أقوى رئيس في العالم عاجز! |
الأحد, 18 مايو 2014 11:08 |
يتحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما عن القيود المفروضة على سلطته سواء في الداخل أو في الخارج، بينما يؤثر الجمود الذي يرافق الانتخابات التشريعية في منتصف ولايته سلبًا على واشنطن ويكاد يقضي على اماله بتحقيق فوز كبير في هذا الاقتراع. وفرضت المواجهات الاولى المتعلقة بالحملة الرئاسية المقبلة في 2016 وشغف وسائل الاعلام المطلق بكل ما يتعلق بالزوجين بيل وهيلاري كلينتون، على أوباما تقاسم الساحة السياسية منذ الآن. وغالبًا ما يتشدد الرؤساء الأميركيون في سياساتهم الخارجية خلال ولايتهم الثانية عندما يشعرون بتراجع سلطتهم في الداخل.
نفوذ مقيد
لكن الخيارات محدودة في الخارج اذ ان نفوذ الولايات المتحدة مقيد في آسيا واوروبا والشرق الاوسط مما يعزز حجة الجمهوريين الذين يتهمون الرئيس بأنه يهدد فقط وأنه يفتقد الى سياسة خارجية متماسكة. وبدأ أوباما يبدي خيبة أمله في المجالس الخاصة.
وقال أوباما امام ديموقراطيين اثرياء من نيويورك "لدي درج مليء بالمشاريع التي نعلم أنها ستنشئ وظائف وستساعد الطبقة الوسطى وتعزز الدخل وتزيد من قدرتنا التنافسية". وتابع "لكننا نواجه حزبًا في الجانب الاخر مصممًا على عقيدة رفض كل شيء".
أوباما مسؤول
الا أن أوباما يتحمل ايضًا قسمًا من المسؤولية عن الوضع الذي وصل اليه. فاطلاق قانون الضمان الصحي الذي كافح من اجله لم يكن بالنجاح المتوقع كما أن نسبة تأييده والتي تنعكس على قدرته على اقناع خصومه تتراجع بحسب استطلاعات الرأي في منتصف ولايته الرئاسية الثانية.
وتواجه ادارة أوباما الان صعوبات لاحتواء فضيحة بعد أن توفي 40 من قدامى المقاتلين بينما كانوا ينتظرون تلقي العلاج في احد المراكز الطبية في فينكس. في المقابل، ينتقد البيت الابيض تحقيقات الجمهوريين اللامتناهية حول مقتل اربعة أميركيين في الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي في 2012 معتبرًا أنه عمل تخريبي منحاز.
وقال أوباما خلال حفل العشاء السنوي لمراسلي البيت الابيض في ايار (مايو) "يا له من شهر اليس كذلك؟". ومع أن كلمته كانت حافلة بالنكات المعتادة في هذه المناسبة الا أن نبرته لم تكن فرحة.
ويقول كبار معاوني أوباما إن الرئيس يجب ألا يحاسب على ما يتمكن من تحقيقه ازاء الكونغرس المعادي له. وربما ذلك افضل لان أوباما لم يصدر حتى الان أي تشريع يعزز إرثه السياسي في ولايته الثانية. وبات شعور الرئيس بتراجع سلطته حادًا خصوصاً وأنه لم يعد امامه سوى عامين ونصف العام في سدة الرئاسة.
وحذر أوباما هذا الاسبوع من أن المجال لتطبيق اصلاح شامل للهجرة بات شهرين أو ثلاثة فقط قبل استطلاعات تشرين الثاني (نوفمبر). وبالقياس الى انجازات الكونغرس فإن هذا الجدول الزمني يعتبر متفائلاً.
عام التحرك
وحتى لا يبدو في موقف الرئيس الذي شارف على انتهاء ولايته، اعلن أوباما العام 2014 "عام التحرك" ويوظف سلطته التنفيذية لمحاربة التغييرات المناخية وتعزيز الطبقة الوسطى واصلاح البنى التحتية في البلاد.
ومع أن المراسيم الرئاسية فعالة الا أنها لا تقارن بما يمكن أن يحققه الكونغرس عندما يكون اعضاؤه متوافقين. ومع توقع تزايد سلطة الجمهوريين في مجلس النواب بعد الانتخابات التشريعية، يبدو أن أوباما لن يجد بعد الآن تأييدًا كافيًا في الكونغرس.
لكن الأمل لم ينقطع بعد بالتوصل هذا العام الى قانون حول النقل يوافق عليه الحزبان، وايضًا حول ضوابط لعمل وكالة الامن القومي بعد تسريبات المستشار السابق ادوراد سنودن.
ولعل من الافضل أن تكون غالبية الكونغرس من الجمهوريين لأن ذلك من شأنه جعله اكثر ميلاً للمصادقة على اتفاق الشراكة بين دول المحيط الهادئ الذي يعتبر محور سياسة أوباما الخارجية في اسيا. واذا امكن اعتبار البيانات الاخيرة بأن 300 الف وظيفة تم انشاؤها في نيسان (ابريل)، بمثابة مؤشر، فإن ادارة أوباما يمكن أن تأمل بصيف اقتصادي دون غيوم.
في الخارج أيضًا!
وفي الخارج، الوضع ليس اسهل بالنسبة الى أوباما. فغالبًا ما كشفت جهوده لتهدئة ازمات الامن القومي عن تأثيره المحدود بدلاً من قدرته على تغيير الاحداث.
فتحذيراته للرئيس السوري بشار الاسد لم تلقَ اذانًا صاغية وسط المعارك في هذا البلد كما أن جهود وزير الخارجية جون كيري لاطلاق عملية السلام في شرق الاوسط باءت بالفشل.
اما دعوة أوباما اوروبا للاتحاد من اجل عزل موسكو بعد أن ضمت القرم الى اراضيها فيمكن اعتبارها في افضل الاحوال دعوة مفتوحة يجري البحث في الاخذ بها، بينما افاق التوصل الى اتفاق نووي مع ايران يمكن أن يشكل مكسبًا كبيرًا فلا تزال تحيط بها شكوك كبيرة.
الا أن الارث الاكبر لادارة أوباما على صعيد السياسة الخارجية يمكن أن يكون تحقيق ما تعهد به في 2008 وهو اخراج القوات الأميركية من العراق ومن افغانستان. ولا يزال امام أوباما وقت لترسيخ سياسته لاعادة تركيز السياسة الأميركية الخارجية في آسيا، وذلك بعد جولة اقليمية ناجحة الى المنطقة في نيسان (ابريل).
تناقض
ويبدو أن أوباما يلاحظ اكثر فاكثر التناقض في موقفه. فقد قال مؤخراً في كاليفورنيا "لديّ هذا اللقب الملفت في الوقت الحالي - رئيس الولايات المتحدة - لكنني عندما اصحو كل يوم وافكر في التلميذات في نيجيريا أو الاطفال العالقين في النزاع في سوريا ... اريد احيانا أن اتدخل لانقاذ هؤلاء الاطفال".
واضاف "اعتقد أن تفكيك هذه القوى المدمرة وانهاكها ممكن خطوة خطوة". وربما تكون هذه العقيدة في السياسة الأميركية نتيجة تجربة مريرة. الا انها تعتبر الحد الادنى بالمقارنة مع ما اشار اليه أوباما عندما كان مرشحًا رئاسيًا في 2008 في برلين بأن "الأمل المستبعد" يمكن أن "يغيّر العالم من جديد".
وهذا التغيير لاحظه خصومه الجمهوريون، فقال السناتور الجمهوري ماركو روبيو الذي يمكن أن يترشح للانتخابات الرئاسية في 2016 "بدلاً من تغيير مجرى الاحداث في العالم غالبًا ما يصدر عنه رد فعل فقط".
الا ان أوباما يدعو الان الى سياسة التكييف التدريجي في الخارج، والتي تقوم على تفادي المآزق العسكرية. وقال أوباما في مانيلا في نيسان (أبريل) الماضي "قد لا تروق هذه السياسة دائماً الا أنها تتفادى الاخطاء"، مشيرًا الى الحرب في العراق كمثال "كارثي". ايلاف |