هل تلجأ تونس لـ “تعويم” الدينار ؟! | 28 نوفمبر

هل تلجأ تونس لـ “تعويم” الدينار ؟!

اثنين, 24/04/2017 - 00:39

حذر خبراء اقتصاديون، من توجه الحكومة التونسية لـ “تعويم” الدينار، في ظل مؤشرات اقتصادية “متدنية” ، ومع مخاوف تخيم على الشارع التونسي، من تداعيات التعويم التي يشمل تأثيرها الجميع ، خاصة على الأسعار، ومستوى “الحياة المعيشية” .. واستشهد الخبراء بـ «الحالة المصرية» عقب تعويم الجنيه المصري، وانفلات الأسعار بشكل جنوني في السوق المصرية، مما يؤكد أن المواطن التونسي أمامه « فترة قادمة صعبة».

المخاوف أثيرت مؤخرا، مع انهيار قيمة الدينار، والاعلان عن توجه البنك المركزي التونسي،  للتراجع عن آلية دعم وتعديل الدينار التي تتم عادة بضخ سيولة من العملة الصعبة لدى البنوك والتوجه نحو فرضية ما يعرف بـ«التعويم »، وبالتالي تراجع سعر صرف الدينار مقارنة باليورو وبالدولار وما سيتبع ذلك من ارتدادات على المؤسسات وعلى ميزانية الدولة من حيث ارتفاع تكاليف الواردات التي تعتمد تونس عليها كثيرا في اقتصادها ( واردات السلع والتجهيزات والمواد الاولية) بحسب تقرير اقتصادي لصحيفة الشروق التونسية.

وهو ما حذر منه الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ،بأن ّ تراجع قيمة الدينار ستكون له تداعيات سلبية جدا على الاستثمار والقدرة التنافسية للمؤسسات والتضخم وعجز الميزان التجاري. وسيكون كل ذلك متبوعا بارتفاع ملحوظ في أسعار مختلف المواد على السوق المحلية بما في ذلك المواد المدعومة.

 

وقال الخبير الاقتصادي التونسي،  محمد صالح الجنادي ، للصحيفة، إن  الشركات التي سترتفع تكاليف الانتاج لديها (بحكم ارتفاع أسعار المواد الأولية التي تستوردها من الخارج بالعملة الصعبة) ستضطر لرفع أسعار السلع،  وسيكون المواطن التونسي بالتالي أكبر متضرر من ذلك. والدولة ستضطر أيضا لرفع أسعار المواد المدعومة، للتقليص من نفقات الدعم في ظل ارتفاع تكاليف  استيرادها (مثلا الحبوب والمحروقات والزيت النباتي)

وتأتي أزمة الدينار التونسي لتزيد من «متاعب» حكومة يوسف الشاهد،  خاصة وأن تونس تشهد تحركات احتجاجية مختلفة للمطالبة بالتنمية والتشغيل، والتقليص من البطالة والفقر، وفي  ظل حالة تذمر عامة من غلاء الأسعار التي أصبحت لا تطاق، فضلا عن انكماش الاستثمار وما تبعه من تقلص للتشغيل في القطاع الخاص، بالتزامن مع اضطرار الدولة لوقف “التوظيف” استجابة لاملاءات صندوق النقد الدولي.

 

ويطالب الخبير الاقتصادي، بضرورة عدم التوجه الى التعويم الكلّي كما حصل في مصر وجعله تدريجيا لتفادي الاضرار الكامل ودفعة واحدة بالاقتصاد وبالمقدرة الشرائية للمواطن، على أمل أن ينهض الاقتصاد مجددا وتعود للدينار قيمته، مع خطة حكومية للنهوض بالاقتصاد وخاصة بالقطاعات المُنتجة للعملة الصعبة، وهي أساسا الصادرات، وتقليص القيود والتعقيدات الادارية أمام المؤسسات الراغبة في التصدير في كل المجالات بما في ذلك المجال الزراعي والسياحةن والرفع من طاقة قطاع الفسفات ومشتقاته من المواد الكيمياوية ( لتكثيف تصديره) والضرب بقوة على أيادي كل من يحاول العبث بهذه القطاعات بما في ذلك الاعتصامات والاضرابات، وترشيد الواردات سواء الرسمية أو العشوائية، وأن تكون لرئيس الحكومة الجراة والشجاعة اللازمة لذلك.

ومن جانبه، قال الخبير المالي والاقتصادي والوزير السابق، محسن حسن،إن وضع الدينار التونسي يعكس وضعية الاقتصاد التونسي وهشاشته، حيث لم يتجاوز معدل النمو المسجل خلال الخمس سنوات الماضـية 1.6 %بالإضافـــــة إلي ارتفاع نسبة الاقتصاد الموازي إلي أكثر من 50 % وتردي ثوابت الاقتصاد الوطني من حيث ارتفاع العجز في ميزانية الدولة الي حدود 5 %سنة 2016 نتيجة إلي زيادة كتلة الأجـــور (16.7 %) ونفقات التصرف (9.7 %)في حين لم ترتفع الموارد الجبائية الا بـ 0.5 %في نفس الفترة، وارتفاع العجز في الميزان التجاري إلي مستويات غير مسبوقة، كما أن المخزون من العملة الصعبة يعادل فقط 104 أيام توريدا نتيجة لتراجع مواردنا من العملة الصعبة (عائدات القطاع السياحي والاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحويلات أبناء تونس في الخارج)، وتوزيع أرباح الشركات الغير مقيمة مما سيؤدي الى ارتفاع الطلب علي العملة الصعبة مع تراجع تدخل البنك المركزي في سوق الصرف من خلال ضخ السيولة لتعديل السوق وتقليص الضغط على الدينار بعد طلب صندوق النقد الدولي تحديد تدخله في حدود 150 مليون دولار.

 

وموقف الحكومة التونسية، غير واضح، ويبدو مرتبكا، وكشفت مصادر رسمية، أن تراجع تدخل البنك المركزي في دعم وتعديل الدينار لن يكون دفعة واحدة بل تدريجيا.. و أعلن رئيس الحكومة، يوسف الشاهد،  أمس،  أنّ الحكومة بصدد دراسة ملف الواردات والحد من الواردات العشوائية عبر القضاء على مسالك التوزيع العشوائية والاقتصاد الموازي لمجابهة الهبوط الحاد للدينار، فضلا عن الحدّ من غلاء أسعار المواد الغذائية حتى لا تتاثر المقدرة الشرائية للمواطن، وسيتم الأسبوع القادم عقد مجلس وزاري، لمناقشة هذا الموضوع .. مشيرا إلى أن الوضع الاقتصادي التونسي يعتبر صعبا ولكن بالامكان تجاوزه خاصة مع وجود الارادة القوية لذلك.