لأول مرة في حياتي أتمنى ان أكون فدائيا أو انتحاريا
الثلاثاء, 24 ديسمبر 2013 10:20

‏‎Seyid Niass‎‏لأول مرة في حياتي أتمنى ان أكون استشهاديا وفدائيا أو انتحاريا قد لا تكون هذه الكلمات مترادفة عند البعض لكن النتيجة واحدة . في مطار لاغوس وانا في انتظار رحلتي الى أبوجا جلس بالقرب مني رجل ذو ملامح أوروبية رأيته ينصت لكلامي بانتباه وانا اتحدث على

الهاتف مع صديق في موريتانيا. انتهت المكالمة فبادرني الرجل قائلا دي الحسّانية هل انت موريتاني ؟ اندهشت وقلت من انت ؟ وما ادراك بالحسّانية ؟ فاسترسل في الكلام يحدّثني عن العربية كلغة جامعة وثرّة ، وعن لهجات العرب البائدة منها والباقية ، كان رائعا في تحليلاته واستنتاجاته الفنية والأدبية وأكثر من رائع في أسلوبه الجميل ولغته الانزياحية الشيقة . لا يزال هذا الاوروبي يسحرني بحديثه الممتع شعرا وسجعا ونثرا ولا ازال منبهراً غير مصدق كيف يتقن هذا الأعجمي لغات العرب وآدابها بشكل يعجز عنه الكثير من العلماء والمثقفين أبناء العرب. أحببت هذا الانسان المبدع . وفي غمرة المتعة والانبهار والحبّ مدّ المبدع يديه مودعا ومتمنيا لي السلامة ، وقبل ان أقوم لمعانقته أردف معرّفا عن نفسه قائلا لي : أنا اخوك وابن عمك فلان بن فلان من يهود القدس. ارتعدت فرائصي وتسمّرت مكاني فاغرا فاي من هول الصدمة . هزّ اليهودي رأسه متحيّرًا مما أصابني ومضى لحال سبيله متمتما بكلمات . وبقيت هناك كالمشلول على مقعد غير متحرك . بعد حين ينبهني احدهم قائلا : don't miss your flight لا تفتك الرحلة . وحين هممت بالقيام أصبت بالدوار وكدت اتقيأ، لكنّي تحاملت على نفسي وكنت آخر راكب يٌوصد بعده باب الطائرة . جلست على مقعدي ولا أكاد اتنفس كمن حطّ على صدره جبل . بعد وقت قصير استرجعت شيئا من عافيتي وإذا بالمقدسيّ يربت بيده على كتفي ويقول : سلامتك ، لم أردّ له المجاملة ولم ألتفت ناحيته ، لقد تحوّلت من منبهر الى محتقر، ومن محب الى مبغض، ومن مستمتع بالحديث الى كمن يصبّ في أذنه الآنك . تبدأ الطائرة في التحرك للطيران ويبدأ الركاب حولي في تلاوة دعواتهم طلبا للسلامة والوصول في أمان . تحلّق بنا الطائرة في سماء لاغوس ، وكلّي دعاء ان تشتعل أو تهوي بنا في مكان سحيق . لست ادري ما أصابني لكنّي أردت بصدق ان أكون سببا في موت يهودي ، ولو على حساب حياتي وحياة الآخرين . تأسفت كوني لا احمل قنبلة ولا مواد متفجرة ، لكن كما يقول الحديث : سلاح المؤمن الدعاء. دعوت من كل قلبي سرا وعلنا أن يستجيب الله دعائي ، لكن الطائرة حطت بنا في سلام . شعرت بإحباط شديد وبخيبة أمل كبيرة لم أفلح في المهمة الاستشهادية او الانتحارية . فكّرت في الانضمام الى حزب الله او حماس علّي أتدرب على الاختطاف والتفجير فلم أجد سبيلا . وها أنا اجلس اليوم على مائدة الإفطار أضحك على نفسي بعد ان صفا ذهني وبردت أعصابي . استجاب الله دعاء اليهودي الذي تمنى لي السلامة وتمنيت له الهلاك .

-------------

من صفحة الأستاذ السيد ولد انياس