الأناضول: أثار قرار الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، بتخصيص صندوق مالي للمطلقات، جدلا واسعا في البلاد، بين مرحّب ورافض.. فبينما قرأه الرافضون على أنه حملة دعائية للرئيس المترشّح لولاية رابعة في انتخابات الرئاسة المرتقبة
في 17 أبريل/ نيسان القادم، قائلين إنه سيكون سببا في تفكيك الأسرة الجزائرية، وأن هناك فئات أخرى “أحق” به، باركه المرحّبون وقالوا إنه “أقل ما تستحقه المرأة المطلقة التي ضاع الكثير من حقها”.
ويرجع قرار الرئيس بوتفليقة إلى الثامن من مارس/ آذار الجاري، إثر رسالة للنساء الجزائريات فى يوم المرأة العالمي، قال فيها، وهو يتحدث عن قانون الأسرة “هذا القانون يبقى قابلا للتحسين في بعض الجوانب، مثل الصعوبات التي تواجهها المرأة الطالق الحاضن في تحصيل النفقة الواجبة لإعالة أطفالها”.
ودعا بوتفليقة حكومته لبحث إمكانية إنشاء صندوق للمطلقات الحاضنات للأسر، الذي من شأنه أن يقلل أو يضع حدا لمعاناة آلاف المطلقات فى الجزائر.
وعلى إثر ذلك، صرحت سعاد بن جاب الله، وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة فى الجزائر، لوسائل الإعلام، الأربعاء 26 مارس/ آذار الجاري، بأن مشروع القانون الجديد الخاص بصندوق النساء المطلّقات بات بين أيدي أعضاء لجنة وزارة العدل، وهي تعمل للبت فيه.
ولفتت إلى أنه، بحسب مشروع القانون ذاته، فإن المطلقات سيستفدن من أموال الصندوق حال عدم تسديد أو عجز أزواجهن السابقين عن تسديد النفقة، أو في حال غيابهن، واصفة الصندوث بأنه “سند لتحصين المطلّقات على مواجهة المصاعب مستقبلا”.
والنفقه مبلغ شهري يدفعه الزوج السابق لمطلقته ولأبنائه قبل بلوغهن سن الرشد من أجل إعالتهم. وتحدثت شائعة جعفر، رئيسة لجنة المرأة بالمجلس الوطني للأسرة التابع لوزارة التضامن، لوكالة لأناضول، قائلة إن “قرار الرئيس تخصيص صندوق للمطلّقات الحاضنات لأطفال تقل أعمارهم عن 18 سنة، جاء باقتراح من المجلس الوطني للأسرة وقضايا المرأة”.
وأضافت أن “المجلس أعد مشروعا كاملا عن فكرة الصندوق وقيمة المنحة وكيفية الاستفادة منها”. وذكرت شائعة أن “المجلس اقترح مبلغ مليون سنتيم (100 دولار) عن كل طفل على أن يكون تحت الإشراف المباشر لرئاسة الجمهورية، ويتكون من العديد من القطاعات الوزارية، في مقدمتها وزارات العدل والتضامن والصحة، حيث تشارك كل وزارة ماديا وقانونيا في الصندوق، عن طريق دفع مستحقات مالية، وسّن قوانين وإجراءات تساهم في ضمان حقوق المرأة المطلّقة”.
وعن خلفيات الفكرة أضافت شائعة، أن “رئيس الجمهورية، تلقى تقريرا عن واقع أكثر من 50 ألف مطلّقة تعاني ويلات التشرد والتسول لإطعام أطفالهن، بسبب امتناع أغلب الرجال عن تسديد نفقة الأطفال، وضعف منحة الإيجار التي حددها القانون الجزائري بـ 4000 دينار جزائري (51 دولار) وهي لا تكفي حتى لإيجار بيت بسيط”.
وردّت رئيسة لجنة المرأة بالمجلس الوطني للأسرة، على معارضي القرار قائلة: “لقد تحججوا بأن الصندوق سيغري كثيرات بطلب الطلاق، في أول فرصة خلاف مع الزوج، على اعتبار أن المطلقة لن تخاف من الضياع في وجود منحة معتبرة تحميها هي وأبناءها، لكننا نقول هذا ليس صحيحا بل بالعكس″ وتابعت : “الصندوق سيحمي المرأة من امتهان البغاء في حالة كان الطلاق مصيرها، فنحن نريد أن نحمي المجتمع من الفساد ونوفر حماية للأولاد الذين يجدون أنفسهم بين مخالب الفقر والتشرد والفساد”.
ومن أبرز معارضي الصندوق، الشيخ زراوي عبد الفتاح، مسؤول حزب جبهة الصحوة الحرة السلفية بالجزائر، قيد التأسيس، الذي قال للأناضول “إن الصندوق يدخل في إطار حملة بوتفليقة الانتخابية، وهي لا تبتغي صيانة المرأة وأولادها أكثر من أنها ترى المرأة صوتا في صندوق الانتخابات”، على حد وصفه.
وأضاف زراوي أن “الذين جاؤوا بفكرة الصندوق يريدون حرية مطلقة للمرأة.. يريدونها أن تتمرد على الرجل بالأموال التي تخصصها لها الدولة، إنها خطوة سياسية أكثر منها خطوة اجتماعية”، على حد قوله.
وذكر المتحدث أن التشريع الإسلامي “ضمن للمرأة المطلقة حقوقها سواء من طليقها أو من بيت مال المسلمين، في حال عجز الطليق عن توفير النفقة لزوجته”.
وأضاف “إنهم يزايدون على الشريعة الإسلامية في حين أن الإسلام وفر حلولا لكل المشاكل”. وختم زراوي بالقول “هناك فئات أحق بالمال من المطلقة، منها النساء الماكثات بالبيت لأننا نعتبرهن عاملات أيضا، والأرامل والفقراء والمساكين، وعليه فنحن نقول إنه لابد من توسيع قائمة الفئات التي على الدولة أن ترعاها”.
من جهته قال محمد حديبي، مسؤول الإعلام في حزب حركة النهضة (إسلامي) والبرلماني السابق عن الحزب، “هذا الصندوق جاء لتفكيك الأسرة الجزائرية أكثر فأكثر، نحن نرى أنه دعوة للنساء ليُقبلن على الطلاق، إنه يعمل في إطار أجندة لا تمت بصلة لنا كمسلمين”، على حد تعبيره.
وفصّل حديبي في هذه النقطة قائلا “هناك مشروع غربي تجسد في قانون الأسرة قضى بحق المرأة المطلقة في بيت الزوجية، وعليه فبات من حقها السكن والمال أيضا، ولم يبق للرجل من حق مع هذه التشريعات! كما قضى هذا المشروع بتخصيص منحة للأمهات العازبات (من أنجبن خارج إطار الزواج)، وهذا أمر غريب فعلا، إذ كيف تستفيد هذه الفئة من أموال الدولة في حين تحرم منها فئات أخرى أشرف وأعف!؟” واتفق حديبي، الذي كان يتحدث لـ”الأناضول”، مع زراوي في مسألة توسيع الصندوق إلى فئات أخرى هشة في المجتمع بالقول “كان لابد أن يخصص الصندوق أيضا للأمهات الماكثات في البيوت فهن أيضا عاملات، وللأرامل والعوانس″.
وبرأي حديبي، فإن هذه القرارات تأتي في إطار حملة انتخابية ولأهداف سياسية أيضا، لذلك تكون “عشوائية تعطي الحق لفئات وتحرم منه فئات لا تزال مظلومة ومهمشة”.
وتجرى في الجزائر يوم 17 أبريل/ نيسان القادم خامس انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ البلاد، بست مرشحين، وهم الرئيس المنتهية ولايته، عبد العزيز بوتفليقة، والرئيس الأسبق للحكومة علي بن فليس، ( يرى متتبعون بأنه المنافس الأول لبوتفليقة)، ولويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال اليساري، ( المرأة الوحيدة المرشحة لخوض الاستحقاقات الرئاسية). بالإضافة، إلى رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، ورئيس حزب عهد 54 فوزي رباعين.
(حزبان محسوبان أيضا على المعارضة)، وهناك مرشح آخر وهو رئيس حزب جبهة المستقبل، عبد العزيز بلعيد (وسط).
|