البارحة شرفني الدكتور الشيخ ولد دومان بالدعوة لحضور ندوة ضيفها الدكتور بدي ولد بنو منظمة من طرف نادي التيار التقدمي، إنه بتعبير إيديولوجي "تيار خبيث تيار يساري في زمن التكفير"، الدكتور الشيخ ولد دومان شاب أنيق جداً متواضع حد الزهد رغم جموح مداخلته لإنصاف المظلومين واصلاح منظوماتنا المعقدة وفق قواعد العلم الحديث والعلم الحديث فقط، إلا أن مسحة أرستقراطية الركن الشمالي من العاصمة المتحكم أهله بادية علي جسمه النحيل.
بقية الشباب المتحمس بهدوء لقيم الحداثة حد التضحية، والريان من فكرها حتى الثمالة، كانت مظاهرهم الانيقة جداً تجعل الناظر إليهم يدرك دون عناء كم عبثت بهم ثقافة ما بعد سقوط حائط برلين، حتى سرقت الكثير من سمرتهم، كالعادة تأخير موعد السمر، والسبب ليس الشباب اليساري ، وإنما المحاضر القادم من خلف الغيوم، بتواضع الأكادميين الغربيين قلب الدكتور بدي ولد بنو القاعدة، فقد آثر وأصر أن يكون أخر المتكلمين، طالبا أن يسبقه الكل لأن اطلاعه على تجاذبات البلد محدود، تناول الدكتور الفذ المميز الحسين ولد مدو صاحب التحاليل الواقعية العميقة التي يأخذك اسلوبها ودقة تصوفيها إلى واقعيةٍوفهم لأزمات هذا البلد العصية على الفهم، بعده تعاور شباب ناضج ثائر في هدوء على المكروفون فأبدع الكل وحدد واستشرف، ثم جاء دور المبدع محول المعادلات الرياضية إلى ابداعات شعرية، أجزل واوجز، ضغط بلغة أخاذت على كل الجروح ، ونقب في كل الصروح عن مكمن الداء، واكتملت الفرحة والحلقة عند ما انضم إلى الكوكبة النجم المضيء في سماء ثقافة بلد جافٍ الدكتور محمدٌ ولد احظانا بملاحظتين عميقتين لخصتا المأساة واستشرفتا مألات أحداث البلد.
ظل المثقف المارد الهادئ رياض ولد احمد الهادي جالسا في صمته الصوفي، متأملا الجمع، وما إن انفض حتى تعانقنا كثيراً فقد افتقده ردحا بعد ما عاشرته زمانا، كان ولد المامون وحده الذي يتحدى الطغاة على صفحات جريدة القلم دون أن يتمكن أي مسترق للسمع أن يعرف من هو.
-------------
من صفحة الأستاذ سيدي محمد ولد جعفر على الفيس بوك