الجزائر بلد الجهاد والمقامة ضد المستعمر الفرنسي إبان هجمته الشرسة على المنطقة والعالم، في مطلع القرن التاسع عشر، وعنوان الممانعة ضد الامبريالية والغطرسة والهيمنة التي تقودها قوى الاستكبار والاستعمار في ثوبه الجديد.. الجزائر التي علمتنا كشعوب عربية وإسلامية معنى التضحية والفداء من أجل نيل الحرية والاستقلال.. عندما قدمت مليون ونصف مليون شهيد ثمنا لاستقلالها عن فرنسا، بل وكانت تلك الثورة المجيدة التي انطلقت في الأول من نوفمبر 1954، ملهمة لشعوب عديدة تعلمت منها أساليب النضال ضد الاستعمار ومعاني الحرية والكرامة وعزة النفس ورفض الهيمنة والركون إلى الذل، من أجل سيادة الأوطان واستقلالية القرار..
الجزائر وهي اليوم تحيي ذكرى ذلك الحدث التاريخي الذكرى الثانية والستون لاندلاع الثورة ضد المستعمر برهنت أنها تمثل شعبا كريما أصيلا قادرا على قهر التحديات المعاصرة، وكسب رهانات التنمية وتحقيق الرفاه والعيش الكريم للأمة، والأهم من ذلك ريادة الأمن والسلام في منطقة تعج بالتحديات الأمنية جعلت هذا البلد ينظر إليه كجزيرة آمن ورخاء وطمأنينة وسط بحر متلاطم الأمواج من القلاقل والتهديدات الأمنية تعصف بالمنطقة منذ أحداث ما يعرف بالربيع العربي، الذي كان للجزائر أسلوبها الخاص والفريد للتعاطي مع نيرانه الملتهبة، وكل ذلك بفضل حنكة وخبرة رجالات الجزائر الذين أمّنوا البلاد من هذا الخطر الداهم. مثلما نجح الآباء والأجداد أبطال ثورة التحرير في طرد المستعمر وتحقيق كرامة الشعب والأمة الجزائرية على أرضه..
الجزائر هذه الأمة التي كانت المآزر والسند القوي للمظلومين والمضطهدين في كل مكان، ولا غرو إن كان لها شرف القيام بهذا الدور انطلاقا من مبادئها وانسجامها مع أهداف ثورة نوفمبر، وتجسيدا لمعاني هذه الثورة التي حررت الإنسان الجزائري وساهمت في صياغة تفكيره نحو تبني القضايا العادلة وأولها القضية الفلسطينية التي كانت الجزائر وستظل دائما لها وفية لها ومناصرة لهذا الشعب ومقاومته الباسلة ضد المحتل الصهيوني، لتكون هذه الثورة الجزائرية المجيدة نبراس يضيء درب المقاومين الفلسطينيين، ودرسا يتعلم منه معنى الفداء والتضحية وقيمة أن يدفع شعب ثمنا غاليا لحريته واستقلاله..
إنها تهنئة مستحقة للجزائر في الذكرى الثانية والستون لثورة نوفمبر المجيدة نيابة عن كل مواطن موريتاني بل وكل عربي يرى في هذا البلد الجزائر - أرض الشموخ والإباء والعزة -عمقا وسندا قويا لموريتانيا والأمة العربية في وجه التحديات المعاصرة وأمام هذا التكالب من طرف قوى الاستعمار والإرهاب ضد أمن بلداننا وشعوبنا ، وأملنا ورجاؤنا –دائما- أن تظل الجزائر قوية ومزدهرة وآمنة بفضل وعي أبنائها الوطنيين أبناء وأحفاد جيل ثورتها المجيدة ضد المستعمر الفرنسي..
الطالب ولد إبراهيم – صحفي موريتاني