زواج مصر بامريكا ليس شرعيا او مسيارا ولا يجب ان يكون اساسا |
الاثنين, 05 مايو 2014 09:41 |
بدأت مصر تفقد دورها القيادي والريادي في المنطقة العربية، والعالم الثالث منذ ان وقعت اتفاقات كامب ديفيد ووضعت كل بيضها في سلة الولايات المتحدة الامريكية ورهنت قرارها المستقل، وسيادتها الوطنية مقابل مساعدات سنوية تصل الى مليار ونصف المليار دولار تذهب معظمها لشركات السلاح الامريكية.
ولهذا لم يكن من قبيل الصدفة ان يخرج السيد نبيل فهمي وزير الخارجية المصري عن كل الاعراف والتقاليد الدبلوماسية والسياسية المتبعة ويؤكد، في محاولة تزلف للادارة الامريكية، ان العلاقة بين القاهرة وواشنطن “زواج شرعي”.. وليست نزوة لليلة واحدة”.
فالمستوى الاجتماعي والتعليمي والتربية السياسية والوطنية لوزراء الخارجية في مصر بدأ يتراجع بطرق غير مسبوقة في الفترة الاخيرة، وهذا امر غير مستغرب في ظل حالة الارتباك وعدم الاستقرار التي تمر بها مصر في الوقت الراهن.
وزارة الخارجية المصرية حاولت ان “ترقع″ تصريحات وزيرها، في خطوة يائسة للخروج من هذا المأزق الحرج الذي وضعها، والبلاد كلها فيه، عن طريق اعادة تفسير التصريحات، حيث قال السيد بدر عبد العاطي المتحدث باسمها “ان التصريح المنسوب لوزير الخارجية حول العلاقة المصرية الامريكية غير دقيق، وان ترجمته من الانكليزية الى العربية غير صحيحة.. فالوزير لم يذكر ان العلاقة بين البلدين علاقة زواج وانما علاقة ممتدة على مدى طويل ومتشعبة، ومثل الزواج تحتاج الى كثير من الجهد والمتابعة ويتخذ خلالها قرارات عديدة في مجالات متعددة، وقد تتعرض بين الحين والآخر الى بعض المشاكل”.
قليلون اقتنعوا بمثل هذا التفسير الذي لم ينجح في امتصاص حالة الغضب في الشارع المصري، وفتح ابوابا عريضة للسخرية والنكات، والمصريون معروفون بحسهم النقدي الساخر واللاذع في الوقت نفسه، وهناك من قال ان وزارة الخارجية ببيانها هذا ينطبق عليها المثل الذي يقول “جاء يكحلها عماها!”.
العلاقات بين الدول من المفترض ان تقوم على الندية وليس على التبعية، صحيح ان الولايات المتحدة الامريكية دولة عظمى، ولكن مصر ليست دولة صغيرة، او “ميكروسكوبية في المحيط الهادي” وانما دولة اقليمية عظمى، ومن الخطأ استخدام عبارات او توصيفات لا تليق بها ومكانتها مثل تلك التي استخدمها الوزير فهمي.
مصر العظمية عاشت اكثر من ثمانية آلاف عام قبل ان تظهر امريكا الى الوجود، ويكتشفها اميرغو فيسبوتشي قبل كولومبوس، اي انها تستطيع ان تعيش وتزدهر بدون اموال المساعدات الامريكية التي تكبل سيادتها وقرارها المستقل، ويكفي الاشارة الى ان ما قدمته الدول العربية من مساعدات مالية لمصر في الاشهر الستة الماضية (30 مليار دولار) اكبر من مساعدات امريكا لها على مدى ثلاثين عاما.
لا نريد ان تكون العلاقة بين مصر وامريكا علاقة عشق او نزوة عاطفية، او زواج شرعي او عرفي او مسيار او متعة، نريدها علاقة تقوم على الندية والاحترام المتبادل، واحترام للعراقة المصرية، واحترام للحضارة امتدت لآلاف الاعوام.
مصر في عصر تعددية القوى العظمى العالمية، وكسر احتكارها الهيمنة الامريكية على مقدرات العالم، بحاجة الى سياسة خارجية مستقلة، واقامة تحالفات مع القوى الجديدة الصاعدة مثل دول البريكس، اي الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب افريقيا كمقدمة لكي تقتفي اثرها وتصبح واحدة منها، وليس ذلك على الله ومن ثم الشعب المصري بكثير.
“راي اليوم” |