"النجاح" أم التوسع العشوائي؟ | 28 نوفمبر

إعلان

"النجاح" أم التوسع العشوائي؟

أربعاء, 04/20/2016 - 23:38

منذ سنوات تخوض شركة "النجاح" التابعة لمجموعة "الصحراوي" رجل الأعمال الشهير  في علاقة مثيرة مع النظام القائم، في سياق الأعمال والمشاريع الكبرى، حيث لم يتوفر مشروع المطار العملاق على النمط التقليدي في المقاولة، فلجأت الدولة إلى منح "النجاح" أراضي واسعة في منطقة "صكوك"، وبمليارات الأوقية، والأكثر إثارة للجدل حاضرا ومستقبلا منح مطار دولة "المطار القديم" لشخص باسم شركة مقربة لـ"سبب" ما.

فتحويل مطار موريتانيا لشركة خصوصية "النجاح"، مقزز ومثير للشفقة.

وقد وصلت أيدي أصحاب "النجاح" ومجموعة "الصحراوي" في الحيز الأوسع إلى قرض مالي كبير أضعف ربما مخصصات "سنيم"، 50 مليون دولار، إلى جانب آلاف القطع الأرضية والتسهيلات السرية والعلنية المتواصلة.

فهل ترى الأمر تشجيعا طبيعيا مطلوبا في نظر البعض ومناسبا لدعم القطاع الخاص المحلي، أم الأمر داخل في سياق وساطات إقطاعية ذات طابع "روحي" أحيانا، تمنح في المجال الزائد شركة "النجاح" أكثر مما تستحق، حتى وصل الأمر إلى حيازة المطار القديم، الذي يرمز بوضوح للسيادة وانتهاكها بالمجان.

تحاول "النجاح" تحقيق ما عجز عنه "أهل قده" وبقية مافيا القطاع الخاص العزيزي.

ويطالب البعض بصراحة بإعادة النظر في شبكة العلاقات المافوية هذه، وخصوصا صفقة المطار الجديد، التي اعترض البنك الدولي على بعض جوانبها، لعدم توفير شروط الصفقات اللائقة في صفقة المطار الجديد، كما أثار منح المطار القديم جدلا واسعا وإن لم يظهر بعضه حتى الآن.

قد لا يهم بعض الوافدين إلا الربح بالدرجة الأولى، وفي المقابل يحرم بعض رجال الأعمال لأكفاء الأصلاء، مهما قيل عنهم، ويجوع الشعب بحجة واحدة، إقامة مطار أم التونسي بمقياس دولي، ورغم الشعار الخادع الجذاب، مطار جميل بمقياس دولي، ظلت "النجاح" إلى الآن عاجزة عن تدشين رسمي للمطار الجديد، رغم استحواذها على المطار القديم، والبدء على نطاق واسع في بيع قطعه بأعلى الأثمان، بعد أن "أثروا" من "صكوك" وتوسعوا بشوارعهم المعبدة شمالا نحو المجهول.

أية مسرحية هذه، طبعا بإذن الله لن تمر بسلام، فعامل الوقت يكفي للمراجعة الجذرية لتصرفات المافيا العشوائية.

تنمية وشراكة نظيفة إيجابية، أم توسع عشوائي واقتناص لحظة "السيبة" ووساطات أصحاب النفوذ المطلق.

 

إن بعض رجال أعمالنا لا يستحون، فعندما تواتيهم  الفرصة يأتون على الأخضر واليابس ولا يلتفتون.

إن مساءلة شركة "النجاح" ضرورية، إن ثبتت هذه المعطيات الراجحة عندي، لأن كل هذا التوسع باسم مشروع واحد لم ينجز تماما غير مفهوم، كما أن الدولة إذا كانت عاجزة عن إقامة مطار واحد، قد لا يحق في مثل هذه الظروف غير المستقرة وغير الشرعية في نظر البعض منح رجل أعمال واحد أكثر من كلفة المطار المزعوم.

لقد نهبت خيرات كثيرة، وخصوصا من مناطق نواكشوط الترابية الحساسة، والتاريخية أحيانا "أرضية مطار نواكشوط القديم"، مقر "آسكنا"، وسكن آسكنا المقابل له"، كل هذا ضمن امتطاء صلات مشبوهة الخلفية، ولا تخلو من التمييز الفاحش، وبحجة أحيانا وجود جهات متوسطة نافذة لا يرد لها مطلب، وضمن أيضا ظروف غامضة عموما، وقد يكون من بينها استفادة رأس النظام من ما يجري من سيولة في اليمين وفي اليسار، باسم شركة "النجاح" المافيوية في نظر البعض، وهذا لا ينبغي مطلقا في دولة تدعي النظم والقوانين في صفقاتها وتصرفاتها، ومهما كانت المسوغات والتحججات، لقد طغى الطمع على الحرمات والحقوق والمبادئ العامة، للأسف البالغ.

فإلى متى هذا الزيغ والطيش في منح الصفقات والتسهيلات، الملغومة بالسمسرة والصلات المتنوعة "المقرفة" بصراحة، وفي الوقت الذي تتحصل فيه المافيا من مختلف درجاتها على الغناء الفاحش السريع المفبرك السهل، يحرم رجال الأعمال الوطنيون مهما قيل عنهم، كما يحرم الشعب برمته من خيرات وطنه السائب المغدور بحق وجلاء وصفاقة ودون حياء.

وقد يأتي اليوم بإذن الله، الذي تكشف فيه حقيقة "النجاح" هذه، هل هي نجاح جاد سليم، أم "النجاح" على الطريقة الموريتانية المافيوية التقليدية المعتادة في أغلب الأنظمة المتعاقبة.

يا هؤلاء استحوا ولو قليلا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

لقد حان وقت فحص ملف المطار الجديد ومهزلة منح المطار القديم السيادي الرمزي التاريخي، وما سوى من ذلك من التلاعب بالشأن العمومي، وخصوصا في شقه المصرفي والمقاولاتي وغيره من الجوانب الاقتصادية.

لقد تحرك محي الدين ولد أحمد سالك ولد ابوه وبعض إخوته في لحظة ضعف ومافيوية مفرطة، فأخذوا على رأي البعض ما لا يستحقون، مقابل ما تأخر إنجازه وتسليمه حتى الآن.

فمتى نحصل على مطار جيد دون ابتزاز صارخ مؤلم، مهلك لكل شيء تقريبا

عبد الفتاح ولد اعبيدن المدير الناشر ورئيس تحرير صحيفة "الأقصى"