لا أحد منا يولد إرهابيا |
الثلاثاء, 22 أبريل 2014 16:56 |
أدت هجمات 11 إيلول/سبتمبر 2001 التي تسببت بموت وجرح الآلاف من الأبرياء لوضع فكرة المصدر الحقيقي للإرهاب على رأس أجندة الدول. وأي شخص يفهم ويعترف بالروح الحقيقية للإسلام يعرف أن هذا النوع من التطرف الجنوني لا مكان له في العقيدة الإسلامية، فهذه الأفعال محرمة كما هو واضح في كلام الله الموحى للنبي صلى الله عليه وسلم. فكما يقول القرآن الكريم فمجرد قتل إنسان بريء يعني عند الله قتل البشرية جمعاء، ‘فكأنما قتل الناس جميعا’ (المائدة:32). وورد في القرآن ‘إن الله لا يحب المفسدين’ (القصص:77). ويتحدث القرآن أيضا عن مجموعة من 9 أشخاص يفسدون ولا يصلحون ‘وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون…’ (النمل:48-50). وعليه فكون بعض الناس يقومون بأفعال باسم الله وحتى يقسمون باسمه كما فعل التسعة في سورة النمل، لا يعني أن ما يرتكبوه يتطابق مع الإسلام. فقد يستخدمون لغة لطيفة للظهور بمظهر الملتزم بالدين، ولكن وجود منافقين يرتكبون الأفعال الشريرة لا يرضاها الله، أمر نص عليه القرآن الكريم. وبناء عليه يجب أن لا ينخدع أحد منا بالإرهابيين الذين يريدون استغلال المبادىء أو الرموز الدينية. وهذا لا يعني بالطبع أن الإرهاب حالة مرتبطة فقط بالعالم الإسلامي، فالعنف الإرهابي موجود في الأديان الأخرى وحتى بين الجماعات الملحدة. فمصطلح ‘عصر الإرهاب’ ظهر في الثورة الفرنسية وصاغته جماعة متطرقة معادية للدين وهم الجاكوبيون-. وقد تم استخدام الإرهاب كأيديولوجية من قبل الثوريين اليساريين منذ ذلك الوقت وكذا الحركات الأخرى التي شوهت الأديان الأخرى. ولا يهم هنا ما يحاول هؤلاء تبريره بناء على عقيدتهم أو أهدافهم الأيديولوجية او مثلهم القومية فإنهم جميعا تعرضوا لتدريب منظم حولهم إلى قتلة. فوصول إنسان لمرحلة يكون فيها قادرا على قتل إنسان اخر ليس بالأمر الهين. إلا إذا كنت تتحدث عن عقل مريض عندما يرى شخص أن استهداف أشخاص أبرياء او قتل امرأة وأطفال يعتبر نوعا من الإنتصار، وعندها لن يكون بإمكان الشخص الإدعاء بأن لديه اي ضمير أو يخشى من الله. ومع ذلك ف، وحتى تصبح كذلك فيجب أن تتلقى تعليما خاصا وشيطانيا. فقبل تقديم السلاح للشبان يلقن هؤلاء بأفكار خاطئة تحولهم لقتلة. تماما كما يمكن تحويلهم إلى أشرار عبر تعليم خاطىء، عقيدة ومعرفة. ويمكن أن يكون العكس تماما لو تعلموا الإيمان والمعرفة الصحيحة، فيمكننا تدمير أفكار الأشخاص الذين يلقنون الآخرين بالمبادىء الكاذبة التي تحولهم لإرهابيين وتجعلهم قتلة ولكن من خلال التعليم الصحيح. وليس سرا أن تعاني الجهود والسياسات الدولية المصممة لمكافحة الإرهاب والتشدد من قصور.
ففي الماضي افترض الكثيرون أن الحلول العسكرية يمكن أن تحقق أهدافها، ولكنها أثبتت فشلا في كل مرة، أو ان الأفكار الخاطئة والكاذبة لا يمكن ان تتغير أو تمحى عبر القنابل والبنادق. وهذا نابع من عدم اهتمام القادم أو اعتبارهم لأهمية تدريس المبادىء الدينية الصحيحة وتجاهلوا دور القيادات الدينية الحكيمة في التغلب على المشاكل التي تواجه المجتمعات اليوم. ففي الوقت الذي يتحمل فيه القادة السياسيون مسؤولية حماية البلاد فإن القادة الروحيين يمكنهم التأثير وتشكيل روح الناس وهذا أكثر أهمية في حل مشاكل المجتمع. ولا غرو أن المصدر الرئيسي الذي يبقي على ما يطلق عليه ‘الإرهاب الإسلامي’ حيا هو الجماعات المتشددة التي تستخدم الإسلام لإرواء عطشها للعنف. وعندما ننظر إلى أرضيتهم الأيديولوجية والطريقة التي تدربوا فيها نرى بوضوح تأثير الجماعات الماركسية والشيوعية عليها وأن أتباعهم وبشكل كبير من المتطرفين غير المتعلمين. ومع ذلك فالفوضى والإرهاب هما وسيلتان ضروريتان استخدمتهما الماركسية وهذا واضح من كلام لينين ‘لا نستطيع رفض الإرهاب، لأنه الشكل العسكري الوحيد الذي يناسب في مرحلة معينة من المعركة’. ويقول ‘عندما يتهمنا البعض بالقسوة فإننا نتساءل كيف ينسون المبادىء الأولية للماركسية’. ومن هنا فـ ‘الإشتراكية العربية’ التي هزت العالم العربي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، كانت حركة جمعت في طياتها الشكل المتطرف من القومية والإشتراكية المتطرفة في العالم الثالث. واحتوت على نسخة معدلة من الشيوعية السوفييتية والقومية العربية المكثفة واتبعت بشكل عام المبادىء الماركسية للنزاع أو ما أطلق عليه التطور الدياليكيتي. وفي هذا التفكير الدياليكتيي فالحرب لا نهاية لها. وبحسب الرؤية هذه هناك نزاع طويل الأمد وصراع دائم بين الأضداد. ولحد ما كان صدام حسين في العراقوجورج حبش في فلسطين، وأحمد بن بله في الجزائر والحبيب بورقيبة في تونسوغيرهم قادة ماركسيون، ومن جاءوا بعدهم للحكم ظلوا تحت تأثير الأيديولوجيات الماركسية، ومزجوا بين التعاليم الإلحادية والتقاليد الإسلامية في المنطقة. ونتيجة لهذا خرج نموذج غير صحيح أو نقي عن الإسلام خلط بين التعصب وعدم النقاء ولم يعد بالتالي يمت للإسلام الصحيح بصلة. ولهذا وحتى تقوم حملة فكرية ضد هذه الأشكال من الأيديولوجيات التي تشكل أساسا للإرهاب والقتل فقتل الإرهابيين وقادتهم واستهدافهم بالقنابل أو سجنهم لن يكون نافعا. وبالتأكيد شاهدنا هذا يحدث خلال العقود الماضية مرة بعد أخرى، فالحملات العسكرية أو الدبلوماسية الدولية الملمعة لا تنفع ضد الإرهاب. فعندما يتم فصل التعليم عن الدين ويصبح الدين نقطة ضعف غير المتعلمين، وخرافات أو مجموعة من الأفكار المتشددة التي تنتشر بسهولة، فعندها يوضع الأشخاص الذين يأتون بأفكار مشكوك فيها عن الدين والتي تقف على طرف النقيض مع الدين الذي يزعمون أنهم يمثلونه في مقام عال وتنتشر أفكارهم بسرعة. لا يمكن تحرير العالم من الإرهاب والأفكار المتشددة والقاسية والعنيفة إلا من خلال حملة توعية وتعليم للدين الصحيح وحملة فكرية ضد الأيديولوجيات الإلحادية التي تبرر سفك الدماء. وعلينا البحث عن طرق جديدة للتعامل مع المشاكل ويجب أن نتحرك نحو عهد جديد لهزيمة سفاكي الدماء والراديكالية مسلحين بالعلم والثقافة والحب. فمثل الملح الذي يذوب في الماء تذوب عقلية الإرهابي في وجه مبادىء العلم. ومن هنا فالإرهاب والراديكالية لا يمكن هزيمتهما بقوة السلاح مهما كانت القوة والتكنولوجيا المستخدمة متقدمة أو ضاربة. فلا يمكن هزيمة الإرهاب والروح التي تدفعها إلا من خلال الثورة الفكرية.
سينيم تيزيابار ‘ كاتبة تركية نقلا عن القدس العربي |