هل يضمن التناصف في انتخابات تونس المساواة بين الجنسين؟
الثلاثاء, 06 مايو 2014 10:05

tunis-women.jpg777 دوتشية فيلة ـ أقر المجلس التأسيسي في تونس قانون الانتخابات الجديد الذي يتضمن أيضاً مبدأ التناصف والتناوب في القوائم الانتخابية بين الجنسين. فهل باتت المرأة التونسية بحاجة إلى كوتا كي تتمكن من خوض الانتخابات ودخول البرلمان؟

 بعد مناقشات طويلة وعسيرة أحياناً، صادق المجلس التأسيسي (البرلمان) في تونس على “القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء”، الذي ستقام على أساسه الانتخابات العامة القادمة. ويتضمن القانون الجديد إجراءات تكرس مبدأ المساواة بين الجنسين، كما نص عليه دستور البلاد الجديد.

وبحسب هذا القانون، يتعين على الأحزاب السياسية تشكيل القوائم الانتخابية على مبدأ التناصف والتناوب بين الجنسين، أي كما حدث في انتخابات المجلس التأسيسي في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2011.

وقد تمت المصادقة على الإجراء الانتخابي بفضل النائبات في المجلس التأسيسي، اللواتي بذلن كل جهدهن حتى تتمكن المرأة التونسية من أن تحظى بفرص متكافئة في الانتخابات. وفي هذا السياق، تؤكد لبنى الجريبي من حزب التكتل ذي التوجه الاجتماعي الليبرالي، موقفها من هذه الإجراءات، إذ تقول: “في البداية كنت متحفظة تجاه هذا الأمر، فأنا أحاول أن أفرض وجودي من خلال عملي ومن خلال كفاءتي”.

لكنها تعترف في الوقت نفسه بأن ذلك ليس بالأمر الهين في مجتمع ذكوري كالمجتمع التونسي، حيث يطغى الطابع الرجولي على السياسة أيضاً.

“ما زلنا بعيدين عن التساوي في الحظوظ” وليست لبنى الجريبي المرأة التونسية الوحيدة الناشطة سياسياً التي غيرت موقفها إزاء مبدأ التناصف والتناوب في القوائم الانتخابية. أميرة اليحياوي، رئيسة منظمة “بوصلة”، وهي منظمة غير حكومية تُعنى بمراقبة عمل البرلمانيين في تونس وتكافح من أجل الشفافية في العمل السياسي والبرلماني، غيرت رأيها أيضاً، إذ تقول: “في الواقع أنا ضد مثل هذه الإجراءات. ففي بلد يضمن مبدأ المساواة في الحظوظ بين الجنسين، ليست هناك أي حاجة لذلك”.

بيد أنها تستطرد قائلة: “لكن الوضع في تونس حتى الوقت الراهن لا يضمن هذا المبدأ”، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن هذا الحل الوسط الذي أقره أعضاء المجلس التأسيسي لا يضمن بدوره مبدأ المساواة في الحظوظ الذي ينص عليه الدستور التونسي. وتوضح اليحياوي ذلك بالنظر إلى كثرة الأحزاب السياسية في تونس عقب الثورة، وبالتالي لا يمكن سوى لنائب واحد عن كل حزب الوصول إلى البرلمان في أغلبية الدوائر الانتخابية، مضيفة أنه عادة ما يكون الاسم الأول على صدارة القائمة الانتخابية لرجل وليس لامرأة. لكن الرجال ليسوا المسؤولين عن ذلك، على ما تقول سلمى بكار، مخرجة سينمائية ونائبة يسارية في المجلس الوطني التأسيسي، إذ تعتبر أنها “أفضل مثال على ذلك”.

وتضيف قائلة: “عندما سألني أعضاء حزبي (في انتخابات 2011) ما إذا كنت أريد أن أتصدر القائمة الانتخابية، أصبت بحالة من الخوف. كنت أخشى ألاّ أكون على قدر الآمال والتطلعات التي علّقت على شخصي”. بيد أن سلمى بكار نجحت في الدخول إلى البرلمان، وهي اليوم رئيسة الجناح البرلماني للتحالف الديمقراطي اليساري.

صعوبات من نوع آخر لكن في أحيان كثيرة، هناك مصاعب أخرى لا علاقة لها بالسياسة تحول دون دخول النساء المعترك السياسي، توضحها أميرة اليحياوي بالقول: “عادة ما يجتمع أعضاء البرلمان بداية من الساعة الثامنة صباحاً حتى المساء وأحياناً إلى منتصف الليل وكذلك خلال عطلة نهاية الأسبوع. بالنسبة لامرأة لديها أطفال، يصبح من الصعب التوفيق بين العمل والأسرة”.

وتضيف أنه من النادر أن يتولى الرجل رعاية الأطفال. أما في المناطق الريفية، فيتم تنظيم الجلسات الحزبية في المقاهي الشعبية، التي تعد بالنسبة للكثير من النساء مكاناً غير مناسب أو لائق بهن. وترى سلمى بكار أنه من المهم جداً أن تحرص حتى الأحزاب المحافظة على أن تمثلها نساء في البرلمان، أولها حزب النهضة الإسلامي، الذي تنتمي إليه أغلبية النائبات في المجلس التأسيسي. وتقول سلمي بكار: “طبعاً المرأة في الجنوب التونسي المحافظ لا ترى أنني أمثّلها. لكن نائبة ترتدي الحجاب يمكنها ذلك”.

وربما لهذا السبب، كانت العديد من السياسيات المحافظات من بين المدافعات عن مبدأ التناصف والتناوب في القوائم الانتخابية. نسبة النساء في الأحزاب أقل من البرلمان ويشار إلى أن نسبة النساء في الأحزاب السياسية التونسية أقل بكثير من نسبتهن داخل البرلمان.

أبرز مثال على ذلك هو الحزب الجمهوري، الحزب الوحيد الذي يقوده رجل وامرأة في الوقت نفسه، إلا أن النساء فيه لا يمثلن سوى الخُمس في اللجان القيادية. لكن عضوة المكتب السياسي للحزب الجمهوري، زينب التركي، البالغة من العمر 32 عاماً، لا ترى في ذلك تمييزاً ضد المرأة، إذ تقول: “لقد أصبحت في مارس/ آذار عام 2011، أي بعد الثورة مباشرة، عضوة في الحزب الذي رحب بكل من يريد الانضمام إليه والنشاط سياسياً”.

تمثل زينب التركي الضواحي الشمالية للعاصمة التونسية، أي تلك التي تسكنها الطبقة الثرية والبرجوازية. بيد أن الأمر يختلف في المناطق الريفية، إذ من الصعب على المرأة في أحيان كثيرة أن تدخل المجال السياسي. لذلك تعتبر التركي أنه “ما لم تكن هناك كوتا، لما كان بإمكان الأحزاب السياسية أن تقول بأنه ليس هناك نساء ينشطن في السياسة”.

فيديو 28 نوفمبر

البحث