من الاحتلال الإيطالي إلى سقوط القذافي .. تاريخ ليبيا في قصر “المنارة”
الجمعة, 21 فبراير 2014 00:42

altبنغازي (ليبيا) ـ معتز المجبري ـ  لـ”قصر المنارة” في مدينة بنغازي شرقي ليبيا مكانة خاصة لدي الليبيين، فجمال القصر وحضوره التاريخي يمثل ميزة فارقة عن كل الأماكن المعمارية في البلاد. صفتان تميزان القصر عن غيره من معالم

 ليبيا، أولهما، كونه بني في عهد الاحتلال الإيطالي لليبيا، وهو ما يذكر الليبيين بجهاد أجدادهم ضد الاستعمار، وتضحية آبائهم في تلك الحقبة (بين عامي 1911 و1951).

الصفة الثانية التي تميز قصر “المنارة”، هي أن إعلان الاستقلال الرسمي لدولة ليبيا يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول 1951، كان من شرفة هذا البناء، عندما خطب ملك ليبيا آنذاك إدريس السنوسي (أول حاكم بعد الاستقلال من عام 1951 وحتى 1969)، في الجماهير من شرفته.

فخلال احتلالهم لليبيا، بنى الإيطاليون هذا القصر ليصبح مقراً لوالي برقة الإيطالي (المنطقة الشرقية) عام 1928، فسكنه إتيليو تروتسي، الذي كان حاكما لمستعمرة برقة  بين عامي 1926 و1928، وبرز سياسياً في الدولة الإيطالية الفاشية، وتم تعيينه وكيلاً لوزارة الداخلية، ثم جرى نقله إلى ليبيا للمساعدة في قمع الثورة بها ضد التواجد الإيطالي. بعد تروتسي، سكن القصر إيتالو بالبو، الذي كان آنذاك حاكماً عاماً لمستعمرة ليبيا، ولقي حتفه في قصف إيطالي أصاب طائرته في مطار طبرق (شرق) أثناء هجوم جوي إيطالي على طبرق. 

ثم خلفه رودولفو غراتسياني، الذي قابل في القصر عمر المختار، الذي يلقبه الليبيون بـ “شيخ الشهداء”، قبيل إعدامه، وكان بالبو آخر والي إيطالي أقام في قصر “المنارة”.

عُرف القصر في البداية بعد إنشائه باسم قصر الحاكم، والبعض أطلق عليه “قصر غراتسياني”، نسبة إلى رودولفو غراتسياني، الذي كان قائدا عام للجيش الإيطالي في ليبيا.

وجرى إنشاء القصر على مرحلتين، الأولى عام 1913، حيث تم تشييد الجناح الغربي المطل على البحر الأبيض المتوسط، بينما تم بناء الجناح الشرقي، المطل على الشارع الرئيسي وميدان الخالصة (وسط  بنغازي)، حيث توجد بوابته الرئيسية، عام 1928.

والمفارقة أن المكان الذي كان رمزاً للاحتلال الإيطالي لليبيا، هو المكان نفسه الذي شهد معاهده الصداقة بين الدولتين. ففي 30 أغسطس/آب 2008، جرى في قصر “المنارة” التوقيع على معاهدة الصداقة والشراكة والتعاون بين ليبيا وإيطاليا، حيث كان وقتها مقراً تابعاً لـ”اللجنة الشعبية العامة” (رئاسة الوزراء) في بنغازي. والقصر نفسه، في منتصف بنغازي، تحول بعد الثورة الليبية (17 فبراير/شباط 2011)، إلى مكان لعرض الأسلحة التي استخدمها العقيد الليبي الراحل معمر القذافي (حكم من 7 يونيو/حزيران 1942 وحتى 20 أكتوبر/تشرين الأول 2011)، في حربه ضد الليبيين إبان الثورة، إضافة إلى عرض صور لمعارك وشهداء الثورة الليبية، تحت اسم “معرض جرائم الطاغية” (في إشارة إلى القذافي). وللثقافة حضور في قصر، “المنارة”، إذ خصصت الحكومة الليبية أحد أجنحته ليكون مقراً لوزارة الثقافة والمجتمع المدني، وقبلة لمثقفين وأدباء وشعراء مدينة بنغازي، التي اتطلقت منها شرارة الثورة على القذافي. كما لم تغب العلوم هي الأخرى عن القصر الليبي الشهير، إذ خصصت الحكومة أيضا أحد أجنحة قصر “المنارة”، ليكون معهداً لتدريس علوم الإدارة والمحاسبة.