‏رسالة إلى أمير المؤمنين‬
الأحد, 15 ديسمبر 2013 10:16

الحمد لله الكبير المتعالي، والصلاة والسلام على من بعث بالعدل بين الخلائق فكان أرحم وال.. وبعد.. فيا أمير المؤمنين – إن كنت - إنك جئتنا قبل حجج واني السند، ضئيل العدد، تتربص بك الأعراب، فأعميتنا ببروق الوعود، وأصممتنا برعود العهود، فوجدت منا مددا

آزرك، وعددا على خصومك نصرك، فما إن بزغت شمس عهدك، حتى تبدى ما سترت، فكان لنا لمع البرق، ولغيرنا الحيا الغدق.. و"صبرنا إلى أن مل من صبرنا الصبر... وقلنا غدا أو بعده ينجلي الأمر" فما زادكم صبرنا إلا صدودا.. ثم أرسلنا إليكم نذرنا، وألنا القول، وتذرعنا بالتورية، وتدرأنا بالتذكرة، فاستغفلنا بعض من حواشيكم، ما قربناكم إلا لتبعدوهم، لما علمنا منهم من سوء المكر، وخبيئة الغدر، فركنتم إليهم وقد نهيتم عن ذلك، وجعلتم في آذنكم وقرا وضربتم بيننا وبينكم حجابا، ثم سألتمونا عن الحال فأصدقناكم الخبر وحابوكم، فنزلتم عند رأيهم، فأيقينا أنه: "إذا تكون كريهة ندعا لها... وإذا يحاس الحيس يدعى جندب" أيها الأمير.. إنا نسوق إليكم أنعامنا فتشربون سائغ لبنها الخالص، وتتخذون منها متاعا، ثم تفرضون علينا مكوسا أثقلت الكواهل، وأجهضت الحوامل، وهجرت الخيرة، وخربت الديرة، وعممت الحيرة. ولو حبسنا ما نرسل إليكم شهرا واحدا لعمتكم المسغبة، وعادكم عام الرمادة، لكنا أكرم من ذلك. يأتينا سوقة من خولكم، يستقوي بكتابكم على ضعافنا، يؤتونه أموالهم اتقاء بطشه وابتغاء عدله، فلا يرحل ذاك، ولا يقيم ذا، يمر بيننا كالطاووس منتفش الريش، وقد كان قبل وتدا في طل تنآى أهله. تموت نساؤنا بصيحات الطلق، وتحصد الأدواء شبابنا الزهر، فتقتم الدنيا في عيون أترابهم فينزحون جنوبا، تتقاذفهم موائد اللئام، وقد كان لهم في ربوعهم غنى، لو وجد عدل. أيها الأمير.. لا تحسبن تولية من صدروا عن موردنا تكفينا، فما هم إلا قلة حملناهم على أكتافنا إليك، كما حملناك، فأنستم بالظل الوارف والقصر المنيف والسرر المرفوعة والزرابي المبثوثة وأفانين المروج، وتركتمونا نغتسل بعرق الندم، نؤوب بالمعاشي إلى ماء قدورنا الفائرة.. فأدركنا أنه: "إذا لم تكن نفس النسيب كأصله... فماذا الذي تغني كرام المناصب" أيها الأمير.. لا يغرنك منا بعد الشقة وضيق ذات اليد، فإنا قوم جبلنا على كد الحياة، ولو هممنا بالثريا لناولناها ذرارينا لعبا، فانظر في عاقبة الأمر، وأجل فكرك، فإنا ثلث رعيتك، وواحدنا يعدل ثلثيها، وتذكر أن قناتنا أعيت من سبقك وهي لك أكثر إعياء ، فلا تدفعنا إلى الكريهة، فقد أززت صدورنا حنقا، وأعلم أن من كنا ناصريه أسلم ممن استعدانا.. وأنا إذا نزلنا بساحة ملك ساء صباحه.. والسلام

----------------

من صحفة الأستاذ احمد ولد اسلم