الإعلام الليبي بعد القذافي … طفرة تهددها انتهاكات الأمن وانقسامات السياسة |
الاثنين, 02 يونيو 2014 01:27 |
رغم الطفرة الإعلامية الكبيرة التي حققها قطاع الصحافة والإعلام في ليبيا عقب ثورة فبراير/شباط 2011 التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، والآمال التي بنيت على تلك الثورة لبناء صحافة حرة ومستقلة تلعب دوراً مؤثرا بالمجتمع، إلا أن هذه الآمال بدأت تتلاشي سريعا من مخيلة الكثيرين مع بروز عديد من التحديات في بيئة العمل الصحفي بالبلاد. فالأوضاع الأمنية الهشة والانقسام السياسي بالبلاد أثرا بشكل رئيسي على أداء الصحفيين لأعمالهم، وزادا من تعرضهم للتضييق والانتهاكات الجسيمة. وتعرّضت مقار العديد من الوسائل الإعلامية الليبية في الفترة الأخيرة للقصف بصواريخ غراد في بنغازي وسرت (شرق) وطرابلس (غرب)، فيما تعرض مراسلون صحفيون لعمليات إطلاق نيران أثناء تغطيتهم لأحداث ميدانية. ويعتبر الصحفي بعدة جرائد محلية، عصام الزبير، أن العمل الصحفي في ليبيا أصبح بحد ذاته “مغامرة بحياتك” بالنظر لعدم وجود أية حماية للصحفيين أو المؤسسات وتزايد المخاطر ضدهم، “بعد حدوث العديد من عمليات الخطف والاغتيال وتعرض مؤسسات للحرق والتدمير، الأمر الذي يجعلنا تحت دائرة التهديد المستمر”. ويعبر الزبير، خلال حديثه لوكالة الأناضول، عن قلقه البالغ من “تراجع مؤشر حرية الصحافة وتوغل أصحاب المصالح فيها، الأمر الذي يهدد مكانة الصحافة الحرة بالمجتمع الليبي”. وتتعدد مصادر الانتهاكات الحقوقية ضد الصحفيين والإعلاميين، غير أن أكثرها يبقى مجهول المصدر والهوية من قبل الجماعات المسلحة متعددة الأيديولوجيات، بالنظر لانتشار السلاح، فيما تعد الانتهاكات التي تمارس من قبل قوات الأمن، منخفضة نوعا. إلا أن الصحفي حسام الطير، بالتلفزيون الليبي الرسمي، يري وجود انتهاكات أخرى تحدث بشكل شبه يومي ضد العاملين بالمهنة، “تتمثل في الضغوطات والتوجيه بالسياسات التحريرية للمؤسسات بالنظر لتوغل المال السياسي بالعمل الإعلامي، وهو ما يبعد العديد من الصحفيين عن نقل الحقيقة بالنظر للقيود التي تفرض عليهم”، معتبراً ذلك “انتهاكا حقوقيا لحرية الصحافة ومكانتها”. ويري الطير خلال حديثه للأناضول ضرورة “تعزيز حرية الصحافة والتعبير، وتدعيمها بالمجتمع الليبي، من خلال حملات أكبر للتعبير بأهمية الصحافة في تنمية وتطوير المجتمع ودعم الاستقرار المجتمعي”. ورغم الطفرة الإعلامية الكبيرة التي تعيشها ليبيا بقطاع الصحافة والإعلام، وظهور العشرات من وسائل الاتصال الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية، إلا أنها بالنظر لضعف التدريب والخبرة، فقد يفتقد العديد منها لمعايير الضبطية المهنية في خطابها الإعلامي. ويقر وكيل وزارة الاعلام لشؤون الصحافة والنشر، العماري حسين، بـ”فشل الوزارة في تنظيم وتأطير العمل الصحفي الإعلامي المنظم الخاضع لضوابط مهنية سليمة بعيداً عن التأثير الحكومي أو المالكين”، معتبراً البلاد “في مرحلة حرجة ولم تكوِّن مؤسساتها بالشكل المطلوب”. ويري حسين خلال حديثه للأناضول “ضرورة تأسيس مؤسسات دولة ذات سيادة، أبرزها وزارتا الداخلية والدفاع، قبل الحديث عن حرية الصحافة وحماية الصحفيين والمؤسسات الإعلامية”، وهم (أي الصحفيون) يدركون أن البلاد تعيش مرحلة انتقالية خطيرة وقد يتعرضون لأي شي بالنظر للتحديات التي نحاول معالجتها. وكان العديد من الصحفيين والإعلاميين قد تعرضوا لعمليات قتل، أو تهديدات بالقتل، فضلاً عن حوادث اختطاف، وتعذيب أو ضرب، أثناء تأديتهم لأعمالهم دون أن تعرف الأسباب الرئيسية لذلك، أو الذين قاموا بالجرائم، وهي عادة ما تسجل ضد مجهول. وقد رصدت وحدة رصد الانتهاكات بـ”المركز الليبي لحرية الصحافة” (غير حكومي) أكثر من 20 حالة اعتداء جسيم خلال شهر مايو/آيار الماضي فقط، طالت صحفيين ومؤسسات إعلامية أو صحفية، وهو ما يظهر عمق الانقسام تجاه العديد من الوسائل أو الصحفيين أنفسهم. ويملك العديد من المستثمرين الليبيين، وسائل إعلام تلفزيونية قوية، تستخدم، كما يرى مراقبون، لتوجيه الرأي العام والتأثير فيه حول قضايا سياسية بعينها، فضلاً عن التوغل الكبير للقوي السياسية والأحزاب التي تملك قنوات تلفزيونية ناطقة باسمها.(الاناضول) |