العلاقات الدبلوماسية المتميزة بين موريتانيا والشقيقة الجزائر، والإرادة السياسية العليا في كلا البلدين للدفع بها إلى آفاق أرحب، تشكلان أساسا قويا وقاعدة صلبة للتعاون الاقتصادي والتنموي بين بلدين وشعبين ظلا دوما مثالا للتآخي والتعاون بين الأقطار المغاربية بل والبلدان العربية والإفريقية عموما نتيجة القواسم المشتركة العديدة التي تجمعها..
كانت الجزائر في طليعة البلدان التي ساندت جهود التنمية الاقتصادية في موريتانيا، منذ المراحل الأولى لتأسيس الدولة الموريتانية، تجلى ذلك أكثر في دعم التنمية البشرية من خلال أجيال متعاقبة من خريجي الجامعات والمعاهد المتخصصة من أبناء موريتانيا الذين احتضنتهم الجزائر وشعبها بصدر رحب ووفرت لهم سبل الدراسة والتدريب إكراما لبلدهم موريتانيا وحرصا على المساهمة في تنميتها من خلال هذه الأفواج من حملة الشهادات العليا في وقت يحتاج فيه البلد لمثل هؤلاء الخريجين لرفع التحديات المرتبطة بنقص الكادر البشري الذي يحمل على عاتقه المسؤولية الكبرى في بناء الدولة ورفع التحديات التنموية.
كان للخريجين من الجامعات الجزائرية من الموريتانيين دور بارز في شتى مجالات التكوين الجامعي والمهني، لذلك كانوا الأكثر اندماجا في دورة الإنتاج والعطاء، وهو ما يعكس جانبا كبيرا من الدور الذي لعبته الجزائر ولازلت تلعبه لدعم ازدهار وتطور الشقيقة موريتانيا في وجه العديد من التحديات التنموية.
مواكبة الجزائر لجهود التنمية في موريتانيا لم تتجلى فحسب في الجانب المتعلق بمجال تكوين الخبراء وتخريج حملة الشهادات العليا، بل كان للتعاون الثنائي في العديد من القطاعات الاقتصادية دوره في توطيد وتعزيز التعاون التنموي بين البلدين والدفع به إلى آفاق أرحب، وهو ما أسست له مذكرات وابروتوكلات التعاون التي وقعتها اللجان العليا المشتركة للتعاون بينهما خلال لقاءات متعددة بينهما في كل من الجزائر ونواكشوط.. تعاون وتكامل طال قطاعات الصيد البحري والتجارة الثنائية، والبترول والغاز، وغير ذلك من القطاعات التي تشكل عصب التنمية الاقتصادية للبلدين.
دخول الشركة الجزائرية " كوندور"الرائدة في صناعة المنتجات الإلكترونية والكهروـ منزلية والوسائط المتعددة، إلى السوق الموريتانية، كان باكورة هذه التعاون الاقتصادي بين البلدين وتتويجا لمسار وعهد جديد للتعاون يطال هذه المرة المجال التقني خصوصا في ظل حاجة السوق الموريتاني لمثل هذه الخدمات في ظل الاعتماد الكبير على استيرادها الآلات والمعدات المنزلية من الخارج وفي ظل حاجة الشباب الموريتاني للتدريب والتكوين في هذه المجالات التقنية الحيوية.
ولا شك أن سمعة الشركة على المستويات الإقليمية والعالمية، تجعل من اختيارها لموريتانيا منطلقا لعروض البيع ومكان لتحسين خبرات الشباب في هذه المجال، يعد مكسبا لاقتصاد موريتانيا ودليلا إضافيا على الإرادة والنية الحسنة لدى الأشقاء الجزائريين في طرق جميع أبواب تدعيم وتعزيز الشراكة الاقتصادية مع موريتانيا. خصوصا أن ذلك يترافق مع تعهدات حول قرب انخراط عملاق البترول الجزائري "نافتاك" في نشاط جديد على الأرض الموريتانية. ناهيك عن مشروع الربط الطرقي بين الجانبين الذي يعتبر هو الآخر أهم مشاريع التكامل الاقتصادي الكبرى الذي يحظى بالاهتمام الكبير والعناية من طرف سلطات البلدين.
آفاق التعاون الاقتصادي والتنموي بين البلدين تبقى دائما مبشرة، وتعد بفتح آفاق أرحب للتعاون وإيجاد فرص مستقبلية أكثر للتكامل والاقتصادي والتنموي المشتركة، مدفوعة بإرادة سياسية عليا في البلدين في طرق مختلف المجالات التي من شأنها تخلق قيمة إضافية تساهم في تطوير أداء المنظومة الاقتصادية لكلا البلدين، وقدرة الاقتصاد الموريتاني على توفير المزيد من الفرص البكر للاستثمار، بوصفه اقتصادا يعتمد على مقدرات ومواد أولية متنوعة من الزراعة إلى الصيد فالتنمية الحيوانية والمعادن، وأخيرا مجال التنقيب على النفط والغاز وكلها مجالات سيكون الاقتصاد الموريتاني بحاجة فيها إلى تكامل وتعاون مع الشقيقة الجزائر، بما تتوفر عليه من إمكانات وخبرات رائدة في المنطقة شبه الإقليم.
الطالب ولد إبراهيم ـ صحفي اقتصادي موريتاني