تونس: العلاقات الجنسية قبل الزواج بين قيم الحداثة ومحرمات التقاليد
الثلاثاء, 25 مارس 2014 01:04

sex-outside-marrige.jpg66دوتشيه فيله: يبدو المجتمع التونسي مجتمعا منفتحا ومتحررا، إلا أن ممارسة الجنس قبل الزواج لا تزال محل جدل داخل بين رافض باسم الدين والتقاليد ومتقبل باسم الحرية والحداثة. وبين الموقفين المتناقضين تسود قطيعة يصعب معها الحوار.

يقول علي الجداوي، شاب الثانية والعشرين ل DW عربية أن الأمر لا يمكن ربطه بالحرام والحلال بقدر ما يمثل ظاهرة ممنوعة بفعل تقاليد مجتمع بأسره. فالمجتمع التونسي أغلبه يعتبر ممارسة الجنس قبل الزواج عيبا، وحتى من يمارسه فهو يفعل ذلك في الخفاء، وهو ما يدل على عدم تسليمه التام بأن هذا الأمر عادي. ويضيف علي أنه شخصيا، يرفض هذا الأمر و يهتم بتداعياته أكثر من مدى قبول المجتمع له، فأن تضطر الفتاة التي مارست الجنس قبل الزواج إلى أن تواجه مصيرها كأم عازبة هنا يكمن الإشكال في اعتقاده.

زينة تخالف علي الرأي حيث تعتقد أن ممارسة الجنس قبل الزواج حرية شخصية كحرية اللباس والدين وأن القانون التونسي ليس صارما في هذا الشأن مما زاد من انتشار الظاهرة في المجتمع وتقبل العديد من أفراده للأمر بشكل عادي.

وتوضح زينة أن العديد من الشباب يقطنون في شقق خاصة رفقة صديقاتهم ولم يعد الأمر مخجلا رغم أن هذه القضية تبقى محل تحفظ من قبل مجتمع عربي ومسلم.

أنيس الطرابلسي، طالب في الخامسة والعشرين من عمره، يرفض أن يتم الاستخفاف بأهمية الظاهرة ووقعها على الشباب حيث يؤكد ل DW عربية أنه “من المشين أن يتقبل أب عربي ومسلم أن تمارس ابنته الجنس قبل الزواج خاصة و أن مسألة العذرية أمر لا جدال فيه في المجتمع التونسي”.

ويضيف بأن الدولة ساهمت بشكل كبير في انتشارها حيث فتحت مواخير مقننة لفتيات متاحات بسعر بخس بالإضافة إلى غياب قوانين تجرم هذا الأمر، بالإضافة إلى “انتشار الجمعيات الداعمة للأمهات العازبات” كما يشير أنيس أنه يؤمن بأن الرجل الذي يحب بصدق يرفض هذه العلاقة خارج إطار الزواج.

انفصام المجتمع

الطالب علي الجداوي: تقاليد المجتمع التونسي تمنع الجنس خارج الزواج يقول الباحث في علم الاجتماع، طارق بلحاج أنه على الرغم من مظهر التونسيين و نمط حياتهم الذي يبدو مدنيا ومتحضرا ومتحررا، فإنه في الحقيقة مجتمع يحكمه موروث ثقافي يحدد موقفهم إزاء مسألة الجنس قبل الزواج.

ويشير خبير علم الاجتماع إلى أنه بقدر ما يكون التونسي متسامحا مع نفسه ومع الآخر في القيام بعلاقات حرة وخارج إطار الزواج، فإنه بنفس القدر متشدد فيما يتعلق بمسألة العذرية كشرط للزواج وهذا فصام نفسي وثقافي واجتماعي يعيشه المجتمع التونسي الذي يتسامح من جهة مع العلاقات الحرة للفرد والمجموعة ولا يتسامح إذا شمل الأمر زوجته أو ابنته أو أحد أفراد عائلته.

يؤكد طارق بلحاج ل DW عربية أنه و على الرغم من المؤشرات الاجتماعية الرافضة لممارسة الجنس قبل الزواج فإن عمليات رتق العذرية في تنامي خاصة وأن “المرأة التونسية المقبلة على الزواج تنظر إلى البكارة حتى وإن كانت مصطنعة على أنها شهادة صلاحية ومطابقة لمعايير الجودة تجعل حظوظها وافرة في سوق الزواج الذي يعتبر فيه الرجل عذرية المرأة مؤشرا على عفتها وشرفها وشهادة على حسن سيرتها وسلوكها قبل الزواج وهو ما يفسر أن المقبلات على هذه العملية عادة ما تتراوح أعمارهن بين 20 و40 سنة”.

تشير دراسة أجراها ديوان الأسرة والعمران البشري إلى أن فتاتين من أصل عشرة ليست ضد فكرة إقامة علاقة جنسية قبل الزواج مقابل أربعة ذكور من أصل عشرة يوافقونهن الرأي وهو ما يعكس انتشار الظاهرة.

ومع التحرر الجنسي الذي يعيشه المجتمع التونسي فإنه يمكن الحديث عن نسب أهم من الّتي رصدت منذ سنتين مع ارتفاع نسب عمليات رتق العذرية.

الباحث في علم الاجتماع طارق بلحاج: هناك انفصام نفسي وثقافي في المجتمع التونسي.

 

الثقافة الجنسية هي الحل!

يقول الدكتور هشام الشريف، مختص في علم الجنس و موفق أسري لDW عربية إن هذا الموضوع يعتبر من المحظورات أو التابوهات الأكثر انتشارا في المجتمع التونسي، فكل الدراسات في هذا الشأن لم تنجز على عينات تمثيلية وطنية، لأن السلطة حسب اعتقاده ستنزعج من الأرقام في هذا المجال، ولن تسمح بإجراء بحث وطني على عينة وطنية تمثيلية، مخافة القول إن العلاقات الجنسية غير الزوجية تمثل نسبة كبيرة.

ويضيف الدكتور هشام الشريف أن العلاقات الجنسية غير الزوجية منتشرة وتشكل أحد جوانب “الانفلات الجنسي الذي يعيشه، ومن هنا لا بد من المجتمع التونسي والشرقي بصفة عامة أن يعي بأهمية الثقافة والتربية الجنسية للشباب، للمقبلين على الزواج وحتى للمتزوجين”.

ويشير المختص في علم الجنس أن ما ينبغي معرفته حول مفعول التربية الجنسية هو أن كل الدراسات تبين أنها تدفع الشباب إلى تأخير بداية نشاطهم الجنسي، وأنها على عكس الأفلام الإباحية لا تعمل على إثارة الشباب جنسيا.

فهي تعلم الشباب تجنب خطري المرض والحمل (غير المرغوب فيه) كما تسعى إلى إفراز فرد سليم جنسيا في مجتمع سليم جنسيا.

و يفسر الدكتور هشام أنه لا مجال للربط بين الحرية الجنسية وبين الأمراض الاجتماعية (مثل الدعارة) أو الأمراض المنقولة جنسيا حيث أن هذه الظواهر السلبية لا يمكن أن تحجب الترابط الرائع بين التربية الجنسية وانخفاض نسبة الأمراض المنقولة جنسيا وانخفاض نسبة الحمل غير المرغوب فيه.

أما في المجتمعات التي لا تزال ترفض التربية الجنسية وتسجن الجنس في الزواج وفي الغيرية، هناك عمل جنسي كثيف، هناك نسب أعلى من الأمراض المنقولة جنسيا ومن الحمل الغير المرغوب فيه. و يدعو الدكتور هشام الشريف عبر DW عربية إلى الاعتراف بحق التونسي في تربية وثقافة جنسية سليمة بعيدا عن الأفكار النمطية والتي تعتبر أن التربية الجنسية منافية للأخلاق بشكل مطلق. ويؤكد أنها تحمل أخلاقا خاصة، مغايرة، جديدة، تقطع بشكل جذري مع السلطوية الذكورية.