو رابط صلة حضارية بقريش ، وخيط علاقة بالماضي الأصيل ، سيكتشف ان "بنجه"ليست مجرد فلكلور شعبي بقدر ماهي خصوصية مميزة وهوية مستقلة . سيكتشف من لايعرف أطار أرضا مختلفة وشعبا أصيلا تحدى الطبيعة وظل أمام عاديات الزمن باسما يحفر الصخر ويغرس الوديان نخلا باسقا يعانق السماء. اللقاء هذه المرة مع التاريخ سيكون كبيرا لكنه لن يكون أكبر من لقاءات سالفة تجاوزها أطار بجدارة ، وسنكون نحن أبناء اطار معنيين بهذا اللقاء مع التاريخ ، معنيين بكسب الرهان وإثبات الجدارة .. الجدارة بتحدي التاريخ والجدارة بالتمر والجدارة بإستضافة العالم . آملين أن يكون المهرجان مناسبة لتحقق رجائين لنا نحن أبناء وشباب المدينة .الرجاء الأول : ترتيب محاضرة في فقرات المهرجان عن "مساهمة أطار في التاريخ الإسلامي في المنطقة" يقدمها ابن المدينة معالي الوزير الأستاذ سيد محمد ولد محم ، والرجاء الثاني أن تذهب عائدات المهرجان لأهلنا في غزة هاشم تأكيدا للروابط الدينية والعروبية ومساهمة في رفض الظلم وإنتصارا للحق وكسرا للعدوان. |